[هذيان]

أ. د. سالم بن أحمد سحاب



معقولة: في العالم الثالث!!

طوى الجزيرة حتى راعني خبر
فزعت به بآمالي إلى الكذب
هذا بيت للمتنبي تم تحويره كي يناسب لسان حالي، فالشاعر الفطحل (جاءه) خبر. وأما المسكين مثلي في هذا فقد (راعه) خبر (إحالة وزير إماراتي سابق مع 12 متهماً للجنايات بتهمة اختلاس 100 مليون درهم). هذا ما نشرته الاقتصادية في 9 أبريل. والوزير هو الدكتور/ محمد خلقان بن خرباش وزير الدولة لشؤون المالية والصناعة سابقاً، والذي اختلس المبلغ الكبير من شركة ديار العقارية عندما كان رئيساً لمجلس إدارتها بحكم منصبه الوظيفي. ومع الوزير أحد كبار التنفيذيين المصرفيين في دبي هو رئيس مجلس إدارة بنك دبي الإسلامي السابق وزاك شاهين اللبناني الأصل الأمريكي الجنسية.
أما سبب الرّوع الذي أقلقني فهو شعوري بأن ثمة شيئاً مختلفًا هنا يغيّر من طبيعة الهدوء التام الذي يلفّ كل قضايا الكبار في عالمنا الثالث، فهم ولله الحمد لا يرتشون أبداً، ولا يختلسون أبداً، ولا يخطئون أبداً.. وهم أقرب إلى الملائكة منهم إلى البشر خاصة فيما يرتبط بنظافة اليد وتواضع الأرصدة وندرة الممتلكات لأن رواتبهم متواضعة وحالهم بسيطة ولا يستغلون السلطة أبداً للتكسب من المشروعات الكثيرة التي يوقّعون عقودها ويراقبون تنفيذها ويتابعون مستخلصاتها.
كيف تجرؤ دولة عضو في العالم الثالث على تعكير هذا الصفو العام؟ وكيف تسمح لنفسها ببثّ شبهات (مغرضة) ضد كبار المسؤولين في عالمنا النزيه النظيف؟ صحيح أن الجملة الأخيرة تستوجب بعض الاستدراك، فالنزاهة ملوّثة بسبب أفراد قليلين (معظمهم من البنغالة) الذين يرتشون أحياناً ويرشون حيناً آخر. أما الأصل فلا نزاهة تعلو على ما لدينا، حتى ولو غرقت عبّارة كان على ظهرها 1000 مسافر قضوا غرقاً بسب جشع مالكها ،وحتى لو أُنفقت الأموال على مشروع وهميّ للصرف الصحي تعاني منه البلاد والعباد! وحتى وحتى.. وألف حتى!
صدقوني .. أنه خبر مروّع لا يكاد يصدّق لأنه في عالمنا الثالث، فهو في الأصل وارد فقط وبكثرة في ما يُسمى بالعالم الأول.. الذي هو لا أول ولا يحزنون، وإنما هم متخلّفون!!!.