التــــــوحــــــد ...

[M0o0N]

التـــــــــــوحّــــــــــــد





التوحّد هو إحدى حالات الإعاقة التي تحد من استيعاب المخ للمعلومات ، وتؤدي إلى حدوث مشاكل لدى الطفل في كيفية الاتصال بمن حوله ، واضطرابات في اكتساب "مهارات التعليم السلوكي والاجتماعي"، ويعتبر من أكثر الأمراض شيوعاً التي تصيب الجهاز "التطوري للطفل"ويؤثر التوحد على النمو الطبيعي للمخ في مجال الحياة الاجتماعية ومهارات التواصل ؛ حيث يواجه الأطفال والأشخاص المصابون بالتوحد عادة صعوبات في مجال التواصل غير اللفظي والتفاعل الاجتماعي، وكذلك صعوبات في الأنشطة الترفيهية، وتؤدي الإصابة بالتوحد إلى صعوبة في التواصل مع الآخرين وفي "الارتباط بالعالم الخارجي". ويمكن أن يُظهر المصابون بهذا الاضطراب سلوكاً متكرراً بصورة غير طبيعية، كأن يرفرفوا بأيديهم بشكل متكرر، أو أن يهزوا أجسامهم بشكل متكرر، كما يمكن أن يظهروا ردوداً غير معتادة عند تعاملهم مع الناس، أو أن يرتبطوا ببعض الأشياء بصورة غير طبيعية، كأن يلعب الطفل بلعبة معينة بشكل متكرر وبصورة غير طبيعية، دون محاولة "التغيير" إلى لعبة أخرى مثلاً، مع وجود "مقاومة لمحاولة التغيير" ، وفي بعض الحالات، قد يظهر الطفل سلوكاً "عدوانياً" تجاه الغير، أو تجاه الذات.هذه الأعراض الظاهرة على اطفال التوحد تشبه الى حد كبير الأعراض الظاهرة على بعض مثقفي الخليج .فعندما يكاد يُجمع العالم على أن الحالة الصحية للشعوب تكمن في التغيير والديمقراطية والتعددية والعدالة والحرية والتنمية والبناء وحقوق الانسان والمساواة ويأتي الربيع العربي ليؤكد كل ذلك .. تجد المثقف الخليجي المصاب بالتوحد يدعو لبقاء الاستبداد بحجة الخوف على "التنمية" من "ديموقراطية الخراب" في زمن باتت الديموقراطية هي عنوان التنمية في العالم ، أو تجده يتغنى "بالنهضة" ويشترط لها سيلاً كسيل العرم "مفرق" للجماعات و ممهداً لعصر الاستقلال الذي هو بعض إرهاصات عصر النهضة في زمن لا مكان فيه للنزعات الفردية، وآخر يدعو "لموت" الجماعات موتاً جماعياً بحجة أنها ليست صالحة لعصر التمكين مفترضاً ذلك التضاد الوهمي كمن يرى أن الشمس سوف تحتجب عن الظهور في حالة عدم إغلاق اضاءات المنازل والشوارع وجميع المرافق ..كل هذه ليست إلا أعراض التوحد الذي يعيق مهارات التعليم السلوكي والاجتماعي و "السياسي" ولو كان المتنبي حياً لقال وما بالخليج من المضحكات و لكنه ضحك كالبكاء فالعدوانية التي يمارسها بعض الكتاب تجاه الربيع العربي و نتائجه هي بعض ملامح التوحد النكد ، والذي جَمَّل إلى بعضهم حياة الاستبداد ، و قبح إليهم بعض ممارسات الشعوب التي تريد أن تكون مصدر السلطات.فهجير الصحراء وسمومها وعزلتها قذفت في قلوبهم كرهاً لاجتماع الناس و اتحادهم ، و رياحها المشبعة بالرمال افقدت آخرين النظر الى محاسن الجماعات والتكتلات فزهدوا فيها فتمنوا موتها ..هذه الحالة المرضية هي نتاج طبيعي للبيئة المرضية وعندما يزول السبب الحقيقي تزول هذه الأعراض .ففساد الحياة السياسية الذي مورس على شعوبنا خلق طوراً غريباً من المثقفين الذين غزاهم الاحباط واليأس فاصبحت أداة القياس لديهم هو الواقع كما هو ، وما سواه نشاز، لذا نبذوا الديموقراطية لأنها ليست في واقعهم ، و شتموا التعددية لأنها ليست مقننة لديهم ، وأورثهم الإنفراد بالسلطة حب الاستقلال الذي عرّفوه (بحياة الفرد وموت الجماعة )، و بالتالي تعارضت في أذاهانهم الأفكار فغدت الديموقراطية والحرية مضادة للتنمية ، والنهضة والتمكين مضاداً للعمل الجماعي ، والاسقرار مرهوناً ببقاء الاستبداد ، واصبح الفقر والبطالة وانتقاص الحقوق والعيش كمواطن من الدرجة "الثامنة مساءاً" هو قدرٌ جميلٌ وواقعٌ محتمل .إن رفض بعض مثقفي الخليج للحياة الديموقراطية ليس إلا توحداً ، وإن العدوانية التي يمارسها بعض مثقفي الخليج على الجماعات والأحزاب الإسلامية والمدنية ليست إلا توحداً ، والسلبية التي يعيشها بعض مثقفي الخليج تجاه افرازات الربيع العربي والتي هي نتاج إراداة شعبية حرة ليس إلا توحداً ، و التشويه الممنهج ضد الشعوب التي مارست الثورة ضد الاستبداد ليس إلا توحداً، و التخويف من وصول الإسلاميين للحكم بالطريقة الديموقراطية ليس إلا توحداً ..