نفايات .. !

[هذيان]

	لندن .. ! مطار هيثرو .. ! موعد الإقلاع .. السابعة صباحا ً .. ! لا أحد حولي فقط برد ٌ .. استمتع بعجزي .. عن الحركة و عن الجلوس و عن القيام بأي أمر ٍ كان .. كنت أسمعه يضحك .. ! . . في الطائرة .. ! . . المقاعد ممتلأه تماما ً .. ! الآن و فقط بدأ الدفأ .. المتباعث من أفواه المضيفات .. المبتسمات .. يفرض كل سيطرته على البرد .. كنت أسمعه .. يبكي .. لهذا كنت أضحك .. ! تداركت نفسي .. لملمت أنظاري .. و .. احتفظت بأسراري .. لعمري و ذاكرتي .. حتى ابتساماتي .. دفنتها كما دفنت كلي .. في مقعدي بهدوء تام .. ففي مثل تلك الأمور دعوة صريحة للحديث .. ! . . رواية الشاطر .. ! قررت أن تكون هي أداتي .. لأكسب حديث ودي مع ذاتي .. الهاربة مني بمثاليات غير قالبه لمنهج المرونه .. الذي اصطفيته .. ! بخلسة أخرجتها من جيب حقيبتي .. كأنني أسرقها سرقه .. أمسكتها .. كمن يمسك أداة قتل يخاف ان يراها الجميع .. و بجاكيتي الطويل طويتها .. بعد أن انسلخت منه و عدت إلى مقعدي .. ! لا أريد لأحد ٍ ما أن يعرف .. أي الدماء تجري في عروقي .. ! فبمجرد أن تكون .. عربي .. فهذا الأمر بحد ذاته .. تهمة .. ! . . لسنا مرغوبين في أي مكان .. حتى في أوطاننا .. ! . . بكل حنان .. تجلدني تلك المضيفة باللوم .. ! تخترق يداه و بكل براءه كل الحدود .. و تمتد لحزام المقعد .. و تربطه .. ذلك لأني لم استطع ان أربطه .. لعدة أساب .. أولها أني و كما هو دارج ( كنت استهبل ) .. و آخرها لأني سعودي .. انسان صعب ارضائه .. و سهل التحكم فيه و تسيره لأي صالح و لأي جهه .. ! تبا ً .. ! أكره هذا الحزام .. أحسه يربطني بقدر معين .. وكأنه يقول .. من المستحيل أن أطلقك للنجاه ان حدث مكروه .. ! دائما ً .. ! أحاول إخراجه من حدود مقعدي .. المهم ألا أشعر به بقربي .. ! . . لن أتمها .. !

[حسين العبدلي]

كويس جدا

[.,.نيــــــــــــــــــــران.,.]

تروقني أحرفك جداآاآ



استمر في النزول إلى أعلى ~

[هذيان]

حسين .. !
Tifa.. !
نيران .. !
.
.
أوقفوا العالم أريد أن أنزل .. !

[هذيان]

	. . . . الليل يعصر نفسه مفرزا ً .. عصارة سوداء .. يطلي بها كل ملامح هذه المدينة الجدباء .. ! . . كنت هناك على موعد مع عجوز شمطاء تدعى ( الوحدة ) .. كانت تثير أسئلة ً .. تبعث فيني قلقا ً جديد .. ! ها هو ( الصمت ) .. يقترب مني ببطأ شديد .. يريد أن يشير لي أن الوقت متأخر و أن الكوابيس .. تنتظرني هناك .. ! هناك .. كانت ألحانها تعزف لمزاجي الإسترخاء .. كانت الأحلام تزورني و تتركني مع نشوتي .. كان كل شي مختلف عن ما هو الآن .. لماذا .. لماذا أيها الأخرس اللعين .. ! . . محمل بلعناتي .. و بسخرية قذفني بها .. غاب ( الصمت ) ليعود .. ! يقسم غضبي حينها .. بأنه سيقامر غدا ًبما تبقى من أيام عمري في حساب القدر .. ! . .

[هذيان]

	أطبقتا لتعلنا النوم .. و .. إلتقت الرموش .. بعد أن إفترقو لمدة يوم ٍ كامل .. قضيته مع ( فيصل ) صنعا ً لأمل ٍ جديد .. دافعه ماضي متقد بالهموم .. ! تركته أمام باب منزله .. هامسا له .. ! - غدا ً يوم آخر .. ! لتُرد لي أصداء ما قلت .. بالصمت .. ! . . إنفجرت قنبلة من الصراخ في منزل ( أبو فيصل ) ليصل مدى أنينها الحارق .. لي .. فأستيقظ و ما إستيقظت تماما ً ألا .. أمام جثة ٍ سال لعابها المخلوط بالدم .. حتى لامس الأرض .. و رعفت أنفها لتزيد من إتساع تلك الدائرة المرسومة في مسقط الجثه المعلقه من عنقها بقطعة قماش ٍ تم وصلها بسقف الغرفه .. التي انتشرت بها بقع الدم .. جراء محاولة قطع عرق فاشله .. ! إنتهى ذلك الوزيز الذي لم يفارق طبلة أذني بعد الإنفجار .. لأسمعهم يرددون .. ! - فيصل إنتحر .. فيصل إنتحر .. ! . .

[هذيان]

	تدفق البركان الذي كان يستشيض .. ألما و حقدا ً .. ! تدفق حمم إتهام ٍ باغتت ( أبو فيصل ) حينها تفجر صمت زوجة الكابت .. المميت .. و .. المثير للملل .. قائلة ً .. ! - أنت .. قتلقتة .. ! إتجهت نحوها أطبقت بيدها على فوهة ذلك البركان .. غير مبالية بسعيره .. ! ظمتها .. سترتها .. فالمكان يعج بهمهمة و تكبير الجيران .. و العورات لم تكترث من هول الحدث .. ! لا أذكر ملامحها .. كانت شبه مغطاه .. ما تيقنت منه هو أن الدموع لم تكدر صفو عينيها المترفتان بالحسن .. قد يكون لأن لها من شفافية الدموع النصيب الأكبر .. بل .. كل النصيب .. ! نطقت .. بضع كلمات رافقها سكوت المكتضين .. في تلك الغرفه .. ! - إكرام الميت دفنه .. لا .. البكاء عليه .. ! و إنصرفت صارخة ً .. في وجه أمها .. ! - تعالي .. ! تركت ُ تلك الأجواء .. هربت منها لا إراديا ً .. لأغرق في بحر ٍ أسود .. و لتمتد أصابع النجدة لي كانت تلك يد .. ( فيصل ) .. و كلماته .. ! - لا تقل لها أني مت .. ! رددت .. ! - فيصل .. فيصل .. ! بدت هكذا حتى إنقشع ذلك السواد معلنا ً .. جفاف ذلك البحر .. برمشة عين .. سمحت بدخول بعض الأنوار .. و بعضا ً من وجه ٍ مبتسم .. و القليل القليل من تفاصيل .. سرير أبيض .. ! - الحمد لله على سلامتك يا ولدي .. ! - وين أنا .. ! - في المستشفى أسعفوك خوانك .. بعد ما طحت عليهم .. في بيت عمك ( أبو فيصل ) .. ! - فيصل .. ! - قبروه في نفس الليله الي مات فيها .. ! - .. .. ! - إرتاح يا نور عين أمك الحين .. بقول للدكتور يجي .. يشوفك .. ما نبي السكر يضرب عندك مره ثانيه .. ! - .. .. ! ( لا تقول لها أني مت ) .. ! تلك هي الكلمات التي ألبست صمتي .. ثوب الحزن .. فحبستها .. بيني و بيني .. ! و ما هي ألا ساعات .. حتى تسمرت أمام قبر فيصل .. داعيا ً له بالرحمه .. مناجيا ً له .. باك ٍ أردد .. ! سريت بهمي لنجمي .. حيته و سامرته .. ! ............................................ خفت نوره من ملامس دمعي .. للقاع .. ! عم الظلام .. و من الجفى بي .. عاتبته .. ! ............................................. و نسجت له من الوجد فيني شراع .. ! صوب الأنوار مركب خيال بي .. طوعته .. ! .......................................... أرجو الكمال .. و .. أدور حلم فيني ضاع .. ! معك صغته أمل درب بهون كونته .. ! ......................................... و بدونك عدم .. قصري إنهدم .. و تاليه شاع .. !

[هذيان]

	كومة ٌ جمعت .. إستعدادا ً .. للإحتراق .. على العلن .. و في منتصف .. النهار .. ! نار ٌ أريد بها .. إحراق عار المنتحر .. و تسفيه فعلته .. و توجيه رساله عمليه كما وصفها إمام المسجد ( وضاح ) الذي حرض ( أبو فيصل ) على صياغة تلك الرسالة .. من خلال تجميع ما تبقى من حاجيات ( فيصل ) و وضعها في أرض الفضاء المجاوره للمسجد و التي تم إستغلالها من قبل أولاد الحي .. ليقيمون بها دورات لكرة القدم غير مبالين بحرمة المسجد الأمر الذي إستفز ( د . تركي العامر ) لينادي في المصلين عقب صلاة المغرب .. بضرورة إيجاد حل لهذه المشكلة .. لكنه لم يقابل ألا بتهامسهم .. ! - إيش عنده و لد أمريكا .. ! - كم مرة قلت لك أنه جاي من كندا مو من أمريكا .. ! - قبحه الله إنه علماني الشكل و الطبع .. ! - أبك ذا وين هو يبي عيالنا يلعبون .. ! - يا بويا سيبك منو المعفن دا .. ! - شكله مباحث خلوكم ساكتين .. ! - نال المتكبر جزاه ما حد رد عليه .. ! الصوت الوحيد الذي أذكر أنه أيده .. صوت .. ( حمد الحمدي ) .. ! - صدقت .. المفروض نوجه خطاب لبلدية المنطقة .. ينص على مطالبة لحل هالمشكله و غيرها من البلاوي .. عندنا في الحي .. ! إتجه ( أبو فيصل ) لمنزله عاقدا ً حاجبيه .. يمشي بعجل ٍ تطايرت معه غترة التي هوت مرارا ً .. ليلتقفها في كل مره و يضعها فوق رأسه بإهمال .. كأنه يشد شدا ً لمنزله .. ! و ما هي ألا دقائق حتى خرج يحمل ما يحمل و يضعه في سيارته .. تكرر ذلك المشهد .. حتى إختتم المشهد الأخير .. بركض ( أم فيصل ) خلف سيارته حين ولى مدبرا ً بما حمل .. ! - يا عمه أنا أوصلك تعالي .. ! و بكلمات لم أعي ثلثيها .. لما كان يرافقها من بكاء .. ! - الكلب أخذ أغراض ( فيصل ) و راح ما أدري وين .. ما خلى لنا شي من ريح ( فيصل ) .. ! - بنشوف الحين هذا أنا وراه أنتي هدي و خذي شماغي و تغطي به .. ! - الله يلعنه .. ! أضرم ( أبو فيصل ) النيران بها ليتعالى صوت ( وضاح ) و أصوات المرددين خلفه بغية الأجر و المثوبه .. ! - الله أكبر .. الله أكبر .. ! دون تلك التكبيرات .. أختفت الموجات الصوتيه التي رسمتها ( أم فيصل ) و هي تقف أمامهم .. حينها كنت أحول بينها و بين القفز .. في سعير تلك النيران متداركة ً ما يمكن إدراكه .. مما تبقى لها من ولدها .. ! - قتلته أكثر من مره يا ملعون .. ! أبعدني عنها و أمسكها قائلا ً .. ! - أعقلي يا مجنونه .. ولدك عار و قد غسلناه فتطهرنا .. ! عاد الشيخ محرضا ً .. ! - استر هالعله الله يعينك عليها .. ! - خسيت يا شيخ الكذب .. لو فيكم واحد عاقل كان أحرقتوا هذا الشيطان .. بدل ما تحرقون ثياب ولدي .. يغتصب أولادكم .. و .. ياكل صدقاتكم .. يا حمير .. ! شدها بكل قوته ليمسكها قائلا ً .. ! - أمسحها بوجهي يا شيخ .. تعالي يا بنت الزانيه .. هيا البيت .. ! إرتكزت أشعة الشمس الحارقه .. عموديا ً .. شاهدة ً على خصلات شعر ( أم فيصل ) التي أخالها تساقطت غرزا ً من قوة الشد .. و إنعكست تلك الأشعه للسماء .. راجية ً .. من ربها إنصاف .. بعد أن اصتدمت بالدموع التي تناثرت من عينها .. ملامسة ً للأرض .. ! تصاعد الدخان .. و تصاعدت أعداد الهاربون من سموم الأجواء و لهيب النار .. التي .. تحادثت معها وحيدا ً .. عن ( فيصل ) .. لتطول مدة الحديث معها بطول فترة إشتعالها .. فخمدت ليحدثني رمادها عن ( المصير ) .. قالنار التي تأكل كل ما يتعرض لها بطشا ً و قوه كان الرماد .. تاليها .. تلك الحفنه التي تهوي بها نسمة الهواء .. كيف ما شائت .. ! هناك و على الأطلال المحترقه .. إلتفت لصندوق معدني سودة الفحم .. صندوق ٌ طالما رجيت ( فيصل ) أن يخبرني عن سره .. عندما كان يقلبه أمام ناظريه متأملا ً .. ! - صالح .. هذا الصندوق .. سري الذي لن أبوح به لأحد .. ! - اسرارك كلها عندي .. غرامياتك و أفكارك و همومك .. ! - قد تكون أنت جزأ من هذا الصندوق .. ! تأكدت من سلامة محتوى الصندوق .. الذي يبدو .. وفير .. ! سمحت لنفسي إمتلاكه و معرفة محتواه .. لا لشيء .. و لكن لأنني جزأ منه .. !

[هذيان]

	اختزل الوجدان .. عبق تلك الليله .. بإستثارة و إهتزت أركان الخفوق بألحان عزفها الموج أرتطاما بالصخور في تعبير له عن فرحته بالبدر الوهاج .. ! هممت بالإفراج عن محتوى صندوق سر ( فيصل ) على شرط تفتيت كل ما فيه قطعا أرميها في جوف البحر راجيا ً ذهابها غرقا ً للعالم الآخر .. حيث صاحبها ينتظرها ليموت سره معه .. ! . . رسائل بريديه .. ! . . العزيز فيصل .. ! أني أتجرع الشوق لك مع كل جزيء ماء أشربه أو هواء أتنفسه .. ! صدق القائل.. رب أخ لك لم تلده أمك .. ! و أن كنت أجدك و بدون مجامله أكثر من ذلك بكثير .. ! كأنما نحن .. روح ٌ واحدة إنشطرت .. معزة ً و أخوه .. لتسكن جسدين جمعتهما الأيام برابطة الصداقه التي لن تزول ( كما أتمنى ) بزوال الإتصال أو بطول مسافة و زمن البعد .. ! بقي أن أخبرك أني بدأت أطبق المفاهيم التي تداولنها مذ كنا صغار على أرض الواقع ( كندا ) بلد راقي و لن يستوعب سمو أفكارك ألا مثل هذه الدوله .. ! تعال .. ! . . أخوك : تركي العلي 4/6/1993م .. ! . . تركي .. ! إنها الأيام التي لن تعود و التي سيعاد ترميم حدودها بذات إيطارها الذي عشنا به إعلنا منها عن خيبة آمالنا .. حين .. سعت لإتساع ذلك المحيط الذي ضيق علينا و لم يكتفي بذلك بل دبت في أجوائه رائحة العفن .. ناشرة ً الكم الهائل من السوء الذي ازتحم به مجتمعنا .. ! القبليه .. و .. تهميش معاني .. الرجوله .. الحقه كالكرم و الحكمه و المسؤليه و إحتمالية .. تفعيلها من باب الظهور و حب الظهور و طغيان المظاهر على النوايا .. التي بدت تسود .. ! . . توازيها .. ! . . السلبيه و الإنحلال الإجتماعي الذي إصاب المجتمعات المتحضره نتيجة إمتزاجها بثقافات دخيله ليلهون بعيدا ً عن مبادئهم و أصولهم .. فاقدين الشعور بالغيره على أعراضهم .. تراثهم .. دينهم .. ! . . نقطتان يحاول تعديل أخطائها .. ! . . الركض الغبي وراء الإصلاح بإسم الدين من من لا دين لهم و لا عقيده .. ! . . و الذي يضاده .. فكريا ً .. ! . . من ترجمو معاني التطور الفكريه حرفيا ً .. و .. أسقطوها أسقاطا ً على المجتمع متغافلين الواقع الذي لا يسعى لكسب إحترام العالم من حوله .. و كيف يتم ذلك و هو في الأصل لا يحترم نفسه .. ! نفسه التي جردها من جسدها .. تاريخها المفعم بالعزه و الرفعه بدئا ً من رساله الإسلام التي أتى بها المختار محمد صلى الله عليه و سلم .. و إنتهائا ً بها .. ! . . صديقي إن المعنى الوحيد لتلبية ندائك هي الوصول لحاله من اليأس لأخترق دونها تلك الحدود .. لكي .. لا أعود لها مره أخرى و أنت أكثر الناس علما ً بالأغلال التي كبلتني منذ صغري .. قد يأتي يوم و أتحرر .. ! . . فيصل العلي .. ! 20/6/1993م .. ! . . فتتها و نثرتها مع النسيم .. ليسقطها بدوره في البحر .. فتغرق .. كما غرقت في معانيها .. و في قاعها .. لقيت ( تركي العلي ) .. ماذا لو علم بحقيقة ما حصل لصاحبه ( فيصل ) .. ! و بين ما تبقي من محتوى الصندوق .. ظللت .. حائرا ً وسط كلمات ٍ .. كونت .. رسائل مبهمه .. ! . . لن يتبع .. !

[ذاكرة]

،،



أقرأُك ..

من مكانٍ ما ..






،،