27-06-2008, 01:57 PM
|
#320
|
تاريخ التسجيل: Apr 2008
كلية: كلية الهندسة
التخصص: هندسة كهربائية
نوع الدراسة: متخرج - انتظام
المستوى: متخرج
البلد: مكة المكرمة
الجنس: ذكر
المشاركات: 4,737
|
في إحدى زيآراتي لمنآطق الجنوب ، من أبها نزولآ إلى محآئل عسير
وفي احدى جبآل تهآمة ،..
.
,
.
ذآك المكآن ، لازلتُ أتذكره تمآمآ ..
بعيدٌ عن أنظآرِ الاخرين ،
خآوٍ من كُل مآ يعمُر الأرض ،
إنه
" بيتهآ "
اغرقته ميآه الأمطآر ، وجرفته السيول ، وما تلك السيول بهوآن !
كآنت تقطن هنآكـ،
عجوز ، في التسعين من عمرهآ .. ضعيفة متهآلكة ، ذآت ردآء هش كآدت تمزقه سنوآت وعقود ..
وحيده ، حيث لا أنيس ولا ونيس
منعزلة عن كل مآ يدور حولهآ !
تسآمر نعجآتهآ ويسآمرونهآ
تقآسيم وجههآ ، أكآد أميزه من بين مئآت البشر ..
نعم انها تلك التقآسيم المجعده ، بل تلك النقية الطآهرة ،..
كآن يُشآر لهآ بالبنآن !!
شعرت بفضول شديد ، لـ ( سوف ) أذهب وأحآدثها ، لعلي أنتفع أو شيئآ من هذا القبيل
سلكت طريقآ وعرآ ، طلوعآ إلى ذآك الممر الضيق ، ومنه سرت إلى أعلى الجبل ،..
حينهآ ،.. ترجلت عن سيآرتي ، وأكملت سيري مشيآ على الأقدآم ، آآهـ، درب متعب حقآ .. هكذا خرجت كلماتي لا إرآديآ
فكيف بعجوز مثلهآ !!
رُحمآك يآرب ،..
بعد جُهد وعنآء ، وصلتُ إلى بيتِ قد صُنع من الخشب والطين ، مغطى ببعض من سَعفِ النخل
هل لي أن أُحآدِثُكِ قليلآ أمآهـ ؟
نعم ، فو الله لإنكِ في منزلتي أمي ،... شعورآ غريبآ اجتحآني ،
بصوتٍ بدويٍ أصيل قالت ،.. حي الله الضيف ،
قدمت لي " مِسْفَع " أتدفى به ، آهـ، كم كآن الجو بآردآ ذاك الصبآح
شُكرآ أمآهـ، أرجوكِ لا تفعلي شيئآ ولا ترهقي نفسك ... لآ أريد منكِ سوى بعض من حكمكِ لعلي أروي بهآ حيآتي ، فـ ( مثلكِ ) قد عآشته الحيآة واعتصرته عصرآ !
قآلت : عنمآ يرخي الليل سَدآئِلَهُ ، حيثُ يكونُ القمر بدرآ ، اذهب إلى تلك المنطقة أسفل الجبل ( وأشآرت بيديهآ ) وسترى شيئآ عُجآبـ،..
انتظرت حتى الليل وذهبت ،.. فأدهشني مآ سمعت ومآ رأيت ،..
بكآء أطفآلا صغار ، يكآدون يموتون من الجوع ،..
رجعتُ إليهآ ،.. أُمآهـ، مالغرضُ مِن هذا ؟
بصوتِ تعلوه نبرة الغضب ،.. ألا تعلم أن الانسان اذا ملك قوت يومه ، كأنما ملك نصف دنيآهـ !
آهـ، بالتأكيد ،
ثم ، بآغتتني بسؤال مفآجئ ، أتعبت بني حتى وصلت إلى هنآ ؟
أجبتها ، نعم تعبت حتى شعرتُ بالارهآق ..
قآلت ، إذآ فالسعدُ لك ! .. الصحه نعمه من أغلى نعم رب العالمين ،..
هززت رأسي متمتمآ ومؤكدآ لهآ ..
أتبعتُ إجآبتي بسؤآلٍ آخر ،.. أمآهـ ألا يرهقكِ العيش هنآ ؟ ، أقصد في أعآلي الجبآل بعيدة عن محط أنظآر الاخرين ، منعزلة تمآمآ ، ألا تخآفين ؟
قالت : الإيمآن بأن هنآك رب مدبر يرزق الضعيف الفقير من حيثُ لا يحتسب ، ... .. صمتت لوهلة
ثم أردفت قآئلةَ ، مآ أجمل أن يعيش الانسآن في أرض الله الوآسعه ، نتأمل هذه الجبآل الشوآهق ، نتأمل كل مآ حولنا ... إنهآ الطبيعه بني .. وبدأت تحكي لي قصصآ عن مآ عآيشته في تلك الطبيعه
خيم الصمت على كلينآ قليلآ ،..
.
.
.
.
أرخت الشمسُ خيوطهآ الذهبية على أرجآءِ المكآن ، مُعلنةَ عن بِدء غروبٍ جديد ،
أمآهـ،. لآ بد أن أرحل الان ،.. سعدتُ جدآ بكِ وبأمسي الذي قضيته معكِ ، وعرفت تمآمآ ماترمين إليه ، فـ القوتُ والصحه والإيمآن ، من أكبر نعم الخآلق علينآ ،... فبهمآ كأنما ملكنآ الدنيآ ، .. شُكرآ لكِ فو الله كلمآتكِ كنزآ غآلي أفتخر به ،.. اسمحي لي بأن أُقبل يديكِ ورأسكِ احترآمآ وتقديرآ لكِ ،...
رفضت بغضب ،.. إنها عزةُ النفس ، آآآآآآآهـ مآ أجمل جيلآ قديمآ ومآ أحلاهـ، ...
عرفتهآ قلبآ شديد التعلق بالله ،.. قلبآ رآضيآ بمآ كتب الله لهآ ،... ذآت عقلٍ رآجح ، تحفظُ القرآن عن ظهر غيبٍ رغم أنهآ " أمية " لا تكتبُ ولا تقرأ ،... عرفتهآ ، متوآضعه جدآ ، كريمة نبيلة طآهرة نقية شريفة ، ومآ هذه الصفآت بكثير !
خرجتُ من هنآكـ، .. وكآنت تلك الزيآرة محفورة في ذآكرتي ، لإنهآ وببسآطة ، من أجمل ذكريآتي
رَحمك الله يآ " أم عبدالله " ، وأسكنكِ فسيح جنآته ،..
|
|
|
|
|