[Da_JokEr]

حسن عسيري

الهيئة في قلوبنا


إيماني الأكيد أن رجال الهيئة حراس فضيلة بنوايا حسنة وصادقة ولكن الحق الواضح أن أية أخطاء مهما كانت صغيرة فإنه يتم تكبيرها بالمجهر الإعلامي خمسة آلاف مرة، فقط لأنها الهيئة، وهذا بالطبع لم يأت من فراغ بل هو نتيجة طبيعية لمجموعة من الأخطاء التراكمية خلال سنوات ماضية مست حريات الناس وهتكت سترهم في وقت كان من الممكن أن يكون الستر أنفع وأصلح، ومن هنا فالكل يخاف من مشروع الكاميرات التلفزيونية التي ترغب الهيئة بتطبيقها في المجمعات التجارية، وأنا أراه أمراً عقلانياً وربما يكون محاولة من جانب الهيئة لترميم بعض الشروخ بينها وبين المجتمع، ولكن لماذا الجدل؟
ما يجب أن يكون مؤكدا عند رجال الهيئة، أنه لو طرح استفتاء عام على السعوديين، لكانت النتائج بضرورة بقاء الهيئة تتجاوز الـ 90% إن صح ظني. فنحن نؤمن بـ "بصيرة" الهيئة في حماية المجتمع، ولكننا أحيانا نختلف مع بعض "العيون" التي تبالغ بالتحديق في تفاصيلنا.
شعوري العام، أن المجتمع السعودي لا يرفض أهداف الهيئة في تشكيل جهاز مناعي يحمي المجتمع من الأخلاق الضارة، إنما يرفض تكنيك الوصاية، وخطط الهيئة في مشروع الكاميرات التي يراها الناس التجسس بعينه مع أنها لو كانت من وزارة الداخلية وحتى وزارة النقل لما وجدت أدنى معارضة، ومن هنا وللأسف يصبح أي مشروع لـ"الهيئة" مثار جدل، حتى لو كان إيجابيا.
ولأن طبيعة المجتمعات رفضها لمن تشعر أنه يراقبها وترفض أيضا طرق إدارة الوصاية "الأبوية" التي لا "تخاوي" الابن كما يقول المثل "إن كبر ابنك خاويه"، ولأن "الهيئة" تدير وصاية بصوت عال دون أن تخاوي "الابن" أي المجتمع، تصبح هناك منطقة ألغام يقع فيها الطرفان، وتبقى الضحية الوحيدة هي فكرة "الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر" التي يرغب بها كلا الطرفين، لأننا نركب "نفس باص النقل الجماعي"، متوجهين إلى ذات الوجهة معا، نريد تسامحا وتصالحا يجعلنا نقول الهيئة في قلوبنا وليس كما يردده البعض من أن الهيئة على قلوبنا.
بات من المؤكد بالنسبة إليّ أن لغة الخطاب بين المعارضين والمؤيدين هي التي نحتاج فيها "أمرا بصوت منخفض" و"نهيا عن صوت عال" حيث الرحمة والمرونة وتقبل الآخر شرط من شروط الحوار: على الأول أن يفهم أننا مجتمع مسلم نرضى بالحد الوسطي من صيانة الأخلاق، وعلى الثاني أن يدرك الآية القرآنية: "ولا تجسسوا".
جريدة الوطن
http://www.alwatan.com.sa/news/write...2141&Rname=254

ونشوووفكم تاني