بشائر محمد
خليه في بيت أمه
منذ مدة ليست بالبعيدة اجتاحتنا موجة الحملات المنظمة والتي يقودها ويقوم عليها بعض الأفراد أو الجماعات. والتي تحمل كل واحدة منها شعارا يرمز إلى هدف هذه الحملة أو تلك ابتداء من حملة مقاطعة منتجات الألبان والتي حملت شعار خليها تخيس إلى حملة خليها تعنس مرورا بحملة خليها تصدي وقد نصل إلى حملة خليها تولّي. وخليها هنا بمعنى اتركها ودائما في الترك راحة.
وقد يكون أقسى هذه الحملات على الإطلاق حملة خليها تعنّس، فالمستهدف في هذه الحملة ليس منتجا استهلاكيا أو سلوكا مشينا. بل هي إنسان ذو أحاسيس ومشاعر وليس لهذه الحملة ما يبررها من وجهة نظري حتى لو كانت ردا على غلاء المهور فالفتيات غالبا لا ذنب لهن.
إلا أن هؤلاء الفتيات لم يقفن موقف المتفرج على امتهانهن بشعار كهذا في حملة تهدف إلى تركهن ومقاطعتهن كأي منتج دنماركي.
فهبّت مجموعة من الفتيات لإنشاء حملة مضادة بعنوان (خليه في بيت أمه) وأسّسن لهن (مجموعة) على الفيس بوك يتزايد أعداد المنضمات لها في كل يوم حملتنا ترفع شعارها:
ضد الشباب ذوي مستويات التعليم المتدنية والفاشلين ومع ذلك يطمحون للارتباط بفتاة متفوقة أو حاصلة على أعلى الدرجات العلمية بجدها وتعبها. إما طمعا فيها أو حتى (يكشخ) بها في المجتمع.
وضد الشباب مسلوبي الإرادة وعديمي المسؤولية.
ضد الشباب الحافي اللي عايش على فلوس البابا والماما.
وضد الشباب أصحاب البنطلونات (الطايحة).
وضد الشباب الباحث عن خادمة بعقد زوجة.
ضد الشباب اللي ماشي يعاكس كل وحده تعدي قدامه.
لهم ولكل من هم على شاكلتهم نقول بأعلى صوت (خليك في بيت أمك) بل بدأ بعض أولياء الأمور بطلب الانضمام لهذه الحملة لأنهم لا يرغبون بتزويج بناتهم لهذه الفئات من الشباب.
والنتيجة النهائية هي انعدام سياسة الحوار وظهور حالة من العداء والحرب المنظمة بين الطرفين الشاب والفتاة والتي يفترض بهما محاولة تفهم كل واحد منهما للآخر ومعرفة الظروف التي تحيط بهما مما أدى إلى تحول الحالة المفترضة فيما بينهما إلى حالة من التشنج بسبب استعداء كل منهما للآخر. والنتيجة ظهور بوادر الاستعداد لحملة أخرى يقودها الشباب وترفع شعار.. رجّال غصب عنك.
كل هذا يحدث في ظل غياب دور المؤسسات المسؤولة عن الأسرة والجهات المهتمة بتربية النشء فيجب أن لا يقتصر الأمر على الاهتمام بالأسر القائمة وطرق التقليل من نسب الطلاق بل يجب مكافحة الأسباب التي سوف تؤدي إلى عزوف الجنسين عن الزواج لسبب أو لآخر.