لَطَالَمَا أُعجِبتُ بطريقة ابن المقفّع [صاحب كتاب "كليلة ودمنة"] في الكتابة والتَّحرير ، والنَّص الَّذِي اقتبسته هُنَا غيضٌ من فيض من روائع ابن المقفّع الَّتِي استوقفتني ، وها هو ذا أنقله لكم ، للفائدة ..
قال ابن المقفّع في كتابه الشَّهير ”الأدب الكبير“ ‹ص103 طبعة دار الجيل› :
~~ إذا تراكمتْ عليكَ الأعمالُ ~~
~~ فلا تلتمسِ الرَّوْحَ(1) في مدافَعَتِها(2) بالرَّوَغانِ(3) منها ~~
~~ فَإِنَّهُ لا راحة لكَ إلاّ في إصدارها(4) ~~
~~ وَإِنَّ الصَّبرَ عليها هو الذي يخفّفُها عنكَ ~~
~~ والضّجر هو الذي يُراكمُها عليكَ ~~
~~ فتعهَّدْ من ذلك في نفسكَ خصلةً قد رأيتها تعتري بعضَ أصحابِ الأعمالِ ~~
~~ وذلكَ أن الرّجلَ يكونُ في أمرٍ من أمرهِ .. فيَرِدُ عليه شغلٌ آخرُ .. أَو يَأتِيهِ شَاغلٌ مِنَ الناسِ يَكرَهُ إتيانهُ ~~
~~ فَيُكَدِّرُ ذلكَ بنفسهِ تكديراً يفسدُ ما كان فيه .. وما وردَ عليهِ ! ~~
~~ حتى لا يُحكِمَ واحداً منهُما! ~~
~~ فإذا وردَ عليكَ مثلُ ذلكَ ~~
~~ فليكن معكَ رأيُكَ وعَقلُكَ .. اللذانِ بهما تختارُ الأمورَ ~~
~~ ثم اخترْ أولى الأمرين بشغلكَ ~~
~~ فاشتغل بهِ حتى تَفرُغَ منهُ ~~
~~ ولا يعظُمَنَّ عليكَ فَوْتُ ما فاتَ ~~
~~ وتأخيرُ ما تأخّر ~~
~~ إذا أعملْتَ الرأي مُعْمَلَهُ .. وجعلتَ شُغلَك في حَقِّهِ ~~
~~ واجعل لنفسكَ في كلِّ شُغلٍ غايةً ترجو القُوَّةَ والتمامَ عليْها ~~
الهامش :
(1) الرّوح : الاستراحة
(2) مدافعتها : تمهيلها إلى يوم بعد يوم .
(3) الروغان : الانحراف
(4) إصدارها : إنجازها والفراغ منها .
انتهى
أمنياتي بقراءة ممتعة. تحياتي.