أبْيضٌ و أَسْود

[م.دافووور]

أبْيضٌ و أَسْود



عَشِقتُ هَذهِ اللّونَينْ ..

فَفِيهمَا غُموضٌ وَ صَفاءْ .. وَ شرٌ و نَقاءْ .. أَمْراضٌ و دَواءْ ..

لا أعلَمُ سِرّها .. يَنبعُ لَدي إِحْسَاسٌ بأنهُما أَسَاسُ كُل شَيء

بلْ يتملكُني !!

فَبهما تَقوم قائمةُ الحُروبْ .. وبهمَا تَكتمِل عُقود تلكمُ اللّوحَةُ الجَميلة

بهما يُغطينَا الّليلُ بِسُكونِه .. وتُشعْشِعُ خُيوط الصُبح وتُلهمنَا عَصافِيره

لمَاذَا يسْعَى النّاسُ لتَفْريقهمْ .. وَهُمَا مُرتَبِطانْ .. بلْ هُمَا وَاحدْ!!

مِنَ المُؤسِف اَنهُمْ ..

لمْ يَجْتمِعا اللّا فِي الزّمنِ الجَمِيل ..المْ يَشْهدِ الجَميعُ بِذلكْ!!







دَآئِماً ..

مآ يُلصِق النّاس السّواد بِالحقْدِ والكَرَاهِية .. بيْنَمَا هُوَ ليْلٌ يُعانِقُ العُشّاقْ ويَجْمَع الأَحِبّة

البَياضُ هُوَ ذلِكَ الصّفاءُ وَالنّقَاءْ .. وأَيْضاً هُوَ كَاشِفٌ لِكُلِ شَي .. حتّى الظُلْمْ







نَسْمعُ كَثِيراً ..

الحَيَاةُ الْوانْ ..

إِنّهُ مُجَردُ شِعَار .. وَبرّاقٌ أَيضاً ..

فالأَلْوانُ جَمِيعُها وَهْمْ ..

نَعَمْ إِنّهَا زَيْفٌ وَ وَهْم !!

التَفتْ عَنْ يَمِينك وَشَمَائِلكْ وَحتّى بِالأَسْفَل مِنْ قَدَمِك وأَعْلاهَا ..

انْظٌرْ اِلى كُلّ شَيءٍ أَلِفتَـه .. أَوْ لَمْ تَرَه بَعدْ ..

انْظُرْ إِلَى كُلّ شَيءٍ بِعقْلِك .. لا مَا تَوَارثهُ النّاسُ مِنْ أَسْماءْ ..

انظُرْ اِليْه .. وأَمعِن النّظَر جَيداً

فَسَتجِدهُ حَتماً مَحصُورٌ بَيْنَ مَكْنُونِنَا العَظِيمْ










كَانَتْ ولآ زَالَتْ الأَلْوانُ هِيَ خُدْعَةُ الزّمَنْ وَأكذُوبةُ الأَجْيَالْ ..

فَهِيَ مُسميَاتٌ وَنُعوت لأَوْصَاف .. لا أَكْثَرْ ..

المُتَلونُون هُمُ المُخَادِعُون والمَارِقُون والمُنَافِقِينَ أَيضاً ..

المُتَلوّنْ هُو ذَلِكَ المُتَردْدْ الذِي يُخفِي وَرَآءَهُ مَالا نُرِيدُه ..

الأَلْوانُ هِي أوْصَافٌ .. للإِخْتِنَاق .. والْعِبْرَة .. الغَضَبْ .. وحتّى الحُب فِي أَغْلَبِ الأحْوَالْ

الأَلْوَانُ هِيَ مَانُرِيدُ أَنْ نَرَاه .. نُرِيدُ أَنْ نُسمّيهْ .. نُرِيدُ خِدَاعَ أَنْفُسِنَا بِه .. أَوْ الإِقْتِنَاعُ بِهِ أَحْيَاناً

نَرْكضُ وَنُصَارِع خلْفَ اللّا مَوْجود .. وَرَاءَ ذَلِك الخيْطُ الدّخُاني مِنْ صُنْعِ عُقُوِلنَا







لا تُحَاوِل التفْسير كَثيراً .. دَعِ الأُمُور تَسِير ..

فَعِندَ اتخَاذكَ ذلِكَ القَرَار الحاسِم .. تَأكدْ اَنه أَبْيَضٌ أَو أَسْودْ

وَبَعدَ اختِيَارك فالبَيَاض يَجرّ السّوادْ .. والسّوادُ ايضاً ..








تَرنِيَمة :

السّوادُ هُوَ الْخَيْر وَلَيسَ البَيَاض هُوَ الشّر ..

إِذَنْ الشّرُ هُوَ السّوَادْ والْخَيرُ هُوَ البَيَاضْ ..







كَتَبَهُ فِي تِلْكُمُ الّليْلَةِ البَيْضَاء
عبدالله ..
14-12-2009