[بحر الحرية]

أهلين بك أخي مرة أخرى..


يبدو أننا وصلنا للنهاية أخيرا..

إذا أنت ترى أن الحكم على أخلاق الشخص يكون من لباسه، وتنظر له بحسب لباسه وبقدر خطأه في لباسه، تنظر لأخلاقه. وقد قلت لك سابقا: هذه نظرتك أخي ضعها أينما تشاء وكيفما تشاء.

ولكني جلست أتخيل، أن نرى شخصا على حسب قولك ( مودرن ) ويظهر ما ذكرته في ردك، ومن ثم تتوجه أعيننا الكريمة للسوأة، ونقول: شخص حقييييير وسافل ودوني، وتخيلت أنه علم بهذا الكلام عليه، وودت أن أتصور ردة فعله، ولكن زاغت رؤيتي لفتاة أخرى في السوق، تلبس المخصر، واضعة ( ميك أب ) كاشفة لوجهها متبرجة بزينة، ونقول: ياحسرتااااه على بناتنا، أصبحن ناقصات أخلاق – ولن أقول عديمات أخلاق لأنك ترى أنها تضعف وتقوى بحسب الحال – لم تفعل ذلك إلا لأنها تريد وتريد وتريد ... ومن ثم تعلم بهذا الكلام، وودت أيضا أن أتصور ردة فعلها، ولكن أتتني صفعة من والدتي وقالت لي: ( سيبك من بنات الناس وعيال الناس وخليك في حالك وصلح أغلطاك وإذا صرت كامل تعال احكم على على عيال الناس يا حكيم ).


أنا أحترم رأيك ووجهة نظرك، لكني لا أراها صحيحة، فخطأ الإنسان أمر، وأخلاقه أمر آخر.


لكن أعيد للمرة المليون -وأتحدث عن نفسي-، ليس من حقي أن أوجه نظرتي لعلو أخلاق شخص ودناءة أخلاقه من لباسه، ربما يكون هناك أخطاء في اللباس، لي حق النصح والتوجيه، لكن ليس لي حق الاحتقار والنظر بنظرة دونية. فلم أر نبيا فعل ذلك، ولا صحابة ولا خلف ولا سلف ( إلا إن كان لديك دليل التفت إليه ولم ألتفت له فهاته)، وإنما ما رأيته منهم: توجيها صحيحا بحسب الحال والموقف.


هذا ما رأيته من نبيي عليه الصلاة والسلام عندما أتاه الشاب وقال له:
يا رسول الله: إئذن لي بالزنا !! فأقبل القوم عليه فزجروه وقالوا: مه مه !!..>> هذا حال كثير منا الآن

فقال الرسول صلى الله عليه وسلم : " أدنه ".
فدنا منه قريبا فجلس، فقال الرسولصلى الله عليه وسلم :" أتحبه لأمك؟! "
فقال الشاب : لا والله ؛؛جعلني الله فداءك.
فقال الرسولصلى الله عليه وسلم : " ولا الناس يحبونه لأمهاتهم ! أتحبه لإبنتك؟! "
فقال الشاب : لا والله جعلنيالله فداءك.
فقال الرسول صلىالله عليه وسلم : " ولا الناس يحبونه لبناتهم ! أفتحبه لأختك؟! "
فقال الشاب : لا والله جعلنيالله فداءك.
فقال الرسول صلىالله عليه وسلم : " ولا الناس يحبونه لأخواتهم ! أفتحبه لعمتك ؟! "
فقال الشاب : لا والله جعلنيالله فداءك.
فقال الرسول صلىالله عليه وسلم : " ولا الناس يحبونه لخالاتهم !! "
فوضع يده عليه وقال صلى الله عليه وسلم : " اللهم اغفرذنبه وطهر قلبه وحصن فرجه"


والنتيجة:
"فلم يكن بعد ذلك الفتى يلتفت إلىشيء."


فصلي اللهم وسلم وبارك على نبينا محمد.

هذا وهو يريد زناا!! ولم يقل عليه الصلاة والسلام: والله طحت من عيني، ياقليل الأدب، يا سافل، يا منحط، وحاشاه عليه الصلاة والسلام أن يقول.
أعتقد أني أجبت على سؤالك الأول والثالث،
فأنا لا أحكم على الأشخاص إلا بالمعاشرة، ومعرفة فكرهم وثقافاتهم، فأشكالهم لا تهمني بقدر ما أجد فيهم من احترام وتقدير، وأشكالهم لا تهمني بقدر ما أجد فيهم من عقل نير وحب الخير للآخرين ومساعدة الآخرين، ومن ثم - ربما وليس تأكيدا- أعطي لنفسي الحق في الحكم على أخلاقهم..
ولسؤالك الثاني عن اللباس والذي تريد فيه جوابا مفصلا، فأعيدك لردودي سابقا وبالأخص الرد 31 ، ستجد تفصييييييييلا. لأنه قد أتعبني التكرار..
ولاحظ عزيزي أنه لا يهمني اللباس لو كان خطأ، ولم يكن به تعد، فالعقاب بينه وبين ربه، وقد شرحت ذلك لك شرحا مفصلا.

ولكن أن نعطي لأنفسنا حق الاعتداء على آخرين بحسب أغلاطهم ونحكم عليهم وعلى أخلاقهم حكما متباينا بقدر الخطأ!!!!!
فإلى الآن؛ لا أدري من أين أخذنا هذا الحق أو من عمل به ؟!!!
ولذلك؛ سأتمثل بمن يقولون: دع ما لله لله، ما لقيصر لقيصر.
ولن أعطي لنفسي الحق في الحكم على الآخرين بحسب نظرتي البشرية الناقصة والبالية، بل سأخذ بوصية النبي عليه السلام لابن عباس رضي الله عنه عندنا قال له:
" احرص على ما ينفعك ".


أعتقد أن الإشكالية حلت الآن، أنت تعطي لنفسك الحق في الحكم على الأشخاص وترى هذا الحق يزيد وينقص بحسب ما تراه.
وأنا سأبقى كما أنا، لا أعطي لنفسي الحق في ذلك أبدا لا بقليل ولا بكثير، بل سأعمد لتصحيح نفسي الأمارة بالسوء أولا..

تشرفت بالنقاش والحوار والحديث معك عزيزي؛؛

وعلى دروب الخير والمحبة والأخوة نلتقي؛؛

بحر الحرية..