عرض مشاركة واحدة
منتديات طلاب وطالبات جامعة الملك عبد العزيز منتديات طلاب وطالبات جامعة الملك عبد العزيز
  #1  
قديم 03-08-2010, 09:46 PM
الصورة الرمزية المسلم العربي

المسلم العربي المسلم العربي غير متواجد حالياً

مشرف سابق

 
تاريخ التسجيل: Jun 2008
التخصص: لغات - إنجليزي
نوع الدراسة: إنتظام
المستوى: السادس
الجنس: ذكر
المشاركات: 2,459
افتراضي كلمات حق يراد بها باطل


كلمات حق يراد بها باطل
الشيخ محمد صالح المنجد


عناصر الموضوع:
1. أساليب الطعن والتشكيك في الدين.
2. بعض الشبه والرد عليها.
‌أ. الإنسان مخير بين الأديان.
‌ب. الإسلام دين المحبة.
‌ج. القرآن حمّال أوجه.
‌د. أنتم أعلم بأمور دنياكم.
‌ه. إلغاء الحدود الشرعية.
‌و. ضوابط المصلحة المعتبرة.
‌ز. تجديد الخطاب الديني.
‌ح. الضرورات تبيح المحظورات.
‌ط. الإسلام دين الوسطية.
‌ي. الدين يسر.
‌ك. تغير الفتوى بتغير الزمان والمكان.
‌ل. الدين ليس ملكاً لأحد.
‌م. لا إنكار في مسائل الخلاف.
‌ن. النساء شقائق الرجال.
3. الواجب علينا تجاه هذه الشبهات وغيرها.


الحمد لله وأصلي وأسلم على محمد بن عبد الله، صلى الله عليه وعلى آله وصحبه ومن والاه.
أيها الإخوة والأخوات: السلام عليكم ورحمة الله وبركاته.

أساليب الطعن والتشكيك في الدين
نحمد الله الذي أنزل علينا ديناً قيماً، ورضيه لنا وقال: {الْيَوْمَ أَكْمَلْتُ لَكُمْ دِينَكُمْ وَأَتْمَمْتُ عَلَيْكُمْ نِعْمَتِي وَرَضِيتُ لَكُمُ الإِسْلاَمَ دِينًا}(سورة المائدة:3)، فهو أكمل الأديان وأفضلها وأعلاها وأجلها {وَمَنْ أَحْسَنُ دِينًا مِّمَّنْ أَسْلَمَ وَجْهَهُ لله وَهُوَ مُحْسِنٌ}(سورة النساء:125)، أمرنا الله أن نتمسك به، وأن لا نموت حتى نكون ثابتين عليه، {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ اتَّقُواْ اللّهَ حَقَّ تُقَاتِهِ وَلاَ تَمُوتُنَّ إِلاَّ وَأَنتُم مُّسْلِمُونَ}(سورة آل عمران:102)، وأخبرنا أنه لا يقبل غيره، {وَمَن يَبْتَغِ غَيْرَ الإِسْلاَمِ دِينًا فَلَن يُقْبَلَ مِنْهُ وَهُوَ فِي الآخِرَةِ مِنَ الْخَاسِرِينَ}(سورة آل عمران:85)، وهذا الدين له نصوص من الكتاب والسنة، والوحي المبين، ولقد حاول أعداء الإسلام الطعن فيه والتشكيك ولكن بارت مؤامرتهم وخابت جهودهم، وبقي دين الإسلام منصوراً، وفي العالمين متألقاً، فيه هذا الصوت للنبي بشيراً ونذيراً، ولقد خابت تلك المساعي وعلم أعداؤه أنه لا يمكن القضاء عليه، ولكن لا زالت محاولاتهم في الطعن والتشكيك ومحاولة الترويج بالباطل، ومن ذلك أنهم علموا أنه لا يروج شيء من المكر إلا باستعمال شيء من الشرع، كما قال شيخ الإسلام رحمه الله: "ولا يشتبه على الناس الباطل المحض، بل لا بد أن يشاب بشيء من الحق"، وحيث أن أحكام الإسلام وهذه الشريعة، أحكام عظيمة فهي أمانة في أعناقنا، وعلينا واجب الدفاع عنها، فلو استُهدف الدين أو أحكامه فنحن بالمرصاد لمن استهدفه، وإذا هوجمت أحكامه فنحن في الدفاع عنها جاهزون، ولكن هذا يحتاج إلى علم وفقه وجهد وثبات وقوة وشجاعة وجرأة في الحق وبصيرة به، ولا بد أن يكون للبدعة إذا أريد الترويج لها شيء مما تطلى به حتى تنطلي، ولذلك يقول الشاطبي رحمه الله: "لا تجد مبتدعاً ممن ينتسب إلى الملة إلا وهو يستشهد على بدعته بدليل شرعي، فينزله على ما وافق عقله وشهوته"، فنحن الآن لا نخشى من أناس يسبون الدين؛ لأن هذا واضح، أي شخص يسمع من يسب الدين سيعلم بأنه عدو واضح، لكن إذا استعمل نصوصاً من الدين في التلبيس، فهذه هي الخشية، هنا تحتاج القضية إلى فهم وعلم؛ ولذلك لما خرج الخارجون على علي رضي الله عنه ماذا رفعوا؟ شعار لا حكم إلا لله، وهذه الكلمة صحيحة في الظاهر، بلا شك، لا حكم إلا لله، لكنهم استعملوها بإرادة وبقصد باطل، فقال علي رضي الله عنه كلمته المشهورة: "كلمة حق أريد بها باطل"، قال الحافظ رحمه الله: "انتزعوها من القرآن وحملوها على غير محملها"، ولذلك لما قال الله عن أهل النفاق {هُمُ الْعَدُوُّ فَاحْذَرْهُمْ}(سورة المنافقون:4)، كان لا بد من التمعن والحذر لأن النبي عليه الصلاة والسلام قال لنا: ((إن أخوف ما أخاف على أمتي كل منافق عليم اللسان)) رواه أحمد وهو حديث صحيح، والقلم أحد اللسانين، فسواء كان متكلماً أو كان كاتباً، إذ ليس كل من استعمل نصاً من كتاب أو سنة فهو محق في دعواه، لأنه قد يستعمل حديثاً باطلاً موضوعاً، وقد يستعمل حديثاً صحيحاً لكنه يفسره بغير معناه الشرعي، وقد يستعمله وهو منسوخ، وقد يستعمله وهو مخصَص مثلاً أو من خصوصيات النبي صلى الله عليه وسلم فيريد تعميمه، أو يكون خاصاً فيريد أن يجعله عاماً، أو يكون مقيداً فيريد أن يجعله مطلقاً، فالآن عملية التضليل صارت عملية احترافية،المسألة ليست سهلة على أي واحد أن يكتشف الضلال بسرعة، وإنما تحتاج القضية إلى نظر وعلم، لأنه قد يأتيك بآية لكن ليس هذا موضعها، قد يأتيك بحديث لكن ليس هذا معناه، فلا هذا مراد الله من الآية، ولا هذا مراد رسول الله صلى الله عليه وسلم من الحديث، ولذلك قال لنا عليه الصلاة والسلام في ((دعاةٍ على أبواب جهنم من أجابهم قذفوه فيها))، قال في وصفهم ((هم من جلدتنا ويتكلمون بألسنتنا)) رواه البخاري ومسلم، فهم في الظاهر مثلنا أو معنا، وفي الباطن مخالفون لنا في أمورهم، كما قال بعض شراح البخاري، وقال الشيخ مُلا علي القاري: "يتكلمون بألسنتنا: أي بالعربية، أو بالمواعظ والحكم، أو بما قال الله وقال رسوله، وما في قلوبهم شيء من الخير، {يَقُولُونَ بِأَلْسِنَتِهِم مَّا لَيْسَ فِي قُلُوبِهِمْ}"( سورة الفتح:11)، فليس الطعن في الدين الآن بأن يقال الدين خطأ، أو الدين كذب، أو الدين ضلال، لا، هذه مرحلة انتهت، وأعداء الإسلام يعرفون جيداً أن هذا كلام لا يُقبل، أيُّ مسلم يقرأ مثل هذا الكلام يعرف أنه باطل، لكن لبِّس عليهم بآية ليس هذا موضع الاستدلال بها وليس هذا معناها، ولبِّس عليهم بحديث ليس هذا معناه، هذا هو الفن الآن، و النبي صلى الله عليه وسلم قد أخبرنا في سنته بالحديث السابق أن هؤلاء يتكلمون بألسنتنا معناها أنهم يستعملون ما نستعمله نحن، والقضية ليست فقط أقوالاً بل أفعالاً أيضاً، ألم يقل الله تعالى في كتابه قاصاً علينا خبر أولئك القوم من المنافقين {وَالَّذِينَ اتَّخَذُواْ مَسْجِدًا ضِرَارًا وَكُفْرًا وَتَفْرِيقًا بَيْنَ الْمُؤْمِنِينَ وَإِرْصَادًا لِّمَنْ حَارَبَ اللّهَ وَرَسُولَهُ مِن قَبْلُ وَلَيَحْلِفَنَّ إِنْ أَرَدْنَا إِلاَّ الْحُسْنَى}(سورة التوبة: 107)، فإذاً هؤلاء أقاموا مسجداً، لكن ليس ليعبد الله فيه ويوحد، وإنما للتفريق بين المؤمنين، وليكون مكاناً للإضرار وتجمع أعداء الله ونحو ذلك.

بعض الشبه والرد عليها
والكفار احتجوا على أنبيائهم قديماً بأشياء ظاهرها يمكن أن ينطلي على الشخص الذي ليس عنده علم، مثلاً {وَإِذَا قِيلَ لَهُمْ أَنفِقُوا مِمَّا رَزَقَكُمْ اللَّهُ قَالَ الَّذِينَ كَفَرُوا لِلَّذِينَ آمَنُوا أَنُطْعِمُ مَن لَّوْ يَشَاء اللَّهُ أَطْعَمَهُ}(سورة يــس 47)، بمعنى أننا لسنا مجبورين نطعم أناساً لو أراد الله أن يطعمهم أطعمهم، ولماذا نصرف عليهم؟، لو أراد الله أن يطعمهم لأطعمهم، الآن نحن مسؤولون عن الجياع؟، إذا أراد الله أن يطعمه أطعمه، فقد يقول بعض الناس فعلاً لو أراد الله أن يطعمه أطعمه، الكلمة صحيحة لكن الاحتجاج بها على عدم الإنفاق، لاحظ أن المسألة فيها مكر، {أَنُطْعِمُ مَن لَّوْ يَشَاء اللَّهُ أَطْعَمَهُ}، هو لو شاء الله أطعمه صحيح، لكن الاحتجاج بها على أي شيء، على عدم الإنفاق لأن أول الآية {وَإِذَا قِيلَ لَهُمْ أَنفِقُوا مِمَّا رَزَقَكُمْ اللَّهُ قَالَ الَّذِينَ كَفَرُوا لِلَّذِينَ آمَنُوا أَنُطْعِمُ مَن لَّوْ يَشَاء اللَّهُ أَطْعَمَهُ}(سورة يــس 47)، نعم لو شاء الله أطعمه الله لا يعجزه شيء، لكن الاحتجاج بهذه الكلمة على عدم الإنفاق، هل هو صحيح؟ كلمة حق أريد بها باطل.
وهكذا من الأمثلة الكثيرة مثلاً قالوا: {لَوْ شَاء اللّهُ مَا أَشْرَكْنَا}(سورة الأنعام: 148)، صحيح لو شاء الله ما أشركوا، لكن هل يجوز الاحتجاج بمشيئة الله الكونية القدرية على صحة الشرك؟، لا، وهكذا، إذاً المسألة الآن فيها أشياء من التلبيس، فيها أشياء من التدليس، ولذلك فإن الله سبحانه وتعالى قص على نبيه مثل هذه،{وَكَذَلِكَ نفَصِّلُ الآيَاتِ وَلِتَسْتَبِينَ سَبِيلُ الْمُجْرِمِينَ}(سورة الأنعام:55)، وهنالك مجالات كثيرة حصل فيها من هذا، ونحن نتناول بعض الأمثلة على هذا الموضوع، مثلاً بعض الناس يحتج بعبارة {لَكُمْ دِينُكُمْ وَلِيَ دِينِ}(سورة الكافرون:6)، وهذه آية من القرآن، {لَكُمْ دِينُكُمْ وَلِيَ دِينِ}، لكن على أي شيء يحتج بها؟، على أن الملل الأخرى صحيحة، اليهودية، النصرانية، البوذية، الهندوسية، السيخية، {لَكُمْ دِينُكُمْ وَلِيَ دِينِ}، فهل يجوز أن يقال: كل واحد على دينه الله يعينه، الله يعين المشرك، الله يعين الكافر، الله يعين السيخي والبوذي، هل هذا يصح؟ أو يقال كلهم مؤمنون، كلنا أولاد إبراهيم والملة الإبراهيمية، وعندما نرجع إلى معنى {لَكُمْ دِينُكُمْ وَلِيَ دِينِ}، ليست هذه الآية إقراراً على الشرك إطلاقاً، ولا قبول له أبداً، ولذلك فإن ابن القيم رحمه الله لما علق عليها قال: "ومعاذ الله أن تكون الآية اقتضت تقريراً لهم أو إقراراً على دينهم أبداً، بل لم يزل رسول الله صلى الله عليه وسلم في أول الأمر وأشده عليه، وعلى أصحابه أشدّ على الإنكار عليهم، وعيب دينهم و تقبيحه والنهي عنه والتهديد والوعيد في كل وقت وفي كل ناد، وقد سألوه أن يكفّ عن ذكر آلهتهم وعيب دينهم ويتركونه وشأنه فأبى إلا مضياً على الإنكار عليهم، وعيب دينهم فكيف يقال إن الآية اقتضت تقريره لهم معاذ الله من هذا الزعم الباطل" بدائع الفوائد لابن القيم.
قال شيخ الإسلام في هذه السورة: "هذه كلمة تقتضي براءته من دينهم، ولا تقتضي رضاه بذلك"، كما قال تعالى في الآية الأخرى: {وَإِن كَذَّبُوكَ فَقُل لِّي عَمَلِي وَلَكُمْ عَمَلُكُمْ أَنتُمْ بَرِيئُونَ مِمَّا أَعْمَلُ وَأَنَاْ بَرِيءٌ مِّمَّا تَعْمَلُونَ}(سورة يونس:41)، فإذاً {لَكُمْ دِينُكُمْ وَلِيَ دِينِ}، ليس معناها، أن تكون على دينك وأنا علي ديني ولا بأس ولا حرج في ذلك، فليس المعنى إقراره لهم بذلك، فانظر كيف تستعمل الآية في تقرير صحة أديان الكفر، وهذه قضية في غاية الخطورة، ولذلك فإن النبي صلى الله عليه وسلم كما جاء في حديث فروة بن نوفل رضي الله عنه ((لما أتى نبينا عليه الصلاة والسلام فقال يا رسول الله: علمني شيئاً أقوله إذا أويت إلى فراشي، قال: اقرأ قل يا أيها الكافرون فإنها براءة من الشرك)) رواه الترمذي وحسنه ابن حجر وغيره.
إذاً الآية لا تقتضي أبداً إقراراً للكفار لكن من الممكن أن يستعملها بعض المنافقين أو الأعداء في هذا الشأن.

الإنسان مخير بين الأديان
ومثلاً هناك مقطع من آية أخرى {فَمَن شَاء فَلْيُؤْمِن وَمَن شَاء فَلْيَكْفُرْ }(سورة الكهف:29)، يستعملها بعضهم في تخيير الناس، فيقول مثلاً: إذا أردت أن تؤمن أو إذا أردت أن تكفر فأنت مخير ولا مشكلة في ذلك، تريد أن تغير دينك مثلاً من الإسلام إلى النصرانية، أو تريد أن تتنصر أو تتهود، حرية والقرآن يقول: {فَمَن شَاء فَلْيُؤْمِن وَمَن شَاء فَلْيَكْفُرْ}، هذه مصيبة، إذاً لماذا جاهد النبي صلى الله عليه وسلم الكفار؟باستطاعته أن يقول لقريش {فَمَن شَاء فَلْيُؤْمِن وَمَن شَاء فَلْيَكْفُرْ}، والمسلمون إذا راحوا إلى الروم يقولون لهم: {فَمَن شَاء فَلْيُؤْمِن وَمَن شَاء فَلْيَكْفُرْ}، ويقولون للفرس: أنتم مجوس عُبَّاد النار {فَمَن شَاء فَلْيُؤْمِن وَمَن شَاء فَلْيَكْفُرْ}، فهل هذا ما فعلوه؟، لما ارتدت العرب بعد وفاة النبي عليه الصلاة والسلام هل قال لهم أبو بكر الصديق {فَمَن شَاء فَلْيُؤْمِن وَمَن شَاء فَلْيَكْفُرْ}؟ بل إنه جرد سيوف الحق لقتال المرتدين، وهو الذي قام في الأمة بعد نبيها صلى الله عليه وسلم، والذي لا يعرف أساليب اللغة العربية يمكن أن ينخدع بقول القائل "لو أراد أحدٌ أن يغير دينه فلا حرج في ذلك من شاء فليؤمن ومن شاء فليكفر"، بينما لو كان عنده علمٌ بأساليب اللغة العربية فلن ينخدع بذلك، قال ابن كثير رحمه الله: "يقول تعالى لرسول الله صلى الله عليه وسلم، وقل يا محمد للناس: هذا الذي جئتكم به من ربكم هو الحق الذي لا مرية فيه ولا شك {فَمَن شَاء فَلْيُؤْمِن وَمَن شَاء فَلْيَكْفُرْ}، هذا من باب التهديد والوعيد الشديد - هذا الأسلوب {فَمَن شَاء فَلْيُؤْمِن وَمَن شَاء فَلْيَكْفُرْ}، من باب التهديد والوعيد الشديد-، ولهذا قال: إنا أعتدنا يعني أرصدنا (للظالمين) وهم الكافرون بالله ورسوله وكتابه (ناراً أحاط بهم سرادقها) يعني سورها"، انتهى من تفسير ابن كثير، فلو كانت القضية هي الحرية في اختيار الأديان فلم جاء هذا التهديد والوعيد الشديد {فَمَن شَاء فَلْيُؤْمِن وَمَن شَاء فَلْيَكْفُرْ إِنَّا أَعْتَدْنَا لِلظَّالِمِينَ نَارًا}(سورة الكهف: 29).

الإسلام دين المحبة
مثلاً: يأتي بعض الناس فيطرح عبارة ويقول: الإسلام دين محبة، هل هذه عبارة صحيحة؟، نعم الإسلام دين محبة، لكن هل الإسلام خالي من البغض والكره؟ الجواب: لا، ثم لا بد أن نفصّل ونقول محبة من؟ محبة الله، ومحبة رسوله صلى الله عليه وسلم، ومحبة المؤمنين فيما بينهم، ((لا يؤمن أحدكم حتى يحب لأخيه ما يحب لنفسه))، ((أوثق عرى الإيمان الحب في الله))، ومحبة الهداية للخلق، لكن هل الدين خالٍ من البغض والكره؟، لا، لأن الله قال عن إبراهيم والذين معه، يخاطبنا نحن، {قَدْ كَانَتْ لَكُمْ أُسْوَةٌ حَسَنَةٌ} أنتم كلكم {قَدْ كَانَتْ لَكُمْ أُسْوَةٌ حَسَنَةٌ فِي إِبْرَاهِيمَ وَالَّذِينَ مَعَهُ إِذْ قَالُوا لِقَوْمِهِمْ إِنَّا بُرَآءُ مِنكُمْ وَمِمَّا تَعْبُدُونَ مِن دُونِ اللَّهِ كَفَرْنَا بِكُمْ وَبَدَا بَيْنَنَا وَبَيْنَكُمُ الْعَدَاوَةُ وَالْبَغْضَاءُ أَبَدًا حَتَّى تُؤْمِنُوا بِاللَّهِ وَحْدَهُ}(سورة الممتحنة: 4)، فإذاً من لم يكره الكفر و الكفار ولم يبغض الشرك والمشركين فأين إيمانه؟، {فَمَنْ يَكْفُرْ بِالطَّاغُوتِ وَيُؤْمِن بِاللّهِ}(سورة البقرة:256)، الله يبغض الزنا، الله يكره الفاحشة الكذب الظلم، الكبر، لاحظ أليس كذلك، الله عز وجل يبغض ويكره ويحب سبحانه وتعالى، فالإسلام فيه حب وفيه بغض، فيه ولاء وفيه براء، لو قال أحدٌ أن الإسلام دين التسامح، هل هذه الكلمة صحيحة؟ نعم، صحيحة لكن فصِّلْ لنا ما المقصود بهذه الكلمة؟، فيقول: لو جاء شخص واعتدى على بنتك أو زوجتك سامحه، ولو جاء آخر واعتدى على المال العام فسرق من بيت مال المسلمين يُسامح فالإسلام دين تسامح، وآخر يسب الدين أو الرب يسامح.
إن التسامح الذي في الإسلام يكون مثلاً في الحقوق الشخصية،لاحظ الحديث، ((رحم الله رجلاً سمحاً إذا باع، وإذا اشترى وإذا اقتضى))، يعني دَينه، حقوق شخصية، إذا أردت أن تبيع فسامح بشيء من الثمن، تريد أن تشتري فلا تماكس وتجادل وتبايع كثيراً، كن سمحاً، أو عرضوا عليك صلحاً فقالوا: هو يقول ألف وأنت سبعمائة وخمسين فسامح، إذاً التسامح أين يكون في حقوقك الشخصية، لكن أن يأتي شخص يسب الدين والرب ويقول: الإسلام دين التسامح، أو في قضية انتهاك أعراض، يقول: الإسلام دين التسامح، ماذا سيكون الحال لو مشينا على هذا؟
القرآن حمّال أوجه
يأتي بعضهم مثلاً في تفسير القرآن، فيقول: القرآن حمّال أوجه، هذه الكلمة في التفسير ممكن تعني معنى صحيح، أن القرآن غني وثري بالمعاني، ممكن الآية يكون لها ثلاث أو أربع أو خمس معاني كلها صحيحة،يمكن أن تفسر مثلاً {اهدِنَا الصِّرَاطَ المُستَقِيمَ}(سورة الفاتحة:6)، الإسلام، القرآن، الطريق الحق، طريق الجنة، الصراط المستقيم، هذا صحيح وهذا صحيح، وكله يؤدي إلى شيء واحد، وهنالك آيات أو قراءات كل قراءة لها معنى، فالآية على القراءة الفلانية لها معنى، والقراءة الفلانية لها معنى آخر، ولا تعارض بين المعاني، يعني اختلاف تنوع وليس اختلاف تضاد، مثلاً قول الله عز وجل {وَالشَّفْعِ وَالْوَتْرِ}(سورة الفجر:3)، قيل الشفع: يوم عرفة ويوم الأضحى، والوتر ليلة النحر، وقيل الشفع: اليومان بعد يوم النحر، والوتر اليوم الثالث، وقيل الشفع: الخلق كله، والوتر: الله عز وجل، وقيل الشفع: الصلوات الثنائية والرباعية، مثل الفجر والظهر والعصر والعشاء، والوتر: كصلاة المغرب، وقيل الشفع: عشر ذي الحجة، والوتر: أيام منى الثلاثة وهي أيام التشريق، فيمكن أن تحتمل الآية هذا وهذا، بحسب أساليب اللغة العربية وروايات التفسير، ويمكن أن نخرج بمعاني غنية، ويمكن حمل الآية عليها جميعاً، وكلها صحيحة، {يَسْأَلُونَكَ عَنِ الْخَمْرِ وَالْمَيْسِرِ قُلْ فِيهِمَا إِثْمٌ كَبِيرٌ وَمَنَافِعُ لِلنَّاسِ}(سورة البقرة:219)، قرأ حمزة والكسائي فيها إثم (كثير) بالثاء، لأن شرب الخمر يحدث معه عدة آثام، إثم كثير، فيحدث معه لغط وسب وشتم طلاق، قتل، ضرب، إيذاء، عداوة، خيانة، تفريط في الفرائض، إثم كثير متنوع، وقرأ القراء الباقون إثم كبير بالباء، كبير من الكبَر والعظم، هذا صحيح وهذا صحيح، فعلاً الخمر فيها إثم كثير ومتنوع، وفيها إثم كبير وعظيم، فهنا لا مانع لكن عندما يأتي بعضهم بمعنى للآية لا علاقة له باللغة العربية ولا وردت به روايات في التفسير، ولا يسير على قواعد التفسير، بحجة أن القرآن حمّال أوجه يفسرونه على غير مراد الله، كما فسر المبتدعة { إِنَّ اللّهَ يَأْمُرُكُمْ أَنْ تَذْبَحُواْ بَقَرَةً }( سورة البقرة:67)، البقرة عائشة، {مَرَجَ الْبَحْرَيْنِ يَلْتَقِيَانِ}(سورة الرحمن:19)، علي وفاطمة، {يَخْرُجُ مِنْهُمَا اللُّؤْلُؤُ وَالْمَرْجَانُ}(سورة الرحمن:22) الحسن والحسين، {وَالشَّجَرَةَ الْمَلْعُونَةَ فِي القُرْآنِ}(سورة الإسراء:60) شجرة بني أمية، فإذا صار الباب مفتوحاً صارت فوضى، وكل واحد يفسر ويقول: القرآن حمّال أوجه، فما هو الحال الذي سنصل إليه، وما هي النتيجة؟ كفر بغي ظلم، ولذلك القرآن فيه آيات محكمات هن أم الكتاب، وأصله الذي ترد إليه المشتبهات، عندنا محكمات واضحة ظاهرة، ومشتبهات ممكن تخفى على بعض الناس، فالذين في قلوبهم زيغ يتبعون المتشابه، والذي يريد الحق يتبع المحكم، فإذا اشتبه علينا شيء رددناه إلى المحكم.
مثال: جاءك واحد نصراني فقال لك: نحن نقول: أن الله ثلاثة، جمع، وأنا وجدت عندكم في القرآن آية تؤيد ديننا،قال: {إِنَّا نَحْنُ نَزَّلْنَا الذِّكْرَ} (سورة الحجر:9)، وإنّا للجمع، صحيح؟
قلت له: صحيح.
ونحن للجمع صحيح؟
قلت له: صحيح.
وقال لك: هذا يؤيد ديننا أن الله ثلاثة، لأن (إنّا) و (نحن) في اللغة تدل على الجمع، فماذا ستقول له؟ إذا اشتبهت هذه الآية عليّ أو عليك أو على أيّ أحد نردها إلى المحكم الذي لا يحتمل إلاّ معنى واحداً، صريحاً، واضحاً، مثل {قُلْ هُوَ اللَّهُ أَحَدٌ}(سورة الإخلاص:1)، واحد، {إِنَّنِي أَنَا اللَّهُ لَا إِلَهَ إِلَّا أَنَا فَاعْبُدْنِي}(سورة طـه:14).وتلك الآية ما هو معناها، نقول له: هذه للتعظيم والتفخيم، ألا ترى أن الملك من ملوك الدنيا يقول: أمرنا وقررنا وهو واحد، فالله يقول: {إِنَّا نَحْنُ نَزَّلْنَا} فمن أولى بالتعظيم؟ وفي لغة العرب يمكن أن تُستعمل من الرجل العظيم الذي له أعوان، والله عز وجل عنده الملائكة وهو غير محتاج إليهم، وعنده جنودٌ كثيرة وهو غير محتاج إليهم.
يأتي أحدهم و يفسر القرآن على غير مراد الله ويقول القرآن حمّال أوجه، أنا اكتشفت معنىً جديداً ما عرفه الصحابة والتابعون، وتوصلت إلى معنىً جديد، فلا بد أن لا تستعمل الكلمة في الضلال، فالكلمة يمكن أن تحمل معنىً صحيحاً، لكن تُستعمل استعمالاً باطلاً.
أنتم أعلم بأمور دنياكم
خذ مثالاً آخر ((أنتم أعلم بأمور دنياكم)) ما رأيك بهذه العبارة؟، حديث صحيح رواه مسلم، ((مرّ النبي صلى الله عليه وسلم بقوم على رؤوس النخل فقال: ما يصنع هؤلاء، فقالوا: يلقحونه يجعلون الذكر في الأنثى فيلقح فقال: لو لم تفعلوا لصلح، فخرج شيصاً - ما يصلح للأكل-، فمرّ بهم فقال: مال لنخلكم، فقالوا: قلت كذا وكذا، قال: أنتم أعلم بأمور دنياكم، وفي رواية: ((فإني إنما ظننت ظناً فلا تؤاخذوني بالظن ولكن إذا حدثتكم عن الله شيئاً فخذوا به فإني لن أكذب على الله عز وجل))رواه مسلم.
الآن قد يأتي بعض الناس مثلاً ويقول: في البيع والشراء والنكاح نحن أعلم بأمور دنيانا فلا تقيدني بشيء، هو الذي قال لنا: أنتم أعلم بأمور دنياكم، لكن قالها بأي مناسبة، وإذا جاء في تنظيمات شرعية لأمور دنيوية، فهل نحن ملزمون بها أم لا؟نعم ملزمون. وإلا فما قيمة ((إنما البيع عن تراض))، ((البيعان بالخيار ما لم يتفرقا))، ((لا يبع بعضكم على بيع بعض))، ((لا يبع حاضر لبادٍ))، ((نهى عن بيعتين في بيعة))، ((نهى عن بيع الغرر))، ((نهى عن بيع النجش))، ((نهى عن ثمن الدم وثمن الكلب))، ((نهى عن بيع الثمرة حتى يبدو صلاحها))، نهى عن بيع الذهب بالورق ديناً، والذهب بالذهب مثلاً بمثلٍ يداً بيد، وكل الأحكام التي جاءت في الشركة والمشاركات واللقطة والإجارة، هذه أشياء من أمور الدنيا، فإذاً أنتم أعلم بأمور دنياكم فيما لم يرد فيه نص، ، فمثلاً نظام المرور أنتم ((أنتم أعلم بأمور دنياكم))، ونظام الملاحة الجوية، أنظمة الري، تلقيح النخل، تزرع في الصيف، تزرع في الشتاء، في الخريف، ماذا تزرع في كل واحدة؟ تزرع شتلات أو تزرع بذور، ((أنتم أعلم بأمور دنياكم))، أنتم أعلم في قضايا الدنيا التي لا نصوص فيها، أنت أعرف، أنت أدرى أنت صاحب التجربة والخبرة، هذه ما قيدَنا فيها الشرع بقيد، فأوكلها إلى البشر، المزارع يرى ما فيه مصلحته، يزرع في الصيف يزرع في الشتاء في الخريف، لكن أن ننسف أحكام شرعية، جاءت فيها نصوص بحجة ((أنتم أعلم بأمور دنياكم)) هذا ضلال مبين.

إلغاء الحدود الشرعية
يأتي أحدهم ويقول: نريد أن نوقف بعض الحدود لأنها غير مناسبة للزمن الذي نعيش فيه، بعض الحدود فيها قسوة ووحشية، وينتقدنا عليها الغرب كثيراً، ولا تصلح لنا في هذا الزمان، مثل حد السرقة قطع اليد، حد الرجم أو الجلد ، ويقول عمر رضي الله عنه في عام الرمادة لم يقم حد السرقة، فإذا رأينا أنه في عام ثانٍ ما يناسب الحكم ما نقيمه، فهل هذا الكلام صحيح؟، وهل يجوز الاستدلال بفعل عمر على تعطيل الحدود وإلغاء الحدود؟ الجواب إطلاقاً، كلا والله، لا يمكن لأننا سنسأل هل عمر رضي الله عنه عطل حد السرقة؟ ألغى حد السرقة؟ حذف حد السرقة؟ لا، لكن ماذا فعل عمر رضي الله عنه لما صارت مجاعة في سنة من السنوات، وكان بعض الناس ربما أخذ من مال غيره بدون إذنه استبقاءً لحياته، لأنها مجاعة، فعمر رضي الله عنه لم يقطع في السرقة لماذا؟
لأن شروط حد السرقة لا تنطبق في هذه الحالة، ولذلك لأن شروط إقامة الحد لم تتوفر لم يقمه عمر رضي الله عنه، ومعلوم أن الحدود تدرأ بالشبهات ووجود المجاعة العامة والاضطرار شبهة تدرأ الحد، ولذلك نقول هل عطله عمر رضي الله عنه قبل عام الرمادة؟ لا. بعد عام الرمادة لما زالت المجاعة، نفس عام الرمادة في بلدان أخرى فيها خصب مثل مصر عُطل الحد، لا، إذاً العملية واضحة.

ضوابط المصلحة المعتبرة
من الممكن أن يأتي الآن بعض الناس مثلاً بأحكام أخرى يبيح حراماً مثلاً، ولا يوجب واجباً بناء على مصلحة هو يراها، يقول لك: أنا أرى المصلحة تقتضي كذا، وبما أن الدين يقوم على المصالح، فإذاً نفعل كذا ولو كان يخالف الكتاب والسنة، أو نترك كذا ولو كان يخالف الكتاب والسنة، بحجة أن المصلحة تقتضي هذا، محتجاً بقاعدة (الدين مبني على المصالح)، القاعدة صحيحة من جهة الأصل، قال ابن القيم رحمه الله "فالشريعة مبناها وأساسها على مصالح العباد في المعاش والمعاد وهي عدل كلها ورحمة كلها، و مصالح كلها، وحكمة كلها، فكل مسألة خرجت عن العدل إلى الجور وعن الرحمة إلى ضدها، وعن المصلحة إلى المفسدة، وعن الحكمة إلى العبث، فليست من الشريعة، وإن أُدخلت فيها بالتأويل" نقول: هل المصلحة كلمة فوضوية، كلمة مطاطة؟ هل أي شخص يرى شيء مصلحة يعتبر مصلحة وإلا المصلحة كلمة منضبطة لها ضوابط في الشرع؟ الجواب: لها ضوابط في الشرع، فالمصلحة المقصودة بأن الشريعة مبنية على المصالح هي المصلحة التي تتوافق مع الشرع، ولا يوجد مصلحة حقيقة تتعارض مع الشرع، فهي إما ملغية أو ما هي مصلحة أصلاً، ولذلك وضع العلماء ضوابط للمصالح المعتبرة حتى تكون المصلحة حقيقة لا بد أولاً أن تندرج ضمن مقاصد الشرع، مثلاً الشرع يحافظ على النفوس ويحافظ على العقول، ويحافظ على الأموال، ويحافظ على الأعراض، ويحافظ على الدين قبل كل شيء، إذا جاء أحد وقال: أنا أرى أنه هذا الشيء مصلحة، فحتى نقبل كلامه لابد أن تكون المصلحة التي يقولها لا بد أن تكون مندرجة ضمن مقاصد الشرع.
ثانياً: أن لا تعارض نصاً من الكتاب والسنة، فإذا كانت هذه المصلحة تعارض نصاً من الكتاب أو السنة، فمؤكد أنها ليست مصلحة، لأنه لا يمكن للشرع أن يترك مصلحة صحيحة ويهملها ويأتي بضدها، لا يمكن، فإما أنها ليست مصلحة أصلاً لكن هذا الرجل رآها مصلحة، أو ظنها مصلحة، أو أنها مصلحة ملغية موهومة.
ثالثاً: عدم تفويتها لمصلحة أهمَّ منها، وهنا بدعة خطيرة جداً الآن تروج وتُروَّج وهي تعطيل النصوص بحجة المصالح والمقاصد، فبعض الناس أصحاب الهوى تقيدهم النصوص ويحس أن هو مكبل، كيف يتخلص منها؟، قالوا الآن الفقه الجديد، والفقه الجديد ليس مبنياً على النصوص، بل مبني على نظرية المصالح ونظرية المقاصد، يدخلون ما شاءوا فيها ويخرجون ما شاءوا، بحجة نظرية المصالح ونظرية المقاصد، ولذلك عندما نتأمل حديث النبي عليه الصلاة والسلام: ((تركت فيكم ما إن تمسكتم به لن تضلوا بعدي أبداً: كتاب الله وسنتي)) هذان الأصلان العظيمان مهم جداً الاعتصام بهما الآن حتى يسلم الدين، وإلا يضيع الدين، فبدون الاعتصام بالكتاب والسنة يضيع الدين، فلا بد من الاعتصام بالكتاب والسنة.

تجديد الخطاب الديني
لنأخذ مثلاً آخر بعضهم يقول: لا بد من تجديد الخطاب الديني، إذا نظرنا إلى العبارة من أول وهلة فمن الممكن أن نقبل هذه العبارة، نقول مثلاً: لا بد من تجديد الخطاب الديني فنستعين بالنصوص السهلة في مخاطبة الناس، فلا نأتي بنص يشكل عليهم، نظراً لضعف مستوى اللغة العربية عند الكثيرين، ففي الخطاب الديني نختار نصوصاً أسهل في الفهم، وفي تجديد الخطاب الديني، نزيد من الإقناع مثلاً، نزيد من الأدلة المقنعة العقلية مثلاً، بالإضافة إلى الأدلة الشرعية، ودعونا نشرح الحكمة أو الحكم أكثر حتى يقتنع الناس أكثر، ونستخدم في عرض الأشياء الدينية مثلاً الأنظمة السمعية والبصرية الجديدة في وسائل العرض، ولا مانع أن نستعمل الألوان، ولا مانع أن نستعمل أشياء ثلاثية الأبعاد، ولا مانع أن نستعمل شبكة نسيج العنكبوت، ولا مانع أن نستعمل وسائل مثلاً تقنية متقدمة، ، لماذا لا نستعمل بعض تطبيقات الجوال؟ لماذا لا نستعمل ittv نظام قنوات التلفزيونية مسبقة الدفع؟، وهي الموضة الجديدة القادمة التي سيختفي فيها الدش، وتلتقط فيها القنوات التلفزيونية عبر نظام (الكِيْبِل)، والأشياء المسبقة الدفع، وبالتالي فتكلفة إنشاء قناة فضائية ألف دولار تقريباً، ويمكن أن تتحول شاشات الجوالات إلى ملتقط عظيم للقنوات التلفزيونية الجديدة على نظام ittv، ما المانع في ذلك، لماذا لا نستعمل نظام الإذاعات على الجوالات؟، استعملوا!! هذه كلها أشياء ووسائل فإن كنت تقصد أن تستعمل وسائل التقنية المعاصرة لتجديد الخطاب الديني استعمل، ولا مشكلة، وهذا كلام مقبول، بل وأشجع عليه، وما دام أن نظام صهر ودمج التقنيات الثلاثة في الجوال والانترنت والتلفزيون هو المخصص القادم للتقنيات الحديثة، وسيصبح عندك في البيت علبة فيها دمج وتوحيد لأنظمة الجوال والتلفزيون والانترنت، لأن الجوال الآن يشتغل على نظام، والتلفزيون يشتغل على نظام، والانترنت يشتغل على نظام، والخطوة التقنية القادمة هو دمج هذه الوسائل كلها مع بعض، فنريد أن نعد مسبقاً مواد شرعية وإسلامية وبلغات مختلفة، وحيث أن ديننا عالمي ورحمة للعالمين وكافة للناس بشيراً ونذيراً، فنريد أن نعد مواد شرعية للدعوة للإسلام بلغات العالم الحيّ على الأنظمة التوافقية الجديدة، فننظر إلى النظام الجديد الذي سيشتغل عليه الانترنت والجوال والتلفزيون، و نجهز عليه مواد شرعية قرآنية نبوية، بوسائل عرض جميلة جذابة، فيها تتابع وسرعة وإنارة وألوان وضوئيات وثلاثي أبعاد، بهدف تجديد الخطاب الديني، فنقول: وفقكم الله، وأعانكم الله، وتوكلوا على الله، وبسم الله وأيدينا في أيديكم ونحن معكم.
لكن لو جاء أحدهم وقال: نريد أن نجدد الخطاب الديني.
وكيف ستجدده ؟ فقال: بخلع الحجاب، وقال: إذا خاطبت الناس فخاطبهم بذكر الجنة وإياك أن تذكر النار، لأن ذكر النار لا تناسب القرن الحادي والعشرين، والناس لا يتحملون النار، وذكرها يخدش المشاعر فيؤدي إلى الاكتئاب، فيجب حذف أي شيء عن النار.
وقال: مثل هذه الحدود لا تصلح.
ومن تجديد الخطاب الديني، إباحة الربا، يقول: الربا ضرورة عصرية.
فيقال له: أنت تتحدث عن دين جديد، وتريد أن تخترع ديناً من عندك، وليس هذا من التجديد الديني في شيء.
فباسم التجديد يُفتح باب العبث والحذف والتغيير والتلبيس والتدليس، إلى آخره، وليس هذا هو التجديد الذي أخبر عنه النبي صلى الله عليه وسلم ((إن الله يبعث لهذه الأمة على رأس كل مائة سنة من يجدد لها دينها))، لأن التجديد الشرعي ما هو؟، إعادة الناس إلى الأصل بعد الانحرافات، إعادة الناس بعد البدع إلى السنة بعد أن دخل في الدين ما ليس منه يُنقَّى ويعاد إلى الأمر الأول، التجديد أن ترد الناس إلى الأصل وإلى ما كان عليه النبي عليه الصلاة والسلام وأصحابه، وترد الناس إلى الفهم النبوي وفهم السلف للكتاب والسنة، هذا هو التجديد فماذا فعل المجددون؟،كالشافعي وعمر بن عبد العزيز وابن تيمية ومحمد بن عبد الوهاب، فكل من جدد ماذا كانت فكرته؟ وماذا كان عمله؟ الذي جدد بحق جاء في وقت الناس صاروا فيه في اختلاط وفتن وبدع وضلالات فنقّى وأرجعهم إلى الأصل، هذا هو التجديد الشرعي، وليس من التجديد الشرعي أن تحذف صلاتين، وأن يقال: الواجبات نخففها، والمحرمات نقللها، لا، هذا أسمه عبث،تضييع للدين، هذا دين آخر، وهذا أحياناً يستعمل باسم العصرنة والعقلنة. ويقولون: هذا تجديد بينما هو في الحقيقة تحريف وتغيير للدين، وهذا باطل، ولا يمكن القبول به.

الضرورات تبيح المحظورات
لو أخذنا قاعدة أخرى، مثلاً (الضرورات تبيح المحظورات) هذه قاعدة صحيحة موجودة في كتب العلماء، ومأخوذة من الكتاب والسنة وعليها أدلة: {فَمَنِ اضْطُرَّ فِي مَخْمَصَةٍ غَيْرَ مُتَجَانِفٍ لِّإِثْمٍ}(سورة المائدة:3) {فَمَنِ اضْطُرَّ غَيْرَ بَاغٍ وَلاَ عَادٍ}(سورة البقرة:173).. وهي من قواعد الشرع الحنيف، لكن قد يأتي بعض الناس الآن ويستعمل قاعدة (الضرورات تبيح المحظورات) على إباحة الربا لبناء مسكن لأنه لا يريد أن يكون مستأجراً، وقد يستدل بها على مصافحة المرأة الأجنبية، ويعتذر بأنها هي التي مدت يدها وأنا استحييت،فماذا أفعل؟كنت مضطراً.
ابتُعثت للدراسة وأقيمت حفلة بالجامعة وصرت معهم ووزعت كؤوس الخمر وكلهم شربوا، وأصبحت غريباً بينهم فاضطررت للشرب فشربت، هل هذا يجوز بحجة أن الضرورات تبيح المحظورات؟ إذاً ما هي الضرورة في الشرع؟، الضرورة أنه يقع ضرر يعود بالهلاك على النفس أو تلف أحد الأعضاء، هذه ضرورة تبيح أكل الميتة مثلاً، ولذلك الضرر الذي يعود بالهلاك على النفس أو المال أو العرض هو الذي يكون فيه تخفيف في بعض الأحكام الشرعية لما يناسب الحال، لإنقاذ الإنسان من مهلكة، أما التساهل والتسيب في الدين بحجة أن هذه ضرورة تبيح المحظورات، فهذا بلا شك تضييع للدين وفوضى، ولذلك لا يمكن أن يكون إباحة الربا لتوسيع المناشط التجارية والصناعية... من الضرورة إطلاقاً، ولذلك الضرورة مثل كلمة المصلحة وضع لها العلماء ضوابط، ولا بد وهذا واجب، ووظيفة طلبة العلم أن يذكروا الناس دائماً ما هي ضوابط الشريعة في المصلحة؟ وما هي ضوابط الشريعة في الضرورة؟، حتى يعرف العامي هل هي ضرورة أو لا، فمثلاً يقولون: من ضوابط الضرورة:
أولاً: أن يكون لا سبيل إلى دفعها.
ثانيا: أن يخشى معها الهلاك.
ثالثاً: أن يقتصر في المحظور على ما يدرأ الضرورة فقط.
أي إذا كان دفع الهلاك والضرورة من الميتة بلقمتين فلا يجوز أخذ ثالثة، فيقتصر على ما يدفع الضرورة فقط فلا يتوسع، وأن لا يوجد بديل شرعي، وهكذا.

يتبع..

 



للتبرع بمبلغ 10 ريال
ارسل رسالة فارغة إلى الرقم
STC & Mobily
5565




موضوع مهم جداً:
كلمات حق يراد بها باطل










 


التعديل الأخير تم بواسطة المسلم العربي ; 03-08-2010 الساعة 09:48 PM.
رد مع اقتباس