كلام جميل ووصايا اجمل،
ونلاحظ ان هذه الوصايا اختلطت بعدة جوانب : وهي تارة ان يكون لها كالزوج، وتارة كالأب ، وتارة كالأخ والصديق..وأن يكون حكيما في تصرفاته وأن لا يدقق كثيرا في سلوكها وتصرفاتها التي قد لا تناسبه.
غالبا ما يخالج الزوجين كثير من القلق في بداية زواجهما واحدها هو : هل يكون زوجا كما تتصوره زوجته، وكذلك الزوجة تتساءل هل تكون زوجة كما يتصورها زوجها.؟!!!
ولذلك يحدث ان يكون هناك تصورا ذهنيا قد بناه كل منهما في شخصية الآخر، وما أن تبدأ مسيرة الحياة الزوجية حتى تنكشف بعض السلوكيات التي قد لا يرغبها احد الطرفين من الآخر، فينصدم به الزوج او الزوجة لهذا الموقف او السلوك، والذي اذا لم يحسن احدهما التعامل لمعالجة هذه السلوكيات بأسلوب وتصرف نابع عن إدراك ودراية لربما تفاقم الموضوع اكثر على مر الزمن والسنوات، خصوصا عند المرأة حيث هي لا تنسى سوء التعامل من هذا الموقف حتى بعد عشر سنوات.
الجدير بالذكر ان بداية إرتباط الزوجين تعتبر هي اللبنة الأولى ومرحلة أولية من مرحلة بناء الزوجين، وبحسب طريقة بناء الزوجين لبعضهما تستقر الحياة الزوجية، فإن كان البناء صحيحا وعلى أسس صحيحة وحسب ما يرغبانه، كان بناء ما بعده سهلا.
وبناء الزوجين لبعضهما هو تعديل سلوك كل منهما للآخر حسب ما يتوافق تصور كل منهما في ذهنه ، فيتم بناء الزوج لزوجته من خلال التوضيح لها و ما يرغبه وما هو المناسب له والغير مناسب وكيف يريد ان تكون شخصية إمرأته وتصرفاتها وسلوكها، وكذلك الزوجة فإنها تفصح لزوجها عما يدور في ذهنها وكيف تتصور ان يكون زوجها وشخصيته؟
لحظة : وقفة تأمل !!!، عندما نقول بناء !! ماذا يدور في ذهننا؟!!! وهل البناء سهلا لهذه الدرجة أم يحتاج الى اشهر وسنوات؟
إن كثيرا من الزوجين ينسون او يتناسون انهم مقبلون على شراكة حياة وأن كلا منهما لديه شخصية مستقلة بذاته وطبائع وعادات مختلفة ، ولدى كل واحد منهما صفات متوقعه وصفات غير متوقعه لدى الطرف الآخر فيتفاجأ بها الزوج او تتفاجأ بها الزوجة،
وهنا يأتي دور البناء في تعديل هذا السلوك والصفات الغير مرغوبة والذي يحتاج الى الأدوات المساعدة في البناء وهي : التأني والحكمة والصبر وغض الطرف والحلم والاناة...، كما أن أهم نقطة من ادوات البناء هي عدم استعجال النتائج. ولماذا لا نستعجل النتائج؟!!!
لأن الزوجين لا زالا في مرحلة بناء، ومرحلة البناء يحتاج الى ان يفهم الزوجين لبعضهما اكثر و اكثر،
والنظر الى أن الارتباط مع شريك الحياة ليست يوم او اسبوع أو شهر، بل هي طول العمر، ولذلك يتطلب من الشريكين ان يبنوا بعضهما بعضا وهذا يتطلب التروي وعدم استعجال النتائج وكثرة الالحاح الذي يكون بسببه نشوء ضغوطات نفسية وعدم التحمل ونفاد الصبر فتكون هناك نزاعات وخصومات تؤدي الى تأخير عملية البناء. بل يجب النظر الى أن تقبل الطرف الآخر في تعديل سلوكه يعتمد على حسن الاسلوب والطريقة المناسبة لإقناعه واتخاذ الأداة المساعدة ( الصبر ) وفي خطوات مرحلية وزمنية، لأنها مرحلة بناء.
إن هذه الصفات والسلوك تم اكتسابه في سنوات عمرهما، وتعودا عليه، فكيف يريد الزوج او الزوجة ان يعالجا هذا السلوك في يوم وليلة؟.!!!
كما لا بد الاخذ في الاعتبار ان الزوجين لا يمكن ان يفهموا بعض خلال اشهر قليلة بل يمتد الى اكثر من سنة، بل لا أبالغ ان قلت الى اكثر من خمس سنوات وهذا يعتمد على حسب إفصاح كل واحد منهما للآخر بما يدور في ذهنه، ومشاركته شريك الحياة، فعالم الزوجية مليء بالنفسيات والمفاهيم المختلفة التي لا يمكن استيعابها في ليلة وضحاها.
ولهذا السبب نجد ان احد الزوجين غير مرتاح في زواجه، علما بأنه مر على زواجهما قرابة عشر سنوات، ولو سألنا الزوج او الزوجة لماذا غير مرتاح؟ يقول لا يدري، ولكن في قرارة نفسه او نفسها أن احدهما يفتقد الى شيء لم يجداها منذ بداية الزواج ولكنه لا يدري ما هو.
ولكن يشعر أن هناك شيئا ناقصا في الحياة الزوجية ( لكنه ليس مؤثرا بحد كبير )، وغالبا تكون هذه حاجة نفسية عاطفية لم يتم اشباعها من احد الطرفين ولكنه يجهلها فعلا، ولا يشعر بها إلا اذا تحصل عليها. وفي هذه الحالة يكتشف او هي تكتشف انه فعلا هذا الذي كان احدهما يبحث عنه و وجده.
خلاصة القول :
أن فهم نفسيات الازواج لبعضهما لا يكون الا بعد مرور خمس سنوات واكثر، ومن ثم تأتي الخبرة في الحياة الزوجية والتي على اساسها يدرك الزوجين ان ما كانا عليه هو صح أم خطأ، وهل هما فعلا فهما بعض ام لم يفهما بعض؟!!، وعليهما تدراك مايجب ان يتم تداركه فيكون هناك ترميم للأخطاء الذي وقعوا فيه في مسيرة البناء، وحتى تستمر الحياة الزوجية بسعادة وهناء.
اضافة انه لا نتصور ان يكون الزوج ملما بهذه الوصايا وانه يلعب جميع الادوار زوج ، اب ، صديق من بدايات زواجه ولكن تأتي مع مرور الايام والزمن