مدينة النحاس .. من العجائب

[*Casper*]

مدينة النحاس ج3 الآخير



قال فعزمنا على الانصراف فقالت الأدلاء : أيها الأمير إن الطريق الذي جئنا منه لايمكن الرجوع منه لأن الأمم التي حول تلك الطريق قد علمت بمجيئنا ونخشى أن يحولوا بيننا وبين الطريق ولا قدرة لنا على قتالهم ولاكنّا نعدل على جهة أخرى على امة يقال لها منسك قال: فخرجوا على أرض كثيرة الأشجار والأنهار والوحوش على غير طريق حتى وصلوا بعد أيام إلى مدينة عظيمة وإذا بقوم كأن كلامهم كلام الطير لايفهم قلما رأونا أحاطوا بنا وعليهم أنواع السلاح وهم كالجراد كثرة فأيقنا بالهلكة حتى خرج ملكهم عليه لباس الملوك وحوله الخدم فلما رآنا أقبل علينا وحده وسلّم علينا بلسان عربي ففرحنا لما فهمنا كلامه واستبشرنا فقال : أيها الناس من أنتم ومن أميركم وفيم دخلتم هذه الأرض فإنا ما رأينا أحداً مثلكم قال : فخرج إليه الأمير موسى بن نصير وسلّم عليه , وقال : أيها الأمير أنا أمير قومي وأنت أمير قومك ، ونحن قوم من العرب من حزب أمير المؤمنين ولنا حديث إذا نزلنا واسترحنا من تعب السفر أعلمناك بأمرنا . فقال الملك إن أرضنا كثيرة الحر وسط النهار لميل الشمس على أرضنا وسآمر بإنزالكم في بعض الأودية لتسكنوا فيه من الحر كثير الشجر والماء شاهق الجبال ثم أمر بعض أمرائه أن ينزلنا ويقوم بكل ما نحتاج إليه من الطعام والعلف وغيره فأنزلنا في واد كثير العيون والشجر وجاء إلينا بكل مانحتاج فأقمنا في خير موضع ثم إن الملك أقبل إلينا في جماعة من أمرائه وحشمه فتلقيناه بالترحيب وشكرناه على ما اولانا من الإحسان فأعتذر إلينا ثم جلس وأمرائه قيام على رأسه للخدمة في أحسن هيبة فقال له الأمير موسى بن نصير : أيها الملك من أنت من قومك ومن أي الأمم أنت ؟ فقال :أما نحن فأمة من ولد منسك ابن اليفز من ولد يافث بن نوح عليه السلام ، وأنا ملكهم أرث الملك من آبائي فيهم وقومي أمم لاعدد لهم في بلاد كثيرة ورساتيق وقلاع وحصون فأخبرني من أين أنت وما أدخلك هذه الأرض . فقال : أيها الملك نحن قوم من العرب من جند خليفة المسلمين عبدالملك بن مروان كتب إليّ بما أرى فيها فخرجت لأمره ووصلت إلى المدينة ولم أجد باباً احتلت بكل حيلة فلم أقدر على دخولها ورأيت ألواح الرخام ورأيت البحيرة . فقال الملك : أما المدينة فقد رأيتها ، وأما الألواح فعلى كل عاقل يحفظ تلك الوصايا والمواعظ التي عليها . فقال له موسى : أيها الملك كيف تعلمت لسان العرب ولا أرى في قومك من يكلمنا به غيرك ؟ فقال الملك : ما من لسان أمكنني تعلمه إلا وقد تعب في معرفته دهراً وأنفقت على تعلمه ، والملك إذا لم يصلح نفسه بأن يزيد فضائلها كيف يصلح لرعيّته ومعرفة اللسان زيادة إنسان فكل لسان إنسان ، فاستأذنّاه في الرحيل فأذن لنا وزودنا وأخرج معنا أدلاء يخرجوننا من بلاده على أسهل الطرق فسلّمنا عليه وانصرفنا حتى وصلنا إلى الأندلس بعد ثمانية أشهر ، ثم كتب موسى بن نصير إلى عبدالملك بن مروان بجميع ما رآه كن أمير المدينة والبحيرة فلما وصل الكتاب إلى عبد الملك تعجب من أمر المدينة ومن تلك المواعظ والوصايا التي على الألواح وأسماء الملوك وذكر النبي صلى الله عليه وسلم وشرف أمته ، والله اعلم بصحة ذكر ذلك ، والعهدة على ذكر من ذكر ذلك أولا .....


ربما أورد لكم قريباً قصة عرفطة بن شمراخ ( من هواتف الجن )