السجنُ عالمٌ تضطرب فيه النفس السوية،فكيف يكون حال النفس المضطربة أصلاً قبل دخول السجن؟ يكشف الطبيب النفسي و الخبير في شؤون السجناء ملفات قام بتحريرها في عدة سنوات و ذلك خلال مدة عمله في السجون و المحاكم التي قام فيها بتقديم شهادته إذا تطلب الأمر و قد سلط الضوء على وحشية النظام العقابي بممارسة أبشع أنواع العقابات على السجناء و قصور تقديم العلاج النفسي للمرضى و التي تستدعي حالاتهم إلى رعاية خاصة لتوفير الاستقرار النفسي لؤلئك السجناء. استعرض المؤلف كتابه في أحد عشر فصلاً و من أهم ما ذكره إيضاح الأمراض النفسية و العقلية بذكر أنواعها و مسمياتها العلمية و طعّم كتابه بسرد بعض القصص التي مرت على بعض السجناء خلال إجراء المقابلة معهم لهدف دراسة الحالة، و كانت المشكلة الأكثر شيوعًا هي اضطراب توتر ما بعد الصدمة. يقول كوبرز:الأصوات الداخلية التي تأمر السجين المصاب بالفصام على أن يتعرض بالاعتداء على الآخرين و كذلك السجناء الذين لديهم ميولاً انتحارية قد يحقن أحدهم بشكل إجباري بعقار فعال و قوي منها(هالدول و ثورازين)هذا إن لم يكن مصابًا بالذهان الحاد ، و قد ينتج على إثر ذلك آثار عصبية منها التخشب و تشنجات العضلات. في الفصل الرابع تحدث عن قضية العنصرية التي يكون سببها السجناء أحيانًا فيما بينهم، و في أحيايين كثيرة يكون سببها الضباط الذين يتعاملون مع السجناء بعنصرية، وهذه المشكلة تفاقم الاضطرابات لدى السجناء، لا سيما أثناء قيام النزاعات العرقية بين البيض و السود، و المصيبة تكون على عاتق المصابين بأمراض عقلية، فهم ضحية هذه النزاعات حيث أنهم لا يدركون إلى أي جهةٍ ينضمون! في الفصل الخامس استعرض ملف السجينات تحت اسم(مشكلات خاصة بالنساء)وبين القسوة التي يتعرضن إليها و التي تلحق بهن أمراض و اضطرابات نفسية و منها الاكتئاب الحاد، حيث أن بعضهن يتعرضن للاغتصاب من بعض الحراس المصابين بالهوس؛ ولا يستطعن التحدث برفع شكوى حتى لا يتعرضن لمشكلات أعظم من ذلك. أما في الفصل الذي يليه فقد توسع في الكتابة عن مشكلة الاغتصاب و اضطراب توتر ما بعد الصدمة، و كان أكثر الفصول ألمًا . ما يحدث للسجينات يؤلم النفس حقًا، حتى أن كوبرز الطبيب النفسي الذي مر بمواقف صعبة جدًا و موجعة للنفس ، تحدث عن الذي يحدث للسجينات بألمٍ واضح يختلف كثيرًا عن حديثه حول معاناة السجناء. و قدم في نهاية كتابه التوصيات اللازمة للعلاج و إعادة التأهيل النفسي للسجناء الذين تستدعي حالاتهم الاهتمام و عدم زجهم في حبس مشدد الرقابة، على أن يتم التعامل معهم بشكل مخصوص، حتى لا تتفاقم مشكلاتهم و ينجم عن ذلك ردات فعل قوية بعد خروجهم من السجن تجاه المجتمع .