مفاهيمنا(سلوكنا)تذكرة

[ابوالتيمان]

إن الإنسان هو أفضل المخلوقات على الإطلاق ،حتى لقد قيل -وهو قول حق أنه أفضل من الملائكة.
والإنسان فضله إنما هو فى عقله،فعقل الإنسان هو الذى رفع شأن هذا الإنسان وجعله أفضل المخلوقات ،ولذلك لابد من معرفة هذا العقل،وبالتالى لابد من معرفة التفكير ،ولابد من معرفة طريقة التفكير،لأن هذا الواقع المسمى بالتفكير هو الذى يجعل للعقل قيمته وهو الذى يعطى هذه الثمرات اليانعة التى بها تصلح الحياة ،ويصلح الإنسان، بل يصلح الكون كله بما فيه من كل شىء حتى الجماد والحيوان والنبات..
إن العلوم والفنون والأدب والفلسفة والفقه واللغة والمعرفة من حيث هو معرفة ،إنما هى نتاج العقل وبالتالى نتاج التفكير ،لذلك كان لزاماً للإنسان وللحياة وللكون كله أن يدرك واقع العقل ماهو ،وأن يدرك بالتالى واقع التفكير ،وطريق التفكير.
لقد قطعت الإنسانية هذه المسافة الطويلة من الحياة ومن عمر الزمن وهى تعنى أكثر ما تعنى بنتاج العقل،وبنتاج التفكير ،دون أن تعنى نفسها بواقع العقل وبواقع التفكير .
صحيح أنه قد وجد من يحاول إدراك واقع العقل ،من علماء المسلمين وغيرهم فى القديم وفى الحديث ،ولكنهم أخفقوا فى إدراك هذا الواقع،ووجد من يحاول رسم طريقة للتفكير ولكنهم وقد نجحوا فى نواح من ثمرات هذه الطريقة بالمنجزات العلمية ولكنهم ضلوا عن معرفة التفكير من حيث هو تفكير وضللوا غيرهم من المقلدين الذين بهرهم هذا النجاح العلمى ومن قبل منذ أيام اليونان ومن بعدهم إندفعوا فى الوصول الى التفكير ووصلوا الى ما يسمى بالمنطق ونجحوا فى الوصول الى بعض الأفكار ولكنهم أفسدوا المعرفة من حيث هى معرفة وكان المنطق وبالاً على المعرفة بدلا أن يكون -كما أريد له- سبيلاً للوصول اليها ومقياسا لصحتها. وأيضا الى هؤلاء الذين إندفعوا للوصول الى التفكير،قد وصلوا أيضاً الى ما يسمى بالفلسفة أو ما يعرف بحب الحكمة،والتعمق فى ما وراء الوجود،أى ما وراء المادة،فأوجدوا بحثاً لذيذ المعرفة لذيذ النتائج، ولكنه كان بعيداً عن الواقع ،بعيدا عن الصدق فكان أن أبعد عن الحقيقة ،وبعد عن الواقع،فضلل الكثيرين ،وانحرف بالتفكير عن جادة الصواب.
فهذا كله وأمثاله،إذا جاز أن نقول أنه بحث فى التفكير وبحث فى طريقة التفكير ،ولكنه-رقم كونه أوجد معارف وأوجد مجالاً للبحث،وأوجد ما ينفع الإنسان-لم يكن منصبا على واقع التفكير ولم يكن سائرا فى طريق الصواب،ولهذا لا يعتبر بحثاً فى واقع التفكير إنما هو بحث فى نتائجه وثمراته،ولم يكن طريقة مستقيمة للتفكير وإنما هو أسلوب من أساليب هذه الطريقة،جاء صدفةً من جراء البحث فى نتاج العقل،أو فى الثمرات ولم يأت فى واقع التفكير ولذلك يمكن أن يقال أن البحث فى طريقة مستقيمة للتفكير ولايزال مجرد محاولات تجرى حول نتاج التفكير لاحول واقع التفكير نفسه.
أما سبب عدم الأهتداء حتى الآن الى واقع التفكير ،وبالتالى الى طريقة التفكير ،فإنه راجع الى أن الباحثين قد بحثوا فى التفكير قبل أن يبحثوا فى العقل،لايمكن الإهتداء الى واقع التفكير الا بعد معرفة واقع العقل معرفة يقينية بشكل جازم،لأن التفكير هو ثمرة العقل والعلوم والفنون وسائر فنون الثقافة إنما هى ثمرة التفكير .لذلك فإنه لابد من معرفة واقع العقل أولاً معرفة يقينية بشكل جازم ثم بعد ذلك يمكن معرفة التفكير ويمكن معرفة طريقة مستقيمة للتفكير ثم بعد ذلك ،وعلى ضوئه ،يمكن الحكم على المعرفة هل هى علم أم لا ،أى يمكن إدراك أن الكيمياء علم وأن مايسمى بعلم النفس وعلوم الإجتماع ليست علماً،ويمكن الحكم على المعرفة هل هى ثقافة أم لا ،أى يمكن إدراك أن التشريع ثقافة ،وأن التصوير ليس ثقافة.فالمسألة كلها مبنية على أساس معرفة العقل معرفة يقينية جازمة ثم بعد ذلك ،وعلى ضوء هذه المعرفة،يبحث واقع التفكير،وبالتالى طريقة التفكير،وعلى ضوئها يمكن الوصول بشكل صحيح الى أسلوب التفكير،أو الى أساليب التفكير..
هذه هى المسألة ،فالوصول الى العلم والثقافة ،يجب أن يكون نتيجة لمعرفة واقع التفكير وطريقة التفكير وأسلوبه ،والوصول الى واقع التفكير يجب أن يكون نتيجة لمعرفة واقع العقل.وعلى ذلك لابد من معرفة واقع العقل معرفة يقينية جازمة ثم معرفة واقع التفكير..والى القابل من البحث ودمتم مفكرين