[هذيان]

تركي الدخيل



لا "تلعبونه"... أبوه علماني!

تخيل أن يمتنع الأطفال في الحي الذي تقطنه من اللعب مع ابنك، بدعوى أن والده علماني!
القصة ليست من عندياتي، بل هي رواية زميلنا الدكتور علي الموسى في أمسية المشوح التي استضافته قبل أسابيع، وهو تحدث عن رسائل التهديد التي كانت ترده على فاكس منزله، تزعم بأنها ستصفيه، بسبب آرائه الفكرية، وكتاباته، مما اقتضى ألا تخرج أسرته من بيتها لأكثر من شهرين إلا تحت حراسة أمنية دون علمهم، خلافاً لمدرس كان يجلس كل فسحة مع ابنه ليحذره من الاحتكاك بوالده!
كل ما سبق وارد، وهم في الوقت الذي يعبر عن حالة غليان، واحتدام صراع التيارات إلى درجة حادة، إلا أن أخطر ما في الموضوع أن نولج في دوائر صراعاتنا الصغار والأطفال.
فما علاقة طالب صغير بهذه المساجلات، ليكون طرفاً في معارك لا ناقة له فيها ولا جمل، ولا حتى سيكل!
إننا في غمرة تبنينا لرؤى وأطروحات وأفكار وأيديولوجيات ننسى أننا ننتهك الطفولة إن نحن غمسنا بلون مياه أفكارنا التي لا نلبث إلا أن نغيرها بعد أعوام تطول أو تقصر، وتأملوا الساحة برموزها من أقصى اليمين إلى أقصى اليسار، لتروا حجم التغير!
عندما يتحدث أطفال الحي مرددين لعبة التصنيفات، فهذا والده علماني، وذاك والده ليبرالي، وهذاك والده إرهابي، فهذا يعني أن فساد أفكارنا وصل إلى صغار ليدنس طفولتهم وليهتك براءتهم بمصطلحات أكاد أجزم أن الكبار لا يتفقون على تعريفها، فضلاً على أن يعرفوا معناها تماماً، فما بالك بالأطفال؟!