ليت «هيئة الاتصالات» ... سكتت!

[OoفرحoO]

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته

انقل لكم مقال عجبني من جريدة الحياة وقوي حبيتين اتركم مع المقال

أحبُّ شركات الاتصالات، وأكره هيئتها»، وعلى رغم أن الأولى استنزفتني بخدماتها التي «تجيب الضغط» إلا أنها تعمل، بينما الهيئة لا تعمل ولا تريد لأحد أن يعمل.
بل إنني أتوقع أنها (أي الهيئة) لو كان بيدها أن تعيدنا إلى «تلفون أبو قرص» لما ترددت.
هل أتهمها في ذلك؟ نعم، وهل هو حنق، نعم، نعم؟ أمّا لماذا فلا تتصوروا أنه نتيجة إلغاء «الزوجة الثانية» بلاك بيري، إطلاقاً، بل لأنني صراحة بحثت عن حسنة واحدة فقط أقول بسببها شكراً، فلم أجد سوى سجل «أبيض»، بينما استعرضت سيئاتها، فهالني ما رأيت. الكفة أرجح، فالقرارات تُتخذ من دون تقديم مبررات مقنعة، وأيضاً من دون احترام للمستهلك، والأكيد أنها ضد رغبته ومصالحه، ولعل آخر تلك القرارات هو تعليق خدمة «البلاك بيري»، بمبرر أنها لأسباب أمنية!
وطبعاً الهيئة تعتقد هنا أن مجرد طرح هذا المبرر سيكون كافياً لقطع الألسن كافة، وكان من الممكن أن يكون كذلك، بيد أن المتحدث الأمني منصور التركي صرح أنه لا علاقة لوزارته بالقرار بل هو قرار الهيئة، وهكذا أجهضت حملة «بررها» الفاشلة التي تقودها الهيئة بعد كل قرار.
لكن دعونا نذهب مع الهيئة ونفترض أن ما صرحت به صحيح، وأن «البلاك بيري» يمكن أو تم استخدامه فعلاً من جانب عناصر متطرفة، السؤال هنا: هل تم التأكد من أن الهواتف التي تم استخدامها غير مزودة بكاميرا وبلوتوث على سبيل المثال... إذاً هل لنا أن نتوقع حظراً لأي هواتف مزودة بتلك الخصائص؟ ودعوني أتساءل هل الذين في نيتهم القيام بأعمال إرهابية لديهم الوقت ليكتبوا رسائل بواسطة أزرار مجهرية لا تتجاوز بضعة ملليمترات؟ أليس الاتصال، مباشرة أسهل وأبلغ، لا سيما أن تلك العناصر لديهم شفرات يستخدمونها، وطالما كذلك فهل نتوقع أيضاً منعاً لأجهزة الجوال ككل لأسباب أمنية.
المؤلم ليس منع خدمة «البلاك بيري» أو «الماسنجر»، كما يحلو للمتحدث باسم الهيئة تسميته، بل هو تحجيم التقنية وتقنينها في وقت ينفتح فيه العالم على المزيد منها، والمؤلم أيضاً الطريقة التي تُفرَض على المستهلك والتعامل معه بهذه الفوقية، وإلا ماذا يعني أن تخرج الهيئة بقرار سيُطبق بعد ثلاثة أيام من إعلانه؟ فلنشاهد ما حدث في الإمارات عندما منحت مهلة للشركات لإيجاد بديل، وليس قطع الخدمة وإعطاء «الأذن الصمخا» للمستهلكين.
وحتى وإن كانت الهيئة مثلما ادّعت ونفت شركات الاتصالات، قامت بإبلاغ الأخيرة قبل ثلاثة أشهر بهذا القرار، فماذا عن التجار الذين لديهم «طلبية» أجهزة موجودة الآن في الجمارك؟ بل ماذا عن ذلك المستهلك الذي قام بشراء جهاز قبل الإعلان عن ذلك «الإجراء الأمني» بيوم واشترك في الخدمة؟
كل ما سبق يصيب بالحزن لأنه باختصار «محبط»، وأعود وأقول: ليس حجب الخدمة عن ذلك الجهاز تحديداً هو المؤلم، بل الطريقة التي تدار وتتخذ بها القرارات من دون أدنى احترام للمواطن المستهلك بصفته المستهدف الأول للخدمة.
الآن إذا كان كل ما ذكرناه يدعو للحزن فلنضعه جميعه في كفة ولنضع في الكفة الأخرى «إعلان انتهاك الخصوصية» الذي أعلنته الهيئة، فالسبب بحسب إعلانها عدم استطاعتها الاطلاع على الرسائل وغيرها التي يرسلها المشتركون في الخدمة، أنا أعتبر هذه «مجاهرة بالمعصية»، فهكذا وبكل بساطة يتم إبلاغنا أن كل ما نقوله ونرسله سواء بالجوال أو بالانترنت يتم الاطلاع عليه، هل يندرج ذلك تحت «كليشة» خصوصية المجتمع السعودي؟ أم تحت باب «الضرورات تبيح المحظورات؟!».
فما تتشدق به الهيئة يتعارض مع تعاليم الدين الإسلامي، وترفضه القيم الإنسانية، والآداب والأخلاق، الطبيعية والوضعية، ولو أن الهيئة «سكتت» لحفظت القليل من ماء الوجه أمام المستهلك، الذي كان في أقصى درجات الاطمئنان من ان خصوصيته مصانة ومحفوظة ومحمية، لا مستباحة وتتم معارضة مصالحه لعدم التمكن من استباحتها.
أخيراً: أشعر بالأسف لثلاثة، الأول: يتعلق بتخبط الهيئة في قراراتها. والثاني: لأن التقنية تأتينا سيراً كالسلحفاة وتخرج عَدْواً من دون أن تتوقف أو نستفيد منها. والثالث: لأنني سأتمكن أخيراً من حذف أسماء أثقلت عليّ في «الماسنجر»، وكنت أشعر بالحياء لحذفها... لقد تأخر القرار