% لا أريكم الا ما أرى % اسلوب فرعوني في الادارة

[الراهب]

% لا أريكم الا ما أرى % اسلوب فرعوني في الادارة
لا أريكم الا ما أرى
اسلوب اداري من
النمط الفرعوني
هو اسلوب من الاساليب الادارية العقيمة والتي أثبتت التجارب فشلها وسوء عاقبتها فعندما طغى فرعون واشتد طغيانه اكتست نفسه بحب الذات والانانيه المطلقة ,فلم يكن يرى شخصا اخر له القدرة على ادارة قومه مثله وأن أي أراء خلاف رأيه تعتبر اراء ضعيفة غير مقبولة وربما يستحق قائلها الموت ان هو صرح بها ,لم يقف فرعون عند هذا الحد في نسف أي أراء مضادة لرأية بل أكسب أرائه صفة الرشد والعقلانية وأنها من أسباب النجاة يقول الله سبحانه وتعالى في سورة غافر (قال فرعون ما اريكم الا ما ارى وما أهديكم الا سبيل الرشاد )
عندما اتبع فرعون هذه السياسة البائسة في اتخاذ ما يصلح شأن أمته أوردهم النار وحل به وبمن معه عذاب الرحمن في الدنيا والاخرة .
فلقد كان يرى الاشياء من وجهة نظره وما يمليه عليه هواه ذلك الهوى الذي تلاعب به ابليس فأورده جهنم وبئس المصير ,
فالبعض من المدراء يرى أن رأيه هو الرأي الاوحد السديد وعندما تطرح عليه رأيا أخر تجده يبحلق فيك وكأنك كسرت ترقوته وحللت مسامير كرسيه ويرد عليك بجهل فرعون من المدير أنا أم أنت ( رأيي هو الماشي )
قد يجد الرشد في رأيك ولكن كبريائه وعناده وشقاء نفسه سيكونون شهب عذاب لاي اراء مفيده لحرقها ونثر رمادها في عالم من السكون .
وهناك الكثير ممن يتبعون هذا الاسلوب الفرعوني في الاداراة , فما يصدر عني هو الصحيح وما يصدر عن غيري هوالخطأ , حتى ولو علم في عقله الباطن خطئه الفادح فانه سيتجاهله في سبيل مصادرة رأي الغير وقبر الابداع في مهده .
فالمدير الفرعوني يحاول قدر الامكان أن يخلق جو نفسي سئ لدى العاملين لديه بطرق مباشرة أو غير مباشرة وذلك بالحاق تهمة التقصير بهم وعدم الكفاءة والاهمال في العمل ويستخدم لذلك أساليب متعددة ترتكز في معظمها على التأنيب والتلويح بالعقاب المفضي الى جعل المرؤوسيين دائما وأبدا تحت جناحه وسيطرته ولكن ليس باسلوب الاداراة الحسنة .
المدير الفرعوني حينما يشعر بأنه قد ضيق عليه الخناق في أمر ما وظل حائرا تائها لا يعي من أمره شئ يطلب حينها مشورة الفريق الذي معه ويبدأ بتشكيل حلقات من اللجان المتشعبة والتي تبعده قدر الامكان في الوقوع في المساءلة لكي يلقي عليها حمل أوزاره وأخطائه , فعندما شعر هذا المدير الفرعوني بمكامن الخطر التي ستدق قلاعه تخلى عن مبدئه الاول ( لا اريكم الا ما ارى )
وهذا نستدل عليه من قول فرعون لقومه عندما أحرجه موسى عليه السلام بالايات والبراهين (يريد أن يخرجكم من أرضكم بسحره فماذا تأمرون ) صدق الله عز وجل
فهو أراد أن يخرج من المأزق الذي وضعه فيه سيدنا موسى عليه السلام فلم يجد بدا من التنازل عن بعض كبريائه وطغيانه بمنح صلاحيات أفرزها واقع المجادلة بالبراهين والادلة التي أقامها سيدنا موسى عليه .
هذه للأسف معضلتنا مع المدراء الذين لا يؤمنون بالمشورة استنادا لقوله تعالى ( وشاورهم في الامر ...........) وقوله تعالى ( وامرهم شورى بينهم .......)
فهو يرى في المشورة انتقاصا له وانتهاكا صريحا لمنزلته ومكانته وقد يستند الى اسلوب التجربة والخطأ لمعرفة أثار قرارته وتكهناته وبين صدور القرار وبيان الاثر سيل من الالم وتضحيات غارقة لا نفع منها ولا مردود بل شروخ وتصدعات ليس من السهل اصلاحها ومداواتها .
من وحي القلم


الراهب