اعتذار وزير وكاميرات الهيئة
بقلم/ عبده خال
الروائي والشاعر الصديق عبدالله ثابت كان يبحث لنا (الدكتور معجب الزهراني وكاتب هذه السطور وله شخصيا) عن اعتذار من هيئة الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر لما حدث في معرض الرياض الدولي للكتاب،وكان يظن أن التغيير الإداري الذي شمل الهيئة سيحقق لنا طلبنا خاصة أننا لم نرتكب جرما تنص عليه أي فقرة من النظام العام ،ولأن الحادثة غريبة بعض الشيء تناقلتها وسائل الإعلام وظلت تلوكها بين الحين والآخر كأنموذج لما يحدث من بعض أفراد الهيئة، لذلك كانت هذه الفقرة هي إحدى الفقرات التي ضمنها تقرير في اللقاء الذي أجرته قناة lbc مع معالي الدكتور عبدالعزيز خوجة وزير الثقافة والإعلام، ذلك الرجل الذي يحمل دماثة شاهقة تجعل خلقه الرفيع يعتذر لثلاثتنا في ذلك اللقاء عما حدث لنا في معرض الكتاب.
وهو اعتذار كاف يطبب الخاطر ويمنح المثقف الثقة في الوزارة التي حملت همومه والدفاع عنه حيال أي انتقاص لإنسانيته أو لرأيه، إلا أن هيئة المعروف عز عليها أن تعتذر عما بدر من بعض أفرادها وهو الجانب الشفاف الذي كنا ننتظر أن تصل إليه الهيئة مع فكرة ترميم العلاقة بين الكتاب وهذا الجهاز الحيوي والمهم،وكنت أظن أن آليات حل المشاكل التي تجابهها الهيئة كمحور أساسي لنشاطها يمكن أن تتطور نحو ترجيح كفة (الستر) على كفة (الفضح)، لكن هذا الظن لم يدم طويلا حيث ظهرت أخبار في الصحف أن الهيئة ستلجأ إلى الكاميرات وتنصبها في الأسواق والأماكن العامة لمراقبة المعاكسات من قبل الشباب، هذا التصرف هو تأكيد لجوهر التربص والتتبع وها هي (الهيئة) بهذا السلوك تنتهك قاعدة (ولا تجسسوا) حيث يقول الله عز وجل: «يا أيها الذين آمنوا اجتنبوا كثيرا من الظن إن بعض الظن إثم ولا تجسسوا ولا يغتب بعضكم بعضا أيحب أحدكم أن يأكل لحم أخيه ميتا فكرهتموه واتقوا الله إن الله تواب رحيم» [الحجرات:12]، ويقول الرسول (عليه أفضل الصلاة والسلام): «من ستر على مسلم في الدنيا ــ وقد جاءت له ألفاظ متعددة ــ ستره الله يوم القيامة، أو كان كمن أحيا موءودة من قبرها». وهناك مقولات كثيرة لعلماء أجلاء تحث على عدم تتبع عورات المسلمين، وتكفي آية النهي عن التجسس حتى تجعل مشروع كاميرات الهيئة مشروعا يتنافى مع ما ستر الله عليه إلا إذا رغبت الهيئة في هتك ستر الله كاجتهاد لمنع منكر فكل الخشية أن يقتصر عملها على القبض على المعاكسين والمعاكسات،فليس صحيحا أن الشباب هم المبادرون دائما لهذا الفعل، فهناك فتيات أكثر جراءة في إحداث هذا الفعل من الشباب، وساعتها ستتحول (جمسات) الهيئة إلى سلة صيد لن تعود خائبة أبدا بل سنجد الهيئة تطلب المدد في العدد والعتاد.
كما أن نصب الكاميرات سيجعل القبض يتم بأثر رجعي، يعني جماعة (تتفرج ) على مايحدث في الأسواق وجماعة تنفذ القبض بعد المشاهدة ولا مانع من رؤية المرأة المنقبة والمرأة السافرة والمرأة المحتجبة من خلال غرفة عمليات الهيئة.. وهذا فعل لا أحد يرضاه لزوجته أو ابنته أو أخته، فكيف يحق لرجال الهيئة الرصد بالكاميرات بادعاء كشف المعاكسات بينما هناك تسجيل لما يحدث في السوق ورؤية ما لايجب رؤيته من محارم المسلمين حتى وإن كانت المرأة تلبس خيمة كاملة.. يا إخوانا حلول محاربة المعاكسات لا تتم وفق نظرة (محاكم التفتيش)، ولا بطريقة التجسس.. ابحثوا عن جذر المشكلة وحلوه بدلا من ملء (الجمسات) وصبها في مراكز الشرط والعودة للأسواق لنقل حملة جديدة.!
المصدر جريدة عكاظ
http://www.okaz.com.sa/okaz/osf/2009...0530281092.htm
ونشوووفكم تاني