InstagramTwitterSnapChat


 
وصف

العودة   منتديات سكاو > الكليات الجامعية > منتدى كلية الآداب والعلوم الإنسانية > قسم اللغات الأوروبية و آدابها > منتدى الملخصات والمواضيع المميزة (قسم اللغات الأوروبية و آدابها)
   
   


منتدى الملخصات والمواضيع المميزة (قسم اللغات الأوروبية و آدابها) قسم خاص يتم نقل المواضيع المميزة و الملخصات والملفات المهمه الخاصة بقسم اللغات الأوروبية و آدابها

تر جمة A Rose For Emily الصفحة 42

منتدى الملخصات والمواضيع المميزة (قسم اللغات الأوروبية و آدابها)

إضافة رد
 
أدوات الموضوع إبحث في الموضوع انواع عرض الموضوع
منتديات طلاب وطالبات جامعة الملك عبد العزيز منتديات طلاب وطالبات جامعة الملك عبد العزيز
  #1  
قديم 20-05-2008, 11:51 PM
الصورة الرمزية *Casper*

*Casper* *Casper* غير متواجد حالياً

Casper

 
تاريخ التسجيل: May 2008
التخصص: لغة انقليزيه
نوع الدراسة: إنتساب
المستوى: متخرج
الجنس: ذكر
المشاركات: 212
افتراضي تر جمة A Rose For Emily الصفحة 42


السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
منقوووووول لإخلاء المسؤلية نقرتين لعرض الصورة في صفحة مستقلة
واسم المترجم هونيك بالآخير :
1 )
حينما ماتت الآنسة إميلي غريرسون ذهب أفراد القرية جميعا لتشييعها : هيمن على الرجال نوع من الورع تجاه هذه الحياة التي أفلت و طغا على النساء شيء من الفضول لكسر أسرار منزلها من الداخل ، باستثناء رجل عجوز ، حاجب ، هو خليط من الحدائقي و الطباخ ، و الذي كان موجودا هنا طوال عشرة سنوات خلت.
كان البيت واسعا ، و له شكل تربيعي ، و فيما مضى كان أبيض ، و ق زينته قبب و أعمدة و شرفات فخمة ، تذكر بنمط السبعينيات المشرق ، و تسمح لك برؤية شارعنا الأساسي المحبب ، و الذي لم تبق منه غير الذكريات . هناك تجد مواقف سيارات و محالج قطن تلحق الخزي بمكانة الجيران النبلاء ، و قد انتصب منزل الآنسة إميلي بينها بطريقة عنيدة و هو على مشارف الانهيار. لقد كان يبدو وسط شاحنات القطن و محطات البنزين على سبيل عين متورمة بين عيون متورمة كذلك.
لقد توجب على الآنسة إميلي ، أن تنضم إلى أصحاب الألقاب حيث يرقدون في مقبرة حولتها أشجار السيدر إلى متاهة ، و بين أضرحة شهداء أو جنود مجهولين قاتلوا مع القوات الاتحادية و سقطوا في معركة جيفرسون.
كانت الآنسة إميلي و هي على قيد الحياة واجبا و عبئا : نوع من الضرورة الوراثية المفروضة على القرية ، و ذلك منذ عام 1894 حينا أعلن العمدة الفريق سارتوريس الذي أصدر قرارا يأمر بعدم خروج امرأة زنجية إلى الشوارع من غير مئزر ، بإسقاط الضرائب عنها ، و كان مفعول هذا القرار يبدأ من وفاة والدها و حتى نهايات العمر.
ليس من شيم الآنسة إميلي أن تقبل الصدقة لذلك اختلق الفريق سارتوريس قصة محبوكة زعم فيها أن والد الآنسة إميلي أقرض البلدة مبلغا من المال ، و على هذا الأساس ترى البلدة أن ترد الدين بهذا الأسلوب حفاظا على المصلحة العامة. ليس هناك غير شيخ من جيل و تفكير الفريق سارتوريس وحده يتمكن من فبركة مثل هذه الأساطير ، و ليس هناك غير امرأة واحدة فقط بمقدورها أن تصدق ذلك.
و حينما وصل الجيل اللاحق مع منظومة أفكاره الحديثة ، و صبح العمدة و مجلس المدينة منه ، خلقت هذه الترتيبات نوعا من الحرج . و منذ بداية العام الجديد أرسلوا إليها استمارة ضرائب. و لكن حلّّّ شهر شباط دون رد. فتقدموا إليها بطلب رسمي و دعوها للحضور إلى مكتب قائد الشرطة المحلية متى سنحت الفرصة. و بعد حوالي أسبوع ذكرها العمدة نفسه برسالة أخرى. و فيها عرض خدماته :أن يحضر شخصيا، أو أن يرسل لها سيارته. و كان الجواب الذي تلقاه مجرد ملاحظة على شريط من ورق ميت. كانت الكلمات مكتوبة بخط رفيع و هيروغليفي تقريبا، و بحبر باهت. و قالت إنها لا تغادر البيت على الإطلاق. كانت استمارة الضرائب مرفقة داخل المغلف و من غير تعليق أو استجابة.
دعا مجلس البلدة إلى اجتماع خاص ، و ذهب مندوبون عنه لمقبالتها. قرعوا الباب الذي لم يتجاوز عتباته زائر منذ توقفت عن إلقاء دروس في النقش على الخزف الصيني ، أي من حوالي ثماني إلى عشرة سنوات مضت. سمح لهم بالدخول زنجي طاعن بالسن. كانت القاعة مظلمة و لها سلالم تقود إلى مزيد من العتمات. و للمكان رائحة الغبار و الإهمال، رائحة غريبة تفرض عليك حصارا خانقا. ثم أفسح الزنجي لهم الطريق باتجاه ردهة أخرى. و تلك كانت مفروشة بأثاث جلدي كتيم. و حينما فتح الزنجي غطاء إحدى النوافذ ، أصبح بمقدورهم رؤية الجلد القديم المتهالك. و في لحظة الجلوس ثارت زوبعة من غبار خفيف حول أقدامهم.و كانت حبات الغبار تدور في أشعة الشمس الضعيفة. و لكن أمام موقد النار كانت تنتصب صورة لوالد الآنسة إميلي في إطار من المعدن البارد.
نهضوا لتحيتها لدى دخولها. . إنها امرأة بدينة و صغيرة و بثوب أسود. تتقلد سسلسة ذهبية رفيعة تتدلى حتى خصرها و تتوارى في حزامها. و كانت تتوكأ على عكازة من السنديان ، ذات قبضة مغلفة بالذهب الباهت. و بالنسبة لقوامها فهو ناعم و معتدل و ربما لذلك السبب إن الترهل عند غيرها يبدو أشبه بالبدانة لديها. و كان منفوخة مثل امرئ مغمور في المياه الراكدة لفترة طويلة، مع تلك اللمحة التي تحيط بالمرضى و الموبوئين. أما عيناها فقد ضاعتا في غضون وجهها المتورم، و هما أشبه بقطعتين من الفحم مغروستين في عجينة من غير حدود. و كانتا تتحركان من وجه إلى آخر كلما حاول أحد الزوار المشاركة بالكلام.
لم تطلب منهم الجلوس. و اكتفت بالوقوف عند عتبة الباب تبتسم بتهذيب، إلى أن احتبس الكلام على لسان الناطق باسم الجميع. ثم أصبح بمقدورهم الانصات إلى صوت الساعة المتوارية و هي تدق عند نهايات السلسلة الذهبية.
و لاحظوا أن صوتها جاف و بارد حين قالت :" أنا لا أدفع الضرائب في جيفرسون. الفريق سارتوريس أخبرني بذلك. ربما بمقدور أحدكم استشارة سجلات المدينة ليرضي غروره ".
" فعلنا ذلك . نحن المسؤولون في هذه المدينة يا آنسة إميلي. ألم تصلك مذكرة من قائد الشرطة و موقعة بقلمه؟.
قالت الآنسة إميلي : " نعم . تلقيت ورقة بهذا الخصوص. ربما هو قائد الشرطة... و لكن أنا لا أدفع الضرائب في جيفرسون ".
" ليس هناك في السجلات ما يؤكد وجهة نظرك. و كماترين يجب أن تلتزمي بالـ... ".
" عودوا إلى الفريق سارتوريس. أنا لا أدفع ضرائب في جيفرسون "
" و لكن يا آنسة إميلي ...".
" عودوا إلى الفريق سارتوريس ( كان الفريق سارتوريس ميتا منذ قرابة عشرة سنوات ) لتعلموا أنني لا أدفع الضرائب في جيفرسون. طوبي !".
و هنا حضرالزنجي، فأضافت تقول: " افتح الباب لهؤلاء السادة ليغادروا ".

( 2 )

لقد طردتهم، كبارا و صغارا ، مثلما فعلت بآبائهم قبل ثلاثين عاما ، قبل أن تنتشرهذه الرائحة هنا.
حصل ذلك بعد حوالي عامين من وفاة والدها و بعد فترة قصيرة من رحيل من أحبت، الرجل الذي اعتقدنا أنهاستعقد قرانها عليه. في أعقاب وفاة والدها لم تكن تغادر البيت إلا عند الضرورة ، و لكن بعد غياب حبيبها ، أصبحت فرصة رؤيتها مستحيلة تقريبا. حفنة صغيرة من السيدات كانت لديهن النية لزيارتها ، غير أنها لم تستقبلهن ، و كانت الإشارة الوحيدة التي تدل على الحياة في المكان هي الرجل الزنجي ، بالأحرى الشاب الزنجي الذي يذهب و يأتي بسلة التسوّق.
قالت السيدات : " كما لو أن الرجال على وجه العموم يحسنون القيام بأعباء المطبخ ".
إذا لم تتملك السيدات الدهشة حينما انتشرت الرائحة في المكان. لقد كانت ارتباطا إضافيا بين عالم رحب و مشغول من جهة و آل غريرسون أصحاب النفوذ و السمعة من جهة ثانية.
و قد اشتكت امرأة من الجيران تبلغ ثمانين عاما إلى القاضي ستيفنس عمدة البلدة.
فقال : " و لكن ماذا تريد مني أن أفعل يا سيدة ؟".
قالت المرأة : " لم لا تطلب منها بكلمة مختصرة أن تضع حدا لذلك. أليس هناك قانون ؟".
قال القاضي ستيفنس : " كلي ثقة أن هذا غير ضروري . ربما فتك عبدها الزنجي بثعبان أو جرذ في باحة البيت. سوف أتحدث إليه بهذا الخصوص ".
و في اليوم التالي وصلته شكاوى أخرى. إحداها من رجل ذكر حيثيات مختلفة قائلا : " علينا حقا أن نفعل شيئا أيها القاضي. أنا آخر رجل في العالم يفكر بإلحاق الأذى بالآنسة إميلي ، ولكن لا بد من القيام بإجراء ما ". و في تلك الليلة عقد مجلس البلدة اجتماعا ، و حضر ثلاث رجال لهم لحى بيضاء، مع رجل في أول العمر، و من الجيل الصاعد.
قال لهم: " الأمر بغاية البساطة. أرسلوا إليها كلمة بخصوص تنظيف المكان. و حددوا لها مهلة لإنجاز ذك. و إن لم تفعل ...".
قال القاضي ستيفنس : " اللعنة أيها السيد. هل تستطيع اتهام امرأة وجها لوجه بجريمة نشر الرائحة النتنة ؟".
في الليلة التالية ، بعد منتصف الليل ، اقتحم أربعة رجال حرمة بيت الآنسة إميلي و تسللوا من حوله كاللصوص ، و تحروا عن رائحة البيت بدءا من الأساس الآجري ، ثم بوابة القبو ، وفي نفس الوقت كان أحدهم يصنع حركات بيده تشبه ما نفعله أثناء البذار، و كانت تتدلى من كتفه جعبة. ثم دخلا من باب القبو ورشوا بعض الجير هناك ، و كذلك فعلا بالنسبة للمباني الخارجية ، و حين تقهقروا من البيت ، اشتعل ضوء في نافذة كانت مظلمة ، و جلست وراءها الآنسة إميلي ، كانت الإضاءة من ورائها ، و قامتها المنتصبة و الثابتة كانت تشبه صنما. و هكذا انسحبوا من باحة البيت بسرعة ، ثم خرجوا ليحتموا بخيالات أشجار الأكاسيا الكاذب الذي وقف في صف واحد على طول الشارع. و بعد أسبوع ، أو إثنين ، تلاشت الرائحة.
تصادف ذلك مع الوقت الذي بدأ به الناس يشعرون حقا بالأسف عليها . لقد لحق بمن يذكر خالتها العجوز الكبيرة السيدة وايات مسّ من الحنق . كانوا يعتقدون أن آل غريرسون ينسبون لأنفسهم مكانة أعلى مما يجب من الناحية الواقعية. حتى أن الشباب في بلدتنا لم يكونوا باعتقادهم على قدر مناسب من الكفاءة ليحوزوا على اهتمام الآنسة إميلي و مثيلاتها. لقد كنا و لعهود طويلة نرى صورة الآنسة إميلي عبارة عن امرأة أنيقة في ثوب أبيض تقف في الخلف، و أبوها في المقدمة أشبه بطيف أو خيال ، ظهره لها و في يده سوط جواد، و كلاهما في إطار الباب الأمامي المفتوح. لذلك حينما بلغت الثلاثين من العمر دون أن تتزوج ، لم نكن نشعر بالحبور حيال ذلك تماما. لكن كنا عدائيين ، حتى مع الأخذ بعين الاعتبار خصلة الحمق التي في العائلة ، فيما يتعلق برفض جميع الفرص السانحة. لم يكن هذ تصرفا لائقا منها..
و حينما توفي والدها ، لم يتبق لديها غير هذا البيت. و لهذا لسبب غمرت السعادة كل من حولها.أخيرا أصبح بإمكانهم أن يشفقوا على الآنسة إملي. لقد هبطت إلى مرتبة البشر العاديين لأنها وحيدة و فقيرة جدا. إنها الآن سوف تحل أحجية العوز الأبدي و الإحباط الأبدي الذي يلحق بالفقراء.
و بعد يوم من وفاته استعدت كل السيدات لزيارة البيت من أجل تقديم واجب العزاء و يد المعونة ، و كالعادة قابلتهم الآنسة إميلي على عتبات البيت ، و كانت في ثيابها المعتادة و من غيرأي أثر في وجهها يدل على الفجيعة ، و أخبرتهم أن الوالد لم يمت بعد. فعلت ذلك طوال ثلاثة أيام ، حى مع القسس و الأطباء الذين حضروا شخصيا و حاولوا جهدهم لإقناعها بالتخلص من الجثمان. و لم تتراجع إلا في آخر لحظة حينما فكروا بالاحتكام إلى القضاء و القوة ، و هكذا قاموا بدفن والدها على وجه السرعة.
لم نقر ، إلى حينه ، بجنونها. كنا نعتقد أنها مصيبة لو تصرفت بتلك الطريقة. و تذكرنا جميع الشبان الذين طردهم والدها ، و أدركنا أنها بعدخسارة كل شيء سوف تصر على هذا السلوك الذي تسبب في حرمانها. هذا وارد حتى بالنسبة لغيرها لو تشابهت الظروف.
( 3 )
ثم رقدت في سرير المرض لفترة طويلة. و حينما شاهدناها مجددا ، كان شعرها مصفوفا، لتبدو أشبه بالبنات الصغيرات مع تشابه بسيط و سطحي بالملائكة الذين تراهم في كنائس مزينة بنوافذ بيضاء : نوع من المشاعر التراجيدية التي تحترق بصمت.
عقدت البلدة صفقة لتمهيد الأرصفة ، و في فصل الصيف بعد وفاة والدها شرعوا بالعمل. جاءت شركة المقاولات مع العمال و البغال و الآلات اللازمة ، و في المقدمة رجل يدعى هومير بارون، و هو يانكي : رجل جاهز و ضخم و قاتم ، و له صوت مدو و عينان خفيفتان لا تتناسبان مع ملامح وجهه. اعتاد الأولاد اليافعون أن يرافقوه في جماعات ليستمعوا إلى طريقته في تقريع العمال ، و لينصتوا إلى نشيد هؤلاء العمال لدى كل ارتفاع و انخفاض معول. و سريعا ما تعرف على جميع أفراد البلدة. و كلما سمعت قهقهات جوقة من الناس في الساحة ، لا بد أن تجد هومير بارون بينهم. أخيرا بدأنا نراه مع الآنسة إميلي في مساءات الأحد و هما يقودان من الاصطبل عربة ذات عجلات ، و معها فرقة من الخيول الحمراء المتناسقة.
أول الأمر سررنا لأن الآنسة إميلي سوف تعود إلى الحياة ، و قالت كل السيدات : " طبعا آل غريرسون لا يأخذون شماليا على محمل الجد ، إنه كادح مياوم ". و أكد آخرون ، أشخاص طاعنون بالسن ، أنه حتى المصائب لا تفلح في دفع سيدة حقيقية إلى تناسي ضرورات النبالة : و لكنهم لم يلفظوا عبارة " ضرورات النبالة " حرفيا ، و اكتفوا بالقول : " يا لإيميلي المسكينة . من الواجب أن يأتي أقاربها لزيارتها ". كان لها بعض الأقارب في ألاباما. و لكن من سنوات طويلة تشاحن والدها معهم حول عقارات المرأة الحمقاء السيسدة وايات ، و بعدئذ انقطعت الاتصالات بين العائلتين. حتى أنهم لم يرسلوا ممثلين عنهم إلى الجنازة .و منذ أن سمتها العجائز " إميلي المسكينة " همست بعض الأصوات الخافتة تتساءل : " هل تعتقدون أن هذا الأمر حقيقي ؟. لا شك أنه كذلك. و ماذا سواه...".
كانت الأقاويل فطرية في بداياتها : إنها مثل حفيف الحرير الطبيعي و الساتان ، و كانت ناجمة عن الغيرة التي بها غربت شمس يوم الأحد ، بينما العاشقان يتنزهان بيسر و سرعة ، تك ، تاك ، تك. آنذاك قالوا : " إنها إميلي المسكينة ".
رأيناها ترفع رأسها بما فيه الكفاية ، حتى حينما خيل إلينا أنها على وشك السقوط. و كانت أكثر مما مضى تطلب ، على ما يبدو ، الاعتراف بنسبها كآخر فرد من نسل غريرسون كما لو أنها تريد أن تؤكد مكانتها، مثلما حصل يوم ابتاعت سم الفئران ، الزرنيخ . ذلك كان بعد عام من بداية انتشار عبارة " إميلي المسكينة " ، و حينما حضرت ابنة خالتها لزيارتها.
قالت للصيدلي : " أرغب ببعض السم ". كانت يومذاك قد تجاوزت الثلاثين من عمرها ، و ذات قوام خفيف يناسب امرأة ، و أنحف مما يجب ، بعينين باردتين و سوداوين ثاقبتين وسط وجه بدين مشدود عند الصدغين و حول الحدقتين ، تماما مثل صورة يجب أن نتخيلها لوجه حارس منارة.
و أضافت تقول : " هل لي ببعض السم ؟".
" أجل يا آنسة إميلي ، و لكن من أي نوع ؟. للفئران و ما شابه ؟. أنصحك بـ ...".
" أرغب بأقوى ما لديك . و لا يهمني الاسم ".
ذكر الصيدلي عدة أنواع و قال : " إنها تقتل أي شيء حتى لو بحجم فيل . و لكن طلبك ...".
قالت الآنسة إميلي : " زرنيخ . هل هو اختيار جيد ؟ ".
" هو .. زرنيخ؟. نعم يا سيدتي. و لكن ماذا تريدين أن ...".
" أريد الزرنيخ ".
نظر الصيدلي إليها. و ردت عليه بنظرة مماثلة ، و كان وجهها مرفوعا و متصلبا كأنه سارية علم.
سألها الصيدلي : " و لم . إذا كان هذا طلبك يفرض عليك القانون أن تصرحي بأسباب استخدامه ".
نظرت الآنسة إميلي إليه ، ثم ارتد رأسها نحو الخلف لتضع عينها نصب عينه ، إلى أن انكسرت نظراته. و هكذا ذهب و حضّر الزرنيخ ثم حزمه ، و أحضره في علبته الزنجي – الخادم . غير أن الصيدلي ذاته لم يرجع. و حينما فتحت العلبة ، هناك ، في البيت ، لاحظت الكلمات المكتوبة على الصندوق تحت إشارة الجمجمة و العظمتين : " خصيصا للجرذان ".
( 4 )
في اليوم اللاحق قلنا جميعا : " لا بد أنها ستقتل نفسها " و أكدنا في نفس الوقت أن هذا هو الحل المثالي لمشكلتها. و لكن حينما بدأت بالظهور مع هومير بارون ، قلنا : "هناك احتمال أنها ستقترن به ". ثم أضفنا قائلين : " أو لعلها في مرحلة إقناعه". ذلك أن هومير بارون ذكر في إحدى المناسبات إنه يفضل الذكور ، و من الشائع أن يحسو شرابه مع الشباب الذكور في نادي " الوعول البرية ".. لم يكن ، فيما يبدو ، رجلا أزمع على الزواج .
و من هنا انتشرت في وقت لاحق عبارة " يا لإيميلي المسكينة ". و كانت مشاعر الغيرة تنمو كلما مرا بنا في مساء الأحد داخل العربة التي تلتمع : رأس الآنسة إميلي مرفوع كالعادة بكبرياء ، و قبعة هومير بارون فوق رأسه مثل عرف الديك مع سيجار بين أسنانه ، ثم اللجام و السوط في يد بقفاز أصفر.
في أعقاب ذلك بدأت بعض السيدات تؤكدن أن هذا عار على المدينة و نموذج سيء للشباب. و لم يرغب أحد من الرجال في التدخل ، و في الختام أجبرت السيدات قس التعميد ، فقد كان أهل الآنسة إميلي معمدانيين، على زيارتها. و لكنه لم يصرح بما جرى بينهما، و رفض أن يكررالزيارة. و في الأحد التالي شوهد الإثنان يقودان العربة في الشوارع ، و في اليوم الذي بعده كتبت زوجإة القس إلى أقرباء إميلي في ألاباما.
مرة أخرى و تحت سقف بيتها حضر أقارب لها معهم صلة بالدم. و قد جلسنا بانتظار ما ينجم عن ذلك. في البدابة لم يحصل شيء ، ثم تأكدنا أن الزواج لا بد قادم. و علمنا أن الآنسة إميلي ذهبت إلى بائع مجوهرات و طلبت تجهيز منضدة زينة خاصة بالرجال و مطعمة بالفضة، مع نقش الحرفين ( هاء ) و ( باء ) على محتوياتها. و بعد يومين فقط سمعنا أنها ابتاعت بذة للرجال و قميص نوم. قلنا : " لا شك أنهما على وشك الزواج ". لقد كنا فعلا نشعر بالغبطة. كنا نشعر بالغبطة ، حقا ،لأن لقريباتها من بنات الخالة الإناث نفس سمات آل غريرسون ، ربما كان هذا واضحا و جليا أكثر من حالة الآنسة إميلي ذاتها.
بعدئذ اختفى هومير بارون من أمام أنظارنا، و تناسينا الآنسة إميلي لبعض الوقت. و كان الخادم الزنجي يذهب و يأتي و بيده سلة التسوق لكن الباب بقي مغلقا. و من حين لآخر كنا نشاهدها مقدار لحظة خلف النافذة مثلما حصل حينما رش الرجال الجير. و فيما يقارب حوالي ستة أشهر لم تعاود الخروج إلى الشوارع. ثم أدركنا أن هذا شيء متوقع أيضا ، كما لو أن شيم والدها و التي تركت أثرا سالبا على حياتها كامرأة في عدة مناسبات كانت أقوى من أن تزول.
و حينما شاهدنا الآنسة إميلي مجددا ، كانت تميل إلى البدانة و ذات شعر رمادي. و في السنوات القليلة التالية كان شعرها يشيب بالتدريج إلى أن أصبح له لون الرماد و الحديد كأنه من فلفل و ملح. ثم توقف الأمر عند هذه الحدود. و إلى يوم وفتاتها في الرابعة و السبعين من العمر ، كان شعرها لا يزال قويا بلون الرماد و الحديد و كأنه لرجل في فورة شبابه.
بقي بابها ، إذا ، صامدا و لم يفتح أبدا، ما عدا لفترة تبلغ ست أو سبع سنوات ، حينما أصبحت في عامها الأربعين ، و هي الفترة التي كانت تلقي يها دروسا في تزيين الخزف الصيني. لقد جهزت أستوديو في واحد من حجرات الطابق الأرضي حيث كانت تحضر بنات و حفيدات معاصري الفريق سارتوريس بانتظام بنفس الروح المعنوية التي يذهبون بها إلى الكنائس في الآحاد وبحوزتهم قطعة من خمسة و عشرين سنتا لصحن التبرعات .و تزامن ذلك مع فترة إعفائها من الضرائب.
ثم أصبح الجيل الجديد روح البلدة و عمودها الفقري أيضا. كبر هواة الرسم بالعمر فانسحبوا من الميدان ، و توقفوا عن إرسال أولادهم إليها مع الألوان و الفراشي الدقيقة و الصور المقصوصة من مجلات نسائية. و أوصد الباب الأمامي خلف آخر الوافدين ، و لبث موصدا إلى النهاية. و عندما حصلت البلدة على خدمات بريدية بالمجان ، رفضت الآنسة إميلي من بين لجميع مسوغات الأرقام المعدنية فوق بابها ، أو حتى دواعي الصندوق البريدي. إنها لم تستجب بهذا الخصوص لأحد.
يوما بإثر يوم ، و شهرا بعد شهر ، ثم عاما في أعقاب عام ، لحق المشيب بالزنجي و انحنت قامته ، و لكنه واصل الخروج و العودة بسلة التسوق ، و كنا في كل عام و في شهر كانون الأول بالتحديد نرسل إليها مذكرة الضرائب ، و التي تعود دائما بالبريد في غضون أسبوع ، و من غير اعتمادات. أحيانا و على فترات متقطعة كنا نشاهدها وراء نوافذ الطابق الأرضي : كأنها تخلت أو هجرت الطابق العلوي من دارها ، كانت تشبه جذعا منحوتا على هيئة صنم في عرشه. و لم نكن على يقين هل هي تبادلنا النظرات أم لا. و هكذا دار دولاب الحياة من جيل إلى آخر بمشقة، و بروتين إجباري و من غيرروح و بهدوء و بعناد.
و في هذه الأجواء لاقت منيتها. لقد سقطت طريحة الفراش في بيت مدفون بالغبار و الصور و الخيالات المريضة ، و بحضور زنجي معذب واحد يقوم على خدمتها. و لم نعلم كم هي مريضة ، لقد يئسنا منذ فترة من اختراق حصون الزنجي لنتحرى عن أخبارها. كان لا يتكلم مع أحد ، و ربما هو يلتزم الصمت حتى بين يديها . و مال صوته ليكون فجا و خشنا و كأنه عاطل عن العمل أو معطوب.
لقد توفيت في حجرة من الطابق السفلي ، و فوق سرير من خشب الجوز ، و كانت الستائر مسدلة ، و رأسها بشعره المرمد الأبيض على وسادة صفراء بالية بسبب النتقادم و العوز إلى الإضاءة.

( 5)

قابل الزنجي السيدات على عتبات الباب و سمح لهن بالدخول ، كانت لأصواتهن رطانة جافة و هامسة. أما نظراتهن فقد كانت فضولية و متلصصة. اختفى الزنجي ، في الواقع ، انسحب إلى اليمين ، و خرج من الباب الخلفي ، و لم يعد بمقدور إحداهن رؤيته. ثم حضرت ابنتا الخالة في الحال ، و قامتا بواجب التشييع في اليوم اللاحق. و حضرت البلدة إجمالا لتلقي نظرة الوداع على الآنسة إميلي الراقدة تحت فرشة من الورود بوجه شاحب يذكربوالدها. كان وجهها عميقا و محيرا بمباشرته و إيماءاته الميتة على المنصة و أمام السيدات و أمام الرجال العجائز الذين كان بعضهم في بذات فيدرالية نظيفة. و قد وقف هؤلاء على المصطبة و في الباحة ، يتبادلون الرأي فيما يخص الآنسة إميلي كما لو أنها واحدة من المعاصرات لهم. كانوا يعتقدون أنهم رقصوا معها ، و ربما استمتعوا بالانفراد بها ، و لكن الأمر اختلط عليهم من ناحية الفترة الزمنية ، مثلما يحصل مع العجائز عموما ، بالنسبة لهم جميعا لم يكن الماضي دربا ميتا و مسدودا ، بل هو عبارة عن أرض واسعة و خضراء لم تختننق تماما بلمسات البرد القارس ، و لا تفصلهم عنه غير آخر عنق زجاجة ، لعها المرحلة الراهنة من الوقت الحاضر.
كنا نعلم على وجه اليقين بوجود حجرة واحدة في تلك الزاوية من المنزل ، و هي في الطابق الثاني ، و لكن لم يدخل إليها أحد لأربعين عاما على التوالي. كان الواجب يقضي بضرورة فتحها لآن. انتظرنا مواراة جثمان الآنسة إميلي الثرى قبل أن نقتحمه.
كان ذلك لإجراء عنيفا و ملأ الحجرة بالغبار البغيض. لاحظنا أن الأثاث الذي يشبه جهاز عرس قد ترك على الحجرة من الداخل رهبة الأضرحة : سواء فوق الستائر القصيرة التي لها لون الزهر الخفيف ، أو على الأضواء المتوردة و الشاحبة ، و على منضدة الزينة ، ثم على صف الكريستال الأنيق و الثمين ، و أخيرا على أدوات الزينة الخاصة بالذكور و المدهونة بالفضة ، كانت الفضة باهتة و تغطي الزخارف و النقوش بشيء من الإبهام.
و بين ذلك تجد ربطة عنق و ياقة ، و كأنها نزعت للتو من صاحبها ، و لدى حملها باليد كانت ترسم في مكانها أثر هلال من الغبار. و على أحد المقاعد تجد بذة مطوية بعناية ، و تحتها حذاء أبكم و جوارب مهملة. و كان الرجل ذاته راقدا على السرير.
لفترة من الوقت وقفنا هناك ننظر إلى الجثمان العميق الذي قطب أساريره. من الواضح أن الجثمان كان يستلقي بحالة عناق ، و لكنه بعد هذا الرقاد الطويل الذي عمره يتساوى مع ربيع حبها، الذي كان يختزن بؤرة الحب الوبائي ، تحول إلى ما يشبه وهما. ما تبقى منه كان يفسد ببطء تحت قميص النوم وعلى السرير الذي رقد عليه بما في ذلك الوسادة التي تكللها طبقة من علامات المرض ثم الغبار.
و لاحظناعلى الوسادة الأخرى أثرا يدل على رأس. تناول أحد الموجودين بيده شيئا كان عليها، و تأمله فلاحظ أنه من غبار خفي و غامض له رائحة جافة و قوية. ثم رأينا جميعا أن هذا ليس إلا خصلة طويلة من شعر بلون رماد الحديد.


*المصدر :

• A Rose For Emily, Story by : William Faulkner, Large On Line Library Of Classic Stories. 2006.



• ترجمة : صالح الرزوق – 2007
رد مع اقتباس

 

منتديات طلاب وطالبات جامعة الملك عبد العزيز منتديات طلاب وطالبات جامعة الملك عبد العزيز
قديم 21-05-2008, 02:16 AM   #2

nofy

جامعي

الصورة الرمزية nofy

 
تاريخ التسجيل: Mar 2008
التخصص: english
نوع الدراسة: انتساب
المستوى: السابع
الجنس: أنثى
المشاركات: 138
افتراضي

thank u soooooo much

 

nofy غير متواجد حالياً   رد مع اقتباس
 

منتديات طلاب وطالبات جامعة الملك عبد العزيز منتديات طلاب وطالبات جامعة الملك عبد العزيز
قديم 21-05-2008, 07:42 AM   #3

محمد الجبيري

جامعي

 
تاريخ التسجيل: Mar 2008
التخصص: English
نوع الدراسة: انتساب
المستوى: متخرج
الجنس: ذكر
المشاركات: 124
افتراضي

جزاك الله خير الجزاء
وتسلم ....سمعت (والله اعلى واعلم) خلال الدورة التأهلية
دكتور المادة ...يقول انها مهمة جدا...
الله العالم...قد يسأل في الاختبار عن ...PLOT SUMMARY ....

 

محمد الجبيري غير متواجد حالياً   رد مع اقتباس
 

منتديات طلاب وطالبات جامعة الملك عبد العزيز منتديات طلاب وطالبات جامعة الملك عبد العزيز
قديم 22-05-2008, 11:23 AM   #4

Elliot

طمــــــــــوح وبقوة

الصورة الرمزية Elliot

 
تاريخ التسجيل: Dec 2004
التخصص: EnGlIsH
نوع الدراسة: إنتساب
المستوى: متخرج
الجنس: ذكر
المشاركات: 759
افتراضي

الله يجزاك الف خير

 

توقيع Elliot  

 

نقرتين لعرض الصورة في صفحة مستقلة

===========
نقطه داخل رأسي تقلقني وتزعجني
اهي من مركز الرأس نفسه .!
وإلا فكره طرأت على بالي
نقرتين لعرض الصورة في صفحة مستقلة
===================

 

Elliot غير متواجد حالياً   رد مع اقتباس
 

منتديات طلاب وطالبات جامعة الملك عبد العزيز منتديات طلاب وطالبات جامعة الملك عبد العزيز
قديم 22-05-2008, 01:42 PM   #5

*Casper*

Casper

الصورة الرمزية *Casper*

 
تاريخ التسجيل: May 2008
التخصص: لغة انقليزيه
نوع الدراسة: إنتساب
المستوى: متخرج
الجنس: ذكر
المشاركات: 212
افتراضي

العفو وشكرا لكم ......
وياليت اي معلومع عن المواد
216 * 335 * 334 * 333 *

 

*Casper* غير متواجد حالياً   رد مع اقتباس
 

منتديات طلاب وطالبات جامعة الملك عبد العزيز منتديات طلاب وطالبات جامعة الملك عبد العزيز
قديم 26-05-2008, 07:21 PM   #6

the shark

جامعي

 
تاريخ التسجيل: Apr 2008
التخصص: E
نوع الدراسة: انتساب
المستوى: السابع
الجنس: ذكر
المشاركات: 4
افتراضي

جزاك الله الف خير

 

the shark غير متواجد حالياً   رد مع اقتباس
 

منتديات طلاب وطالبات جامعة الملك عبد العزيز منتديات طلاب وطالبات جامعة الملك عبد العزيز
قديم 10-04-2009, 04:21 PM   #7

life is good

جامعي

الصورة الرمزية life is good

 
تاريخ التسجيل: Apr 2009
التخصص: ـآدب انجليزي
نوع الدراسة: إنتظام
المستوى: الثاني
الجنس: أنثى
المشاركات: 1
افتراضي رد: تر جمة A Rose For Emily الصفحة 42

يسلموووو ..

يعطيك العـآفيه "

:)

 

life is good غير متواجد حالياً   رد مع اقتباس
 

إضافة رد

أدوات الموضوع إبحث في الموضوع
إبحث في الموضوع:

البحث المتقدم
انواع عرض الموضوع

تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة

الانتقال السريع

 


الساعة الآن 08:23 PM


Powered by vBulletin® Version 3.8.9 Beta 3
Copyright ©2000 - 2024, vBulletin Solutions, Inc.
Ads Organizer 3.0.3 by Analytics - Distance Education

أن كل ما ينشر في المنتدى لا يمثل رأي الإدارة وانما يمثل رأي أصحابها

جميع الحقوق محفوظة لشبكة سكاو

2003-2023