نصف قرن من البحث عن الحقيقة..

[TCHECO]

الحمد لله والصلاة والسلام على خير البشر , اما بعد :
التاريخ مليئ بالتغيرات الفكرية , فتغيرات الافكار فيه كالسيل , هناك افكار الكل تمسك بها وحين سقطت تخلوا عنها , وهم يدعون بذلك التطور الفكري , ومواكبة العصر فيه , فالرأسمالية الكل مدحها وقالوا عنها هي الحل الابدي و حينما سقطت تخلوا عنها واتجهوا للشيوعية وحدثت ثورات عظيمة لاجلها وحين ادرك الجميع ماهيتها وكيف الاستبداد على ابشع صوره يطبق فيه والاستغلال المالي الخاص بالمالك , وهم الان يبحثون عن افكار اخرى لا نعلم تسميتها , وربما هي المزيج الذي دعوا له الكثير " بين الاسلام والليبرالية والقومية والعلمانية والحداثيين والخ " فيريدون تشكيل ما يسعون له ونسف ما لا يعجبهم او يقف حاجز امام ما يطمحون له .
حديثنا سيكون عن فيلسوف فرنسي , وحين تتأملون مشواره الفكري ستتعجبون,
وهو بالحقيقة لا يلام ربما على هذا التحول الفكري المستمر , لانه عاش في عصر بعيد عن الاسلام , فهذه التحولات طبيعية اذا ..
فيلسوفنا هو روجيه جارودي
بداية حياته كانت باعتناق المسيحية البروتستانية والبروتستانية تعني التحرر من الكنسية واللجوء لله فقط , والتسامح الديني ثم اعجب بالماركسية الشيوعية ومارسها من دون ان يلحد , وحينها كانت الشيوعية هي الحل الوحيد والبديل عن ازمة الرأسمالية والفكر المادي يعتمد على البحث العلمي ولا يقتنع الا بالبحث العلمي . فاجتهد فيها والف كتب عديدة حتى برز فيها .
ثم اصطدم فيلسوفنا بالشيوعي ستالين في مؤتمر حينها وكان هذا التصادم ما بينهم بسبب افكار ستالين الخطرة حيث لا تساعد على الاستمرار في البحث والاكتفاء بالشيوعية الحالية وهذا مالم يعجب فيلسوفنا بلا شك , فكانت هذه نقطة انطلاقته وزاده اكثر القائد العسكري ايلتشيف السوفيني الذي قال لا يمكن للماركسية الاستمرار بوجود المسيحية وبهذا يقصد هدم المسيحية لاجل بقاء واستمرار الماركسية , وهنا زاد شك جارودي فالف كتب في النقد انتشرت وكان لها صدى كبير جدا . وحاول ان يبني ماركسية جديدة تواكب العصر وتستمر في التطور , وهذا ما لم يستطع عليه فاتهم الماركسية بالتحول لدين رسمي ذو طقوس معينه وهذا مما يخالف مفهوم الماركسية من الاساس , مما زادت حدة النقاشات بينه وبين الحزب الشيوعي حتى انتهى الجدال بفصل وطرد فيلسوفنا الباحث عن الحقيقة .
سعى الى الاشتراكية الذاتية وطالب بالمتغيرات التالية
1- لا راسمالية ولا بيروقراطية تقنية " اي تغيير للبنى "
2- لا دين افيون الشعوب ولا الحاد وضعي " اي تغيير للضمائر "
3- تغيير مشروع الحضارة " اي ثورة ثقافية "
كانت هذه الاشتراكية الذاتية دافع له للحوار الحضاري والانفتاح للشعوب الاخرى
في هذه المرحلة بالذات اتهم روجيه العلم الغربي بانه يتلاعب بالانسان في علم النفس والاجتماع وغيرهما , وكذلك وصف العلم الغربي بانه ذو علاقة حرب مع الطبيعة وليست علاقة حب ,
هنا حث على الحوار بين الحضارات لانه اعتقد بانه كفيل باعطاء الانسان البعد الروحي المفقود كما انه يولد مشروع كوني يتسق مع اختراع المستقبل وهو بلا شك يريد دمج كافة الحضارات
والتعلم من بعضها البعض .
تكلم عن الحضارة الاسلامية ومدح علماؤها ومخترعيها مثل الرازي وابن خلدون وغيرهم , وقال ان هذا العصر بلا شك دليل على النهضة الاسلامية كما انه هو من وضع الحجر الاساسي او اللبنة الاساسية للحضارة الغربية وعلل بذلك الدراسات الاسلامية بقت كما هي تدرس باللغة العربية ايضا حتى القرن التاسع عشر في انجلترا وهذا يقطع الشك بان لهذا الاسلام سمو للانسان وقال بان الغرب مدين لهذا الاسلام ,

فالف كتاب باسم وعود الاسلام او ما يعد به الاسلام , وكان هذا الكتاب ايجابيا للاسلام وقال عنه بانه هو الحل الوحيد للخروج من المزق الحالي من الافكار والعلم الغربي والشيوعية والرأسمالية .
الكتاب كان بعام 1981 وقد اعلن اسلامه 1982
تكلم عن الاسلام ووضح اسباب اسلامه , بان نبينا محمد صلوات ربي وسلامه عليه لم يختلق ديانة من عنده بل دعا الى ما دعانا له ابراهيم عليه الصلاة السلام " التوحيد "
وما دعا اليه موسى وعيسى عليهما الصلاة والسلام .

كذلك قال الاسلام لا يفصل بين علم الحكمة وحكمة الوحي وبان الاسلام يجيب على اسئلة " كيف " " ولماذا " وبهذه الكيفية يصبح العلم والاسلوب في خدمة تألق الانسان وسموه .
والنقطة الثالثة قال يسمح الاسلام بوضع مشكلة العلاقات بين العقيدة والسياسة دون ان يخلطها وهو بذلك ينتقد علاقة الكنسية وسيطرتها على الدولة في العصور المنحطة في اوروبا .
وانتقد وبشدة دور الغرب في تشويه الاسلام ابان الحروب الصليبية متهم الاسلام بانه كفر والحروب كانت للقضاء على الاسلام ورجوع القدس لاحضانهم ,
وانتقد وصف الارهاب على الاسلام ابان الحرب الجزائرية ساعين بذلك القضاء على المقاومة الجزائرية .
ايضا تكلم عن انتشار الاسلام , فهناك من قال انتشر بحدة السيف وعلق الفيلسوف العجيب على هذا بحديث للنبي صلى الله عليه وسلم " رجعنا من الجهاد الاصغر الى الجهاد الاكبر " وهو يقصد جهاد النفس والهوى والاصغر الدفاع عن النفس ونشر الدين , وقال لو كان الاسلام انتشر بحدة السيف فعلا !
فماتعليقكم على فتح اسبانيا الذي كلف المسلمين سنتين فقط بينما خروجهم منها كلف الغرب سبع قرون ؟
وهذا بلا شك دليل قاطع ولا يشك فيه او يناقش به الا عنيد مكابر .

تكلم عن الاقتصاد الرأسمالي واصفا اياه السعي نحو الاستغلالية بشكل بشع جدا سواء اكان الشيء مبذول الجهد لاجله نافع او لا فهو فقط السعي نحو الاغتناء
وهو ينافي الاقتصادي الاسلامي التي يرفض الخضوع الاعمى للآله وكذلك قال عنه بان وقف الاقتصادي الاسلامي مراقب بشكل قوي للسوق بشأن الاحتكار والاسعار
رافضا كل االرفض استغلال الانسان , ايّ الاقتصاد الاسلامي وسيلة وليست غاية كما في الرأسمالية وعلل بذلك لقول الله تعالى
" رجال لا تلهيهم تجارة ولا بيع عن ذكر الله "
وتكلم عن الزكاة وقال عنها لم تعرفه العصور المنحطه الا بعد ماجاء به الاسلام وسموه بالتأمين الاجتماعي فجاء في القرن العشرين بينما هو في الاسلام اكثر من ثلاث عشر قرن .
اخيرا تكلم عن دخول الغرب العصر الاسلامي ونشر فيه اباطيل منها
تيار الحداثة ومفهومه : دعوة الناس الى محاكاة الغرب وعلى رأسها الوطنية المزعومة التي قسمها الغرب لتفريق المسلمين

نقاط سريعه للفيلسوف :
* من النقاط الجميلة في فيلسوفنا تحدث عن العلم بانه ليس كل شيء ومن يقول العلم هو اساس الحل لكل المشاكل فهو بذلك يهدم الحب والايمان والشعر وغيرها
من الامور الذاتية الجميلة ويحدد العلم في اشخاص قله فقط لان ليس كل الناس اذكياء .
* قال عن العلم الغربي بانه حضارة مؤهله للانتحار والدليل كثرت الانتحارات والتشرد من مخدرات والخ خصوصا انتحار المراهقين المنتشر بشده وهذه نقطة حساسة جدا
وربما من اجتهادي الشخصي تتعلق بمسألة الايمان الشخصي مفقود عند هؤلاء البشر عكس المراهق المسلم نجد الاسلام اجاد التعامل معه وكيف يقربه من الله وملئ عليه وعاءه العاطفي .
* احب ان ابين ان انتمائي للاسلام لم يكن بمحض صدفة , انما عن رحلة طويلة مليئة بالعقبات حتى استطعت الوصول للعقيدة المناسبة والاستقرار والاسلام هو الاستقرار .
* ما يميز الاسلام عن غيره بانه ينتشر بسرعة البرق في اوروبا والصين وافريقيا بشكل لا تضاهيه اي حضارة اخرى .
* خلال حديثه عن حديث النبي صلى الله عليه وسلم " رجعنا من الجهاد الاصغر الى الجهاد الاكبر " كان له تعليق اخر ايضا وهو انتقاد الثوريين الذي يسعون لتغيير كل من حولهم الا انفسهم .
* الاسلام ليس علاقة بيولوجية او وظيفة اجتماعية كما في الاستبداد والفاشية التي تقول لا معنى للانسان من دون دولة .
* انتقد التدخل الغربي في المرأة المسلمة ساعيا لتحريرها الاعمى وقال الاسلام اعطى للمرأة حق في التملك وهذا ما لم تفعله تلك الا في القرن التاسع عشر وله تعليقات اخرى بهذا الخصوص .


وبهذا اختم حديثي عن هذا الفيلسوف الجميل , علما باني ركزت على النقاط الجميلة في حياته والسريعة وهناك تفاصيل ادق واجمل , وبلا شك هناك بعض الاخطاء التي قام بها مثل دمج كافة الاديان وهذا ينافي بلا شك ما جاء به القران لانه جاء مكملا وشاملا وليس ناقص حتى نحتاج لدين او فكر ليتمه , وعسى الله ان يرحم فيلسوفنا ويغفر له زلاته . امل اني اجدت في توضيح صورة عامة عن حياته المليئة بالمتاعب , علما بان هذه النقاط من كتاب " لماذا اسلمت ؟ " من تأليف الاستاذ محمد عثمان خشت والمؤلف له نقد في اخر الكتاب بشكل مبسط عن الافكار الخاطئة لروجيه .






راق لي فنقلته لكم ..