[* تركي *]

/

من كلامكم شعرت بأنكم ترون الحياة في المجتمع البريطاني ( الذي يكن العداء للمسلمين منذ أيام حروبنا مع الروم ومرورا بالحملات الصليبية وتأسيس - دولة اليهود- في فلسطين , إلى الحرب على العراق وأفغانستان) أفضل من عندنا , وهذا شيء طبيعي من تفاوت وفرق بين الثقافات .

الوَاقع يَتحدث لـِ مَن يُنصت. المُجتمع كـَ مصطلح إجتماعي بحت يَتغير بـِ تغير العوامل التاريخية غير الثابتة. فـَ لا يَصح أن تَصف المجتمع البريطاني القديم وَ تربطه بـِ المجتمع الحديث القائم. صَحيح أنهما متماثلان تقريباً ولهما نفس الطابع و الخصائص. لكن المقومات تختلف كون أن الأنظمة وضعية وَ تتغير بـِ استمرار مزامنةً لـِ ظهور تغييرات إجتماعية جديدة. وَ ما كتبه هذا الطالب المبتعث هو مجرد خلاصة ما استشفته روحه العربية المتقلبة الحائِرة !. فهو لم يكفر و لم يرتد ، بل رأى الدين الإسلامي الحَقيقي فِي جزء مِن تعاملات الإنسان الغربي و بَعض من القوانين التِي تضمن الحَق لأيٍّ كان.

الكاتب يحاول تلميع بريطانيا وأظهر إمتنانه لها كأنها من أنجبته وأرضعته !

أختلف مَعك إختلافاً كلياً هنا. فـَ هو كـَ إنسان عَربي مسلم ، نَشأ فِي مجتمع إسلامي عَربي بَحت ولكن واقعياً لم يكن إسلامي بقدر ما هو تشريعي. نَعم إنّ الناظر الان فِي مجتمعنا اليوم لا يرى الأخلاقيات الإسلامية كما يجب. بل سـَ يرى مجموعة مِن الأعراف البائدة وَ الأفكار المتحجرة وَ العصبيات الحارة وَ الحارة جداً. فـَ نحن هنا نسن مقومات مجتمعنا مِن الشريعة الإسلامية في الدرجة الأولى ، وَ لكن بدونِ تطبيق فعلي وعملي. وَ بالتالي سـَ يكن أمراً طبيعياً أن يشعر هذا الطالب بـِ الفرق الكبير بين مجتمعين الأول غربي مسيحي الثاني عربي إسلامي من المفترض أن يكن أفضل وَ أرقى من الأول بـِ مراحل عديدة. وَ لعل أعظم إختلاف قد تجده هو أنّ هناك إيمان تام بـِ مشروعية الدستور وَ سيادة القانون (بالرغم من أنه وضعي !) بـِ جانب أخلاقيات الإنسان الغربي المتجسدة في التعامل الراقي مع بينهم البعض. أما هنا فـَ أنت تَجد ثغرات كثيرة في طريقة تعاملنا مع دستورنا الإسلامي المشروع ( بـِ الرغم من أنه رباني !).

يظهر بريطانيا على أنها تقدر الإنسان أكثر من المجتمع المسلم , هل من تقدير للإنسان مثلا أن يكون هناك بارات وملاهي ليلية ؟ أو إنتشار الزنى وأمراضه في مجتمعهم ؟ ( مثالا وليس حصرا)

لا أعتقد أنه يقارن بَين المجتمع البريطاني وَ المجتمع المسلم. لا ، فـَ هناك الكثير مِن المجتمعات الإسلامية الراقية وَ النماذج في هذا الصدد كثيرة. بل هو يقارن بين المجتمع البريطاني و المجتمع العربي المتمثل فيه المجتمع الإسلامي - إن صح التعبير - . يـَ عزيزي المعنى الحقيقي لـِ التقدير لا يظهر إلا من خلال إعطاء حَق المساواة لـِ كل إنسان على الأراضي البريطانية مهما كانت أحقيته هنا أو مهما اختلف بـِ اختلاف الجنس و العرق و الدين.

لننظر إلى مجتمعنا , لماذا تدهورت السلوكيات والأخلاقيات عند الكثير ؟ ماذا كنّا ؟ المسلمون وحياة المجتمع المسلم كانت الأفضل , أنسينا الأندلس ؟ أنسينا دمشق ؟ أنسينا بغداد ؟ أنسينا سابق الدهر عندما كان - الغير مسلم - يحلم بأن يبتعث إلى بلاد المسلمين , ليحصّل العلم والمعرفة ويتأثر بسلوكيات وأخلاقيات المسلمين ؟ مالسبب في إنقلاب الحال ؟ مجتمعنا ليس سيئا - من الأساس - ! سبب ذلك كما أضن هو بعدنا -أفراد المجتمع - عن تعاليم الإسلام الحقيقية , وبعدنا عن ما وصانا رسول الله عليه الصلاة والسلام من حسن الخلق و طلب العلم والتمسك بديننا وتطبيقه عمليا في جميع مناحي الحياة ...

نَحن لآ نَتحدث عَن المُجتمع الإسلامي المثالي وَ الذي بـِ الفعل تَجسد فِي العصور الماضية. هَذا الكلام لا غبار عليه. بل نَحن نتحدث عن اليوم. عَن تجربة طالب مبتعث شَعر بـِ الإمتنان العَميق لـِ مجتمع غَربي مَسيحي يَحمل جزء كَبير مِن التعليمات الإسلامية بين طيات مجمل تعاملاته و معاملاته سواءً كانت علمية أو حَتى يومية صرفة.




::

شُكراً