الموضوع: 448 شكسبير
عرض مشاركة واحدة
منتديات طلاب وطالبات جامعة الملك عبد العزيز منتديات طلاب وطالبات جامعة الملك عبد العزيز
قديم 07-01-2013, 09:22 AM   #2

فهد هزاع

جامعي

 
تاريخ التسجيل: Nov 2012
التخصص: ادب انجليزي
نوع الدراسة: إنتساب
المستوى: متخرج
الجنس: ذكر
المشاركات: 72
افتراضي رد: 448 شكسبير

لقد أعطت العجائز (ماكبث) نصيحة ثمينة عما يضمره له (ماكدف)، أمير مقاطعة (فايف)، وبعثن في نفسه شعورا بالطمأنينة الخادعة، فكيف يدور في خلده أن هناك رجلا لم تلده أمه؟ وكيف لغابة أن تنتقل من مكان إلى آخر؟
أما (ماكدف) فقد ذهب لإنجلترا من أجل مقابلة (مالكولم)، الملك الشرعي، وبدآ يخططان للانتقام. ويعلم (ماكبث) بالأمر فتثور ثائرته ويقتل زوجة (ماكدف) وأطفاله.
عندما يسمع (ماكدف) بالأخبار السيئة يشتد غضبه وحنقه ويعقد العزم مع (مالكولم) على خلع (ماكبث) الطاغية عن العرش، ويغادران إنجلترا بعشرة آلاف مقاتل.
في اسكوتلندا، يبدأ كل ما بناه (ماكبث) بالتصدع والسقوط، فيهجره أتباعه، وتصاب زوجته بالجنون، ولا يبقى له إلا تلك العجائز المشعوذات.
في طريق جيش (مالكولم) إلى قلعة (ماكبث) في منطقة (دنسنان) يأمر (مالكولم) جنده بقطع فروع الأشجار من غابة (بيرنام) وحملها من أجل التمويه.
وبينما ينتظر (ماكبث) الهجوم في منطقة (دنسنان) يأتيه خبر انتحار زوجته، لكنه لا يلبث أن يخبره بعض جنوده بأن غابة (دنسنان) تبدو كأنها تتحرك باتجاه منطقة القلعة! فتثور ثائرته وينتابه الهلع والارتباك والإحباط، ويبدأ بالصياح بين جنوده.
عند وصول جيش (مالكولم) يرمي الجند أغصان الشجر وتدور رحى المعركة ويحمى وطيسها على (ماكبث) ثم يبدأ جيشه بالتفكك، لكنه يقاتل كحيوان هائج.
أخيرا يتقابل (ماكبث) مع (ماكدف) الذي كان يبحث عنه في ميدان المعركة، يتقابلان وجها لوجه؛ فيقول (ماكبث)، محذرا خصمه، إنه يجب أن يعلم أنه لن يضره كل من ولدته أمه. لكن (ماكدف) يسخر منه قائلا أن أمه لم تلده ولادة طبيعية وإنما أخرج من بطنها بعد شقه.
ورغم قناعة (ماكبث) بدنو أجله فقد ظل يقاتل (ماكدف) حتى قتله الأخير وقطع رأسه ورفعه أمام الجيش الذي التف على (مالكولم) مبايعا له ملكا على البلاد.
شخصية (ماكبث):
تجمع شخصية (ماكبث) تناقضات كثيرة، فهو يقدم على قتل سيده الملك (دنكن) وصديقه المخلص (بانكو) في سبيل تحقيق طموحه القاتل، لكننا نراه في نفس الوقت يعاني من وخز الضمير فمجرد التفكير في جرائمه يعذبه ويقض مضجعه حتى قبل الإقدام عليها. هل يمكننا اعتباره وحشا قاسيا أم ضحية العجائز العرافات وطموحه الجامح؟ أم كليهما؟ وكيف أمكن الجمع بين هذه الجوانب كلها في شخصية واحدة؟
إن الجرائم التي ارتكبها تجمع بين الوحشية والخيانة؛ فهو يقتل الملك الذي ائتمنه وعينه مدافعا عن مُلكه، وكان الأخير في ضيافته وقت ارتكاب الجريمة، ومعروف أن حماية الضيف من أكبر مسئوليات المضيف. ثم أنه يستأجر القتلة ليقتلوا صديقه المخلص (بانكو) وابنه (فلينس). ويرسل رجاله لقتل زوجة وأبناء (ماكدف) الذين لا ناقة لهم ولا بعير في الصراع الدائر أصلا. أما بعد توليه العرش فإنه يحتفظ به عن طريق الخداع وبث الجواسيس في بيوت النبلاء، وينشر الشائعات حول (مالكولم)، صاحب الحق في وراثة الملك.
لقد اقترف (ماكبث) كل هذه الجرائم، لكن هذه شخصيته تختلف عن بعض الشخصيات الشريرة في المسرح الشيكسبيري، كشخصية (أياجو) في مسرحية أوثيلو، التي تستمرئ الشر وتعتبر الفضيلة والخير هي ما نعتقد أنه الرذيلة والشر، وهذا مؤشر على القياس الفاسد المقلوب، وهذه الصفة تطبع الشخصية بطابع البساطة والمباشرة. أما في حالة (ماكبث) فإن الأمر أكثر تعقيدا فهو في بداية المسرحية، على الأقل، يظهر ذا ضمير يدله على أن ما يقدم عليه خطأ.
إن قتل الملك يثير هلعه وخوفه، فقبل الإقدام على ذلك نجده يخبر زوجته أنه لن يستطيع الخروج من هذا الأمر بسلام، لكنها تدفعه دفعا لذلك، ثم نجده يندب حظه قائلا أن كل محيطات العالم "لن تكفي لغسل الدم من يديّ".
إن ما يبدو واضحا هو أن طموحه أقوى بكثير من صوت ضميره، أضف إلى ذلك إغواء العجائز الثلاث وإغرائهن إياه بالمُلك، ودفع زوجته إياه لاقتراف الجريمة سعيا وراء تحقيق الطموح. عندها يجد (ماكبث) نفسه منساقا لارتكاب سلسلة من الجرائم لا فكاك منها للحفاظ على العرش، فتصبح القيم لديه مشوشة ومضطربة تماما.
كما يمكن ملاحظة الاضطراب والارتباك العقلي الواضح الذي يعاني منه (ماكبث) حين يهم بقتل الملك؛ فهو يرى خنجرا يتحرك في الهواء، ثم بعد ذلك يسمع أصواتا غريبة، وبعد أن يقتل صديقه (بانكو)، يرى شبحه الذي يمثل له مصدر قلق وعذاب.
وهكذا تعد شخصية (ماكبث) من أكثر الشخصيات الشيكسبيرية تعقيدا، ومن أدعاها للتأمل والتحليل والأخذ والرد، حتى ليمكن لكل قارئ للمسرحية (ومشاهد لها بالطبع) أن يخرج بانطباع شخصي فريد يعكس نظرته الذاتية.


وبالتوفيق للجميع

 

فهد هزاع غير متواجد حالياً   رد مع اقتباس