بينك وبين نفسك

[المسلم العربي]

الحمد لله وحده والصلاة والسلام على من لا نبي بعده, وبعد..

جلست مع طفل من أقاربي عمره سبع سنوات نشاهد التلفاز ونتصفح بعض المواقع الترفيهية على الشبكة..

فسألني: ليش ما تخرج من المنزل؟

أجبته: إنني أخرج من وقت لآخر, ليش السؤال؟

قال: لو أنا مكانك عندي سيارة آخذ فلان وفلان (من الأقارب) ونخرج نتمشى وندخن!

تفاجئت من هذا التفكير وحاولت أن أزيل ما لديه من لبس حول التدخين وأوضح ضرره وحرمته.

فقال: ولكن والدي يدخن! وفلان يدخن! ووالدي يقول أنه مو حرام!

جواب الولد صعّب علي المهمة وفضلّت أن لا أصدمه في والده..


التدخين بات ظاهرة اجتماعية سلبية ذات نتائج سيئة على المستوى المحلي والعالمي, ويجب أن نعترف جميعاً بذلك سواءً كنا مدخين أو غير مدخنين حتى نتهيئ لتحمل المسؤولية ولنساهم في الحد من إنتشاره.

توجد جمعيات خيرية وجهات حكومية تعمل في معالجة هذه الظاهرة ولكن جهودهم لا تكفي بل انه رغم هذه الجهود فإن أعداد المدخنين في إزدياد مرعب خلال السنوات الماضية وبالتالي فإن أعداد الوفيات بسببه والإصابات بالسرطان أيضاً في إزدياد.

مسؤولي التسويق في شركات التبغ أدركوا منذ زمن بعيد أن أفضل طريقة لتسويق بضاعتهم هو الإعلان عنها في جميع الوسائل, ولكن حسب دراسات علمية وبإعتراف موظفي هذه الشركات كانت وسيلة التسويق الأقوى هي عن طريق أفلام هوليود حيث أنهم منذ الخمسينيات وحتى يومنا هذا يدفعون الملايين لكي يظهر الممثلون المشاهير بل وحتى الشخصيات الكارتونية وهم يدخنون السجائر في الأفلام.

الأطفال والمراهقون بطبيعتهم يتأثرون بمن حولهم وكثيراً ما يقلدونهم, فمن يرى منهم والده أو أخاه أو شباب بلده يدخن أمامه فإنه سيشتهي تجربة هذا الشئ ليحضى بالمتعة التي يظن هؤلاء أنهم يحصلون عليها وليشعر بذلك الإحساس بأنه يفعل كما يفعل الكبار فيكون كبيراً مثلهم!
هم قدوات سوء تماماً مثلما أن الأبطال في الأفلام قدوات.

الشاهد في الموضوع أنني أحترم أخواني وأخواتي المدخنين والمدخنات وأعذرهم وأتمنى أن يعافيهم الله من هذا البلاء.. وأقول: لهم لا تقلعوا عن التدخين إن لم تريدوا فهذا شأنكم!!

المطلوب منهم أن يساهموا في إصلاح المجتمع والكف عن نشر التدخين بالدعاية له وإن لم يشعروا بفعلهم..

ومن الضروري أن يتوقفوا عن التدخين في الأماكن العامة وأمام الصغار والمراهقين وحتى أمام غير المدخنين من الأقران البالغين حتى لا يكونوا سبباً في إفساد غيرهم وعوناً للشيطان على بني قومهم وأحبابهم..

من أراد من المدخنين أن يكف أذاه عن المسلمين فليدخن كما يشاء بعيداً عن الناس حيث لا يراه إلا الله عز وجل إلى أن يقلع عنه بإذن الله..

وقد يقول البعض أنهم بكونهم مدخنين هم لم يستحوا من الله فلما الحياء من العباد..؟

أقول: التدخين عمل محرم أجمع علماء المسلمين على تحريمه, وفعله أمام الناس في الأماكن العامة لا يشك في كونه مجاهرة بالمعصية وليرجع من أراد إلى تعريف المجاهرة وأحكامها.
قال الحبيب عليه الصلاة والسلام: كل أمتي معافى إلا المجاهرين (متفق عليه)

------------

أخي المدخن, أختي المدخنة: ساهموا مع المصلحين في الجمعيات والهيئات المكافحة لهذه الآفة بالكف عن الدعاية المجانية للشركات الصليبية الصانعة للدخان وذلك بالتدخين بعيداً عن أنظار الناس ولنكن جميعاً سبب إصلاح لا معول هدم لأمتنا.

متعني الله واياكم بتمام الصحة والعافية وصلاح الأنفس والذريات.. آمين

وأخيراً, أرجو من الذي يقرأ هذا الموضوع وقد ابتلاه الله أن يستر على نفسه.

قل لا يستوي الخبيث والطيب ولو أعجبك كثرة الخبيث فاتقوا الله يا أولي الألباب لعلكم تفلحون [المائدة:100]