19-06-2009, 08:15 AM
|
#102
|
تاريخ التسجيل: Apr 2008
التخصص: بشررررررري
نوع الدراسة: إنتظام
المستوى: متخرج
الجنس: ذكر
المشاركات: 1,138
|
رد: الكاميرات مابين موافق ومعارض,,,لكم الاختيار؟؟؟
الهيئة... الهيئة... الهيئة!
حمزة المزيني
عادت "هيئة الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر"، مرة أخرى، إلى بؤرة الاهتمام كما يتمثل ذلك في المقالات الصحفية الكثيرة عنها هذه الأيام. وسبب هذا الاهتمام نصبُها "كاميرات" في الأسواق لمراقبة المتسوقين تعللا بأنه سيحد من تجاوزات المتسوقين "الأخلاقية" تجاه النساء.
لكن المسوغات التي توردها لا تعدو أن تكون ستارا تتخفى وراءه الأسباب الحقيقية لهذه "البدعة". فمن الواضح أن الهيئة تشعر بأن هناك معارضة واسعة لكثير من تصرفاتها. ويشهد بهذا الشعور موقف مسؤوليها القياديين الذي يتسم بالتناقض تجاه وسائل الإعلام: فهم يشنون أحيانا هجوما كاسحا على الصحفيين والكتّاب ويتهمونهم بأنهم يكنُّون عداء مبدئيا لشعيرة الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر نفسها.
لكنهم أحيانا يسترضونهم بكلام معسول عن النية في إرساء علاقة طيبة معهم. ويصور هذا التناقضُ عدمَ ثقة أولئك المسؤولين بما يقومون به، وحرجَهم من تصرفات بعض منسوبي الهيئة. كما يشهد بذلك مبادرتهم دائما لتبرئتها، وبذل الوعود المتتالية للبحث عن سبل أكثر جدوى لتنفيذ عملها.
يضاف إلى ذلك أسباب أخرى تكشف عن مزيد من التناقض وعدم الثقة بالنفس. ولا تظهر هذه الأسباب صراحة في تصريحات المسؤولين القياديين لكنها تنزلق على ألسنتهم أحيانا.
ومن أهمها ما كشفه تصريح "مدير فرع الرئاسة العامة في منطقة الرياض الشيخ الدكتور عبد الله الشثري" (عكاظ، 9/6/1430)، الذي لفت "... إلى أن رجال الأمن جزء لا يتجزأ من عمل الهيئة، ومرافقتهم لرجال الهيئة هام وضروري، من حيث إضفاء الطابع الرسمي لعمل رجال الهيئة، ويحقق مهابة للعاملين في هذا الجهاز، إنما يوجد نقص في عدد رجال الأمن، ونتطلع إلى تغطيته من قبل الجهات المعنية".
ويفسر هذا الهم سعيَ الهيئة إلى نصب "الكاميرات" في الأسواق. فهي لا تشعر بأن لها "طابعا رسميا"، فعليا، وتشعر بأن هذا يجعل الناس لا ينظرون إلى أفرادها بشكل يماثل نظرتهم إلى الأجهزة الأخرى في الدولة. كما تشعر بأنهم لا "يهابون" منسوبيها! وهو سبب الرغبة في "إضفاء الطابع الرسمي" على منسوبيها، وإرغام الناس على احترامهم، و"تحقيق المهابة" لهم!
وتبين هذه الهموم الدفينة أن الهدف من نصب "الكاميرات" إنما هو زرع الخوف منها في قلوب المتسوقين وإشعارهم بأنهم تحت رقابة "الأخ الأكبر".
ويشهد برسوخ هذه الرغبات كلها خروجُ أفراد الهيئة إلى الأسواق في جماعات، واصطحابهم الجنود، وامتطاؤهم السيارات القوية القادرة على "إخافة" الناس والسيارات الأخرى! يضاف إلى ذلك ارتداء منسوبيها "المشالح"، وتميز كثير منهم بالبسطة في الجسم. وكانوا في القديم يحملون "عصيًّا" يضربون بها الناس أو يخوفونهم بها (أما الآن فيطالبون بـ"تسليح" الجنود المرافقين!).
ومما يؤكد هذه المشاعر والرغبات تصريح رئيس الهيئة، بأن الهدف من نصب "الكاميرات": "... تخفيف الاحتكاك بين الأعضاء الميدانيين والمواطنين من متسوقين وغيرهم" ("الوطن"، 3/6/1430)! ويعني هذا تحويلها إلى جهاز سري يحقق أهدافه من غير التفات لاحترام الناس أو هيبتهم.
ويمكن أن نفهم كثيرا من تصرفات الهيئة بالنظر إلى تاريخها. فقد كانت في بداية الأمر جهازا من أجهزة الضبط الأمني. وهي بهذا شبيهة بأجهزة "تقليدية" أخرى أنشأتها الدولة في وقت لم تكن بنيتها قد بلغت مستوى تشريع الأنظمة الحديثة لضبط الأمن، وإلى مستوى تأسيس الأجهزة القادرة على تنفيذها.
وقد اختفت تلك الأجهزة أو حوِّلت وظائفها إلى أجهزة حديثة تحكمها لوائح وقوانين وإدارة أكثر كفاءة وعصرية.
ومن تلك الأجهزة "الجيشُ" الذي وحَّد به الملك عبد العزيز ـ رحمه الله ـ الوطن.
وكان يسمى بـ"المجاهدين"، وكانت تنقص أفراده الخبرة والدربة العسكرية الحديثة، وكان سلاحه بدائيا، ويدار بطريقة بدائية. وبعد توحيد المملكة أنشئ جيش عصري أكثر كفاءة إدارية وعسكرية، وتحوَّل جيش "المجاهدين" إلى فرق مهمتها حفظ الأمن في بعض المناطق.
وحل "الحرس الوطني"، الأكثر كفاءة وتسليحا وإدارة، أخيرا، مكان "جيش المجاهدين" التقليدي، ولم نعد نسمع بـ"المجاهدين" إلا لماما.
ومنها جهاز "العَسَس" الذي كان يحرس الأسواق والمنازل ليلا. وقد اختفى بعد تطوير أجهزة الأمن المتعددة.
ومنها جهاز "الخويا" الذي كان أداة في أيدي أمراء المناطق والحكام الإداريين لجلب المجرمين وإحضار الخصوم. ثم صار الآن، بعد إنشاء الأجهزة الأمنية الحديثة، جهازا تشريفيا وحسب.
وقد أنشئت "هيئة الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر" في تلك الفترة لغرض الضبط الاجتماعي والأمني بصورة مشابهة. لكنها، بعكس الأجهزة التقليدية الأخرى، لم تتغير وظلت تمارس أعمالها بالطريقة التقليدية نفسها.
وليس عسيرا أن نكتشف سر استمرارها. فقد كانت تسيَّر بتوجيهات عامة من ملوك البلاد منذ عهد المؤسس ـ رحمه الله. واستمرت ليصدر لها نظام مفصل في 26/10/1400.
ويلفت هذا التاريخ النظر! فقد جاء في أعقاب أحداث الاعتداء الآثم على الحرم المكي الشريف. وهو الحدث الذي أخذت المؤسسات الدينية الرسمية بعده في توسيع نفوذها والسعي لتغيير كثير من مظاهر الحياة الثقافية والاجتماعية التي كانت سائدة من قبل. ومن أوضح مظاهر ذلك التغيير منعُ ظهور المرأة في أجهزة الإعلام السعودي، ومنع الغناء فيها، وغير ذلك.
ويعني هذا أن ذلك الحدث الآثم لم يوقظنا إلى مراجعة خطابنا الديني الذي اتخذه المتطرفون سندا للعنف والخروج على الوطن، بل تعامينا عن الأسباب الحقيقية الكامنة وراءه.
وكنت أشرت في مقالات سابقة إلى أن هذه الوصفة الجاهزة لم تساعدنا قط في معالجة مشكلات الغلو والتطرف والعنف. بل إنها كانت دائما سببا لترسيخ المفاهيم التي تنطلق منها.
وخلاصة القول أن نصب الهيئة لـ"الكاميرات" يمثل دليلا واضحا على عدم نجاحها في القيام بفريضة الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر. وليس هذا مستغربا؛ فهو يعود إلى أنها ظلت تمارس عملها بالطريقة التقليدية نفسها التي لم تعد تلائم ظروف المجتمع السعودي الآن.
جريدة الوطن
http://www.alwatan.com.sa/news/write...12066&Rname=25
ونشوووفكم تاني
|
|
|
|
|
|