خلف الحربي .. !
مناحي: البطولة المخجلة!
مثلما تحالف الجنرال عون مع حزب الله في لبنان فإنني سأتحالف مع المتشددين الذين تركوا أعمالهم وبدأوا في مطاردة فيلم (مناحي) في جدة والطائف وجازان والرياض، صحيح أنني من أنصار افتتاح دور العرض السينمائي في طول البلاد وعرضها وتربطني علاقة أخوية بالفنان فايز المالكي الذي قدم نفسه بشكل مختلف في مسلسل «إخواني أخواتي» إلا أنني لم أعد أطيق شخصية (مناحي) القميئة التي قتلنا المالكي بكثرة تكرارها حتى تحولت الشخصية الكوميدية اللطيفة ــ في بداية ظهورها ــ إلى شخصية استفزازية بكل ما تحمله هذه الكلمة من معنى.
قبل يومين تلقيت دعوات على الجوال والبريد الإلكتروني من أجل حضور عرض فيلم مناحي في مدينة الرياض، وشعرت بالقلق على المنظمين الذين خصصوا ريع هذا العرض الجريء لصالح مرضى السرطان، كان مبعث قلقي هو إمكانية حدوث بعض المضايقات غير القانونية من قبل المتشددين الذين لايترددون في الخروج على قواعد الاختلاف فيحاولون مصادرة حقوق الناس في اختيار ما يناسبهم، ولو كنت متواجدا في الرياض يوم عرض الفيلم لذهبت فقط من أجل الاستمتاع بمشاهدة الفيلم الآخر الذي سوف يعرض خارج القاعة حيث النقاشات البائسة بين المتشددين والمنظمين، أما فيلم (مناحي) الذي يعرض داخل القاعة فإنني متأكد بأنه فيلم لا يستحق المشاهدة دون حاجة لإضاعة وقتي في القاعة المظلمة.
أنا لا أحب مناحي والمتشددون لا يحبون السينما، إذن ثمة نقطة التقاء صغيرة بيني وبين قوى الإرهاب الفكري لذلك فإن المصلحة المشتركة قد تدفعني للتحالف معهم ضد هذه الشخصية السطحية التي تم تفريغها من كل أبعادها الدرامية بفعل التكرار الممل والنصوص المسلوقة والأداء المرتجل، ولكن المشكلة الحقيقية في هذا (التحالف المؤقت) أن شخصية مناحي سوف تكتسب أبعادا بطولية بسبب صراعه مع قوى التشدد ومن الأدلة على ذلك حصوله على مركز متقدم في قائمة الشخصيات الأكثر تأثيرا في الشرق الأوسط، فبئس البطل مناحي الذي اختطف قضية السينما وأصبح قائدا لامعا يخوض حربا أكبر منه بكثير.
مناحي البدوي المزعج الذي لا يقص شعره ويختطف بسهولة قلوب الحسناوات ولا يتردد في استخدام العبارات البذيئة في الاجتماعات الهامة ثم يتجول بروب الاستحمام في بهو الفندق هو شخصية تثير الشفقة أكثر من قدرتها على إثارة الضحك، مناحي مهرج الصحراء السخيف سوف تأكله الذئاب الجائعة دون أن يلتفت إليه أحد، فالقضايا النبيلة لا يتصدى لها إلا الأشخاص الحقيقيون.. ومناحي ليس واحدا منهم!