[شهد علي]

وعلى رأسهم الظاهر بيبرس وقلاوون الألفي.

- وثانيها: زوجته شجر الدر، وهي امرأة متسلطة جدًا كانت تتدخل في شؤون الحكم، وبدأ كل منهما (أي هي وزوجها أيبك) يتربصان ببعضهما البعض، لدرجة أنها أرسلت إلى ناصر الدين يوسف الذي في الشام، تعرض عليه أن يتزوجها، على أن تملكه مصر ويقتلان أيبك، وذلك عندما علمت بأن زوجها سيتزوج عليها من ابنة أمير الموصل، ولكن الناصر يوسف اعتقد أنها خدعة وانتهى الأمر بأن تمكنت شجر الدر وحدها هي وجواريها من قتل أيبك وهو في الحمام! وما إن علمت زوجته الأولى (أم علي) بذلك حتى صعدت إلى القلعة مع المماليك المُعِزِّيَة وأحاطوا بشجر الدر وقتلوها، ورموا بجثتها من أعلى القلعة، وقد ضلت جثتها في مكانها لثلاثة أيام، حتى تبرع العامة بدفنها.

- خلا المسرح السياسي من كل من شجر الدر وأيبك في عام 655هـ. واحتفالاً من أم علي بمقتل ضرتها، صنعت الطبق الشهير المعروف باسم "أم علي"، وقيل أنها قطعت أجزاء من صدر شجر الدر ووضعتها في الطبخة، لذلك نحن اليوم نضع المكسرات والزبيب!!

- أما بالنسبة للويس قائد الحملة الصليبية السابعة فكان مقيمًا في بلاد الشام يراقب الموقف بين الطرفين، فلما انتصر أيبك في معركة العبّاسة أرسل إليه يجدد الصلح ويعفيه من المبلغ المتبقي ويُطلق سراح كل الصليبيين الأسرى.

- و الأكثر من ذلك بعض المصادر ذكرت أنه عرض عليه أن يساعده في الاستيلاء على بيت المقدس إذا أيده ضد الأيوبيين.

- ولكن لويس اختار الرحيل عائدًا إلى الغرب الأوروبي وكان المغول قد بدؤوا في الاقتراب من بغداد، فتدخل الخليفة العباسي في الصلح بين الأيوبيين والمماليك وذلك عام 651هـ ((مهم)). على أساس أن يكون للمماليك من مصر حتى نهر الأردن، وما وراء ذلك للأيوبيين.

• سلطنة قطــز:-
تم الاتفاق بعد مقتل شجر الدر وزوجها أيبك على سلطنة ابن أيبك (علي بن أيبك) وكان عمره 15 سنة. ووضعوا وصيًا عليه هو (المجاهد سيف الدين قطز)، وقد اعتقد أمراء البيت الأيوبي وعلى رأسهم المُغيث عُمَر الأيوبي والمماليك البحرية أن الفرصة قد حانت للعودة إلى مصر، فجهزوا قواتهم وخرجوا متجهين إلى مصر.

فأرسل قطز قواته عند الصالحية عام 655هـ وفي عام 656هـ وصلت أخبار تفيد بأن المغول دخلوا بغداد و قتلوا الخليفة وأسقطوا الخلافة. وقد أرسل الناصر يوسف الأيوبي ابنه العزيز إلى هولاكو (قائد المغول) كي يساعده ضد المماليك في مصر ، مما أغضب هولاكو فاتجه إلى بلاد الشام مجتاحًا لها (أي أنه اكتسحها) وقضى على الناصر يوسف، وأخذه أسيرًا عنده في طريق العودة، بعد أن ترك كتبغا (أو كيتو بوكا) قائدًًا لجيش المغول المتجه إلى مصر.

وفي مصر قبض قطز على علي بن أيبك وأعلن نفسه سلطانًا، وما لبث أن انضم إليه المماليك البحرية الذين فروامن مصر قبل ذلك وبدأ قطز في إعداد قواته لمواجهة المغول الذين وصلوا إلى غزة وأرسل حملة استطلاعية بقيادة بيبرس وخلفها الجيش المغولي بقيادته.

وقد خرج الصليبيون عارضين على قطز المساعدة ضد المغول، فطلب منهم الوقوف على الحِيَاد (أي لا نريد منكم شيء)، واتجهت القوات المملوكية إلى منطقة عين جالوت، حيث حدثت الموقعة المشهورة في التاريخ "عين جالوت" قرب بيسان في فلسطين وذلك عام 658هـ.


• أهم نتائج موقعة "عين جالوت"-

1- انتصار المماليك، وهزيمة المغول، وقتل كيتو بوكا ومعظم رجاله.
2- امتداد النفوذ المملوكي فجأة لبلاد الشام.
3- وقف الزحف المغولي عند حدود العراق.
4- حماية مصر والشمال الإفريقي.

- وقد تولت القوات المملوكية إخراج المغول من بلاد الشام كلها. وتولى بيبرس تطهير حلب و ما حولها من الوجود المغولي بعد أن وعده قطز أن تكون حلب له، ولكنه تنكر لوعده وأعطاها (لعلاء الدين ابن بدر الدين لؤلؤ)، فبدأ بيبرس يدبر مؤامرة للتخلص من قطز، في حين أخذت الاحتفالات تُقام في مصر لقاهر المغول (قطز)، و في الطريق إلى مصر في منطقة الصالحية دبر بيبرس مؤامرة قُتل فيها قطز، وأخذ المنادي ينادي ترحموا على المظفر قطز، وادعوا للقاهر بيبرس، وقد خشي الناس من سلطنة بيبرس لأنه كان من كبار المماليك البحرية الذين سبق واعتدوا على الحوانيت (أي الدكاكين).

س : ما هي الأعمال التي قام بها بيبرس ليكسب قلوب الناس ويتقرب إليهم؟
1- أطلق سراح من في السجون.
2- خفف الضرائب تقربًا للناس.
3- ألغى الأموال التي فرضها قطز.

س : ما هي المصاعب التي واجهها بيبرس في بداية سلطنته؟

1- ثورة علم الدين سِبْخَر الحلبي، الذي عينه قطز نائبًا لدمشق، فثار في دمشق وأعلن نفسه سلطانًا فأرسل بيبرس حملة بقيادة علاء الدين البندقداري (وهذا اسم وظيفة تعني الذي يحمل كيس البندق) الذي قضت على ثورته.

2- ثورة شمس الدين آقوش البرلي فكلف بيبرس علاء الدين بالقضاء على هذه الثورة، وتمكن من ذلك بعد فرار آقوش.

3- تخوف بيبرس من ثورة المُغيث عمر الأيوبي، فقبض عليه واعتقله في قلعة الجبل.

4- ثورة الشيعة في شوارع مدينة القاهرة.

• أهم الأعمال في سلطنة بيبرس:-

1- إحياء الخلافة العباسية عام 659هـ، علم بيبرس أن أحد أبناء البيت العباسي موجود عند عرب خَفَاجَة في العراق وهو أحمد بن الظاهر ابن الناصر العباسي، فأرسل إليه من أحضره، وعقد اجتماعًا في قلعة الجبل من العلماء والقضاة، وأثبت صحة نسبه (أنه من البيت العباسي)، ولقبه المستنصر بالله، وبايعه أول خليفة عباسي في مصر.

وبعد ذلك قام الخليفة بإعلان بيبرس سلطانًا شرعيًا للبلاد. ولم يلبث بيبرس أن أدرك أن هذا الخليفة قد أصبح منافسًا له حيث إن اسمه يذكر قبله في خطبة الجمعة واسمه يُنقش على السكة (النقود). فإذا حدث أن اختلفا سيقف الناس إلى جانب الخليفة، ففكر بالتخلص منه، فعرض عليه أن يخرجا معًا على رأس حملة لاسترداد بغداد من المغول، وقد خرج الخليفة والتقى مع المغول في صحراء هِيتْ (بين مصر والشام).
- قُتل الخليفة وأحضر بيبرس شخصًا آخر من البيت العباسي هو أبو العباس أحمد، فأعلنه خليفة ولقبه الحاكم بأمر الله، وعاش شبه مهجور في قصره؛ وهذا هو وضع الخلفاء العباسيين طوال العصر المملوكي، هُيئت لهم الدور والقصور لكن ليس لهم من الحكم شيء سوى إضفاء الشرعية على سلاطين المماليك.

2- قبل أن يبدأ بيبرس جهاده ضد الصليبيين والمغول قام بمحالفة كل من الإمبراطور البيزنطي (ميخائيل باليلوجس) لأنهم أعداء الصليبين.

3- حالف مغول القُفْجاق (اسم المنطقة) أو مغول القبيلة الذهبية الذين اعتنقوا الإسلام فأصبحوا أعداء لمغول فارس الوثنيين.

• جهـاده ضد الصليبيين:-

1- 661هـ: هاجم عكا وفشل.
2- 663هـ: استرد قيسارية ويافا وأرسوف (وهي مدن شامية).
3- 664هـ: استرد صَفَدْ، وهونين، والرملة.
4- 665هـ: قرر محاربة الأرمن لأنهم كانوا يتعاونون مع الصليبيين والمغول، وانتهز فرصة عدم وجود ملكهم (هَيْثُوم) ((ملك الأرمن)) الذي كان يزور مغول فارس.
5- 666هـ (مهم): استرد إمارة أنطاكية الصليبية.
6- 668هـ: أرسل حملة بحرية إلى جزيرة قبرص (لوقف اعتداءاتهم المستمرة على السفن المصرية) ولكن الحملة فشلت بسبب هبوب رياح عاتية.

7- أرسل عدة حملات تمكن فيها من القضاء على حصون الحشيشية.

• جهـاده ضد المغـــول:-

- كانت بلاد فارس قد أصبحت تحت حكم "أبغى" وكانت قد انتهت إغارات المغول الكاسحة. وكان يرسل حملات متقطعة تغير على مناطق في أعالي الفرات مثل أعالي البِيرة، وهي قلعة في أعالي الفرات وكان بيبرس ما إن يعلم بذلك حتى يرسل حملات لردعهم وطردهم.

- 663هـ: أغار المغول على البيرة فردهم بيبرس.

- 668هـ: أغاروا على السّاجور، عين تاب، عمق الحارم.

- 674هـ: قرر بيبرس أن يرسل حملة إلى السلاجقة لتأديبهم بسبب تعاونهم مع المغول، وكان ذلك في موقعة "الإِبْلَسْتِين" وفر زعيمهم مُعين الدين سليمان البِرْوَنَاه، وانتصر بيبرس على السلاجقة، ودخل مدينة قيصرية، ودُعي له على منابرها.

- 676هـ: توفي بيبرس بعد أن عين ابنه السعيد بركة سلطانًا في حياته، وزوجه من غازِيّة خاتون ابنة قلاوون (أقوى منافسيه) لأنه كان يخشى منافسة قلاوون الألفي لابنه، ورغم ذلك فقد اضطربت الأوضاع في عهد السعيد بركة، وانتهى الأمر أنه (سعيد) حوصر في قلعة الجبل، فأرسل يستنجد بحماه قلاوون الذي نصحه بترك السلطنة فتنازل عن الحكم، وعُرضت السلطنة على قلاوون فتظاهر بالزهد فيها وتم اختيار بدر الدين سَلامِشْ ابن بيبرس الثاني سلطانًا وقلاوون وصيًا عليه وذلك في عام 678هـ.
المحاضرة (7)
س : كيف استغل قلاوون فترة الوصاية على بدر الدين سلامش؟
1- قبض على عدد كبير من المماليك الظاهرية (نسبة إلى الظاهر بيبرس).

2- عزل النواب والولاة الذين عينهم بيبرس وابنه (السعيد بركة).

3- تخلص من المنافسين له في السلطة مثل: سُنقر الأشقر الذي عين نائبًا في دمشق.

4- أغدق المناصب والجوامك (أي الرواتب ومفردها جامكية، وهو مصطلح مملوكي) على الموالين له، وفي النهاية عام 678هـ عزل بدر الدين سلامش، وأعلن نفسه سلطانًا عام 678هـ.



• سلطنة قلاوون الألفي:-

س : ما هي المشكلات التي واجهها قلاوون في بداية سلطنته؟
1- مشكلة الثوار: ثورة سُنقر الأشقر الذي خلع طاعة قلاوون وأعلن نفسه سلطانًا وتلقب بالكامل. فأرسل إليه قلاوون قوة قضت على ثورته ولكنه استطاع أن يفر واستنجد بالمغول.

2- المغــول: تجرؤوا وهاجم "أبغى" (حاكم منطقة فارس) بقواته بعض القلاع في الشام ودخل مدينة حلب (واسمها بوابة الشام الشمالية)، وعادوا عندما علموا باقتراب قوات قلاوون.

3- الصليبيون: هاجموا حصن الأكراد بعد أن اتصل بهم بعض المتآمرين ضد قلاوون من المماليك الظاهرية.



س: كيف استطاع قلاوون القضاء على المشكلات التي واجهته؟
1- أرسل إلى سُنقر الأشقر من أمنه وعفا عنه وعينه حاكمًا على أنطاكية.

2- 680هـ عقد صلحًا مع الصليبيين (الداوية والإسبتارية وبوهمند السابع أمير طرابلس).

3- 680هـ: خرج لمحاربة المغول وهُزم أبغى المغولي في موقعة حمص وانتهت بانتصار قلاوون "موقعة مهمة".

4- هاجم حصن "المِرْقب" واستولى عليه 684هـ.

5- 686هـ: استرد اللاذقية من الصليبيين.

6- 688هـ: استرد إمارة طرابلس من الصليبيين (وهي آخر إمارة لديهم). وبقي مع الصليبيين صور – صيدا – عِثْليس – عكا. وكان قد عاد إلى دمشق لتنظيم قواته عندما علم أن بعض الصليبيين القادمين من الغرب الأوروبي قد اعتدوا على الحاميات الإسلامية الموجودة خارج أسوار عكا فأقسم أن يفتح عكا ولكنه توفي 689هـ.

• سلطنة الأشرف خليل:-
نودي به سلطانًا بعد وفاة أبيه (قلاوون) مباشرة، ولكنه تعرض في بداية سلطنته إلى مؤامرة من حسام الدين طرونطاي نائب السلطنة تهدف إلى التخلص منه. فقبض عليه الأشرف وقتله وعين بدر الدين بيدرا نائبًا للسلطنة، وأعطاه أموال وإقطاعات حسام الدين، وخرج إلى بلاد الشام ليقود الجيوش والقوات الحربية المجتمعة في دمشق، واتجه إلى عكا واستردها عام 690هـ كما استرد صور، وصيدا، وعِثْلِيس، وقُدر له أن يكون بطل آخر حلقات الحروب الصليبية. وقد اختار الصليبيون مغادرة الشام نهائيًا إلى جزيرة قبرص، أما بالنسبة للأشرف خليل فقد توترت العلاقة بينه وبين بدر الدين بيدرا بعد أن صادر الأشرف جزءًا كبيرًا من أملاكه.