رد: || لطالبات الإنتساب ~ تجمع للدورات التأهلية ، ونقل أخبارها للفصل الدراسي الثاني
بسم الله الرحمن الرحيم
~ المحاضرة الرابعة ~ لمادة فقه المعاملات2 – مع الدكتور مازن بخاري ..
> تابع من كتاب الملخص الفقهي <
باب في أحكام السبق
المسابقة : هي المجاراة بين حيوان وغيره ، والمسابقة بالسهام .
حكمها : جائزة بالكتاب والسنة والإجماع .
من الكتاب : قال تعالي " وَأَعِدُّوا لَهُمْ مَا اسْتَطَعْتُمْ مِنْ قُوَّةٍ " قال النبي صلى الله عليه وسلم ألا أن القوة الرمي .
وقال تعالي " إِنَّا ذَهَبْنَا نَسْتَبِقُ " أي : نترامى بالسهام أو نتجارى على الأقدام .
من السنة : حديث أبي هريرة مرفوعاً [ لا سبق إلا في خف أو نصل أو حافر ] .
الإجماع : حكى الإجماع على جوازه جملة غير واحد من أهل العلم ، مثل ابن تيميه ، وقد اعتنى به العلماء وسموه باب الفروسية ، وصنفوا فيه المصنفات المشهورة .
أنواع الفروسية
النوع الأول : ركوب الخيل والكر والفر بها
النوع الثاني: الرمي بالقوس والآلات المستعملة في كل زمان بحسبه
النوع الثالث: المطاعنة بالرماح
النوع الرابع : المداومة بالسيوف
• من استكمل الأنواع الأربعة ، استكمل الفروسية .
السبق على الأقدام وسائر الحيوانات والمراكب : جائز .
دليله : سابق النبي صلى الله عليه وسلم عائشة رضي الله عنها ، وصارع ركانة فصرعه ، وسابق سلمة بن الأكوع رجلاً من الأنصار بين يدي رسول الله .
المسابقة على عوض :
لا تجوز المسابقة على عوض ، إلا في المسابقة على الإبل والخيل والسهام ، لحديث [ لا سبق إلا في نصل أو خف أو حافر ] أي : لا يجوز أخذ الجعل على السبق إلا إذا كانت المسابقة على الإبل أو الخيل أو السهام ، لأن تلك من آلات الحرب المأمور بتعلمها وأحكامها ، ومفهوم الحديث أنه لا يجوز أخذ أحق عن المسابقة فيما سواها ، وقيل : أن الحديث يحتمل أن يراد به أن أحق ما بذل فيه السبق هذه الثلاثة ، لكمال نفعها وعموم مصلحتها ، فيدخل فيه كل مغالبة جائزة ينتفع بها في الدين ، لقصة ركانة وأبي بكر .
شروط صحة المسابقة :
الشرط الأول : تعيين المركوبين في المسابقة بالرؤية .
الشرط الثاني : اتحاد المركوبين في النوع ، وتعيين الرماة ، لأن القصد معرفة حذقهم ومهارتهم في الرمي .
الشرط الثالث : تحديد المسافة ، ليعلم السابق والمصيب ، وذلك بأن يكون لابتدائها ونهايتها حد لا يختلفان فيه ، لأن الغرض معرفة الأسبق ، ولا يحصل إلا بالتساوي في الغاية .
الشرط الرابع : أن يكون العوض معلوماً مباحاً .
الشرط الخامس : الخروج عن شبه القمار ، بأن يكون العوض من غير المتسابقين ، أو من أحدهما فقط ، فإن كان العوض من المتسابقين فهو محل خلاف : هل يجوز ، أو لا يجوز إلا بمحلل – وهو الدخيل الذي يكون شريكاً في الربح بريئاً من الخسران – واختار شيخ الإسلام احمد بن تيمية عدم اشتراط المحلل ، وما علم من الصحابة من اشترط المحلل ، وإنما هو معروف عن سعيد بن المسيب وعنه تلقاه الناس .
أنواع المسابقة المباحة
النوع الأول النوع الثاني
ما يترتب عليه مصلحة شرعية ، كالتدريب على الجهاد ، والتدريب على مسائل العلم .
وفيه يجوز أخذ العوض عليه بشروطه السابقة ما كان المقصود منه اللعب الذي لا مضرة فيه
وفيه لا يجوز أخذ العوض عليه .
وحكمه : مباح بشرط أن لا يشغل عن واجب أو يلهي عن ذكر الله
باب في أحكام العارية
تعريف العارية : هي إباحة نفع عين يباح الانتفاع بها وتبقى بعد استيفاء المنفعة ليردها إلى مالكها .
ما لا يحل إعارته :
1- ما لا يباح الانتفاع به .
2- ما لا يمكن الانتفاع به إلا مع تلف عينه ، كالأطعمة والأشربة .
حكمها : جائزة بالكتاب والسنة والإجماع .
دليل القرآن : قوله تعالي" وَيَمْنَعُونَ الْمَاعُونَ " أي : المتاع يتعاطاه الناس بينهم ، فذم الذين يمنعونه ممن يحتاج إلى استعارته .
دليل السنة : استعار النبيصلى الله غليه وسلم فرساً لأبي طلحة ، واستعار من صفوان بن أمية أدرعاً .
* بذل العارية للمحتاج إليها ( قربة ) ينال بها المعير ثواباً جزيلاً لأنها تدخل في عموم التعاون على البر والتقوى .
شروط صحة الإعارة :
أولاً – أهلية المعير للتبرع ، لأن الإعارة فيها نوع من التبرع ، فلا تصح من صغير أو مجنون أو سفيه .
ثانياً – أهلية المستعير للتبرع له ، بأن يصح منه القبول .
ثالثاً – كون نفع العين المعارة مباحاً ، فلا تباح إعارة عبد مسلم لكافر ، ولا صيد ونحوه لمحرم قال تعالي " وَتَعَاوَنُوا عَلَى الْبِرِّ وَالتَّقْوَى " .
رابعاً – كون العين المعارة مما ينتفع به مع بقائه .
ما يجب للمعير :
* للمعير استرجاع العارية متى شاء إلا إذا ترتب على ذلك الإضرار بالمستعير .
مثال : لو أعاره سفينة لحمل متاعه ، فليس له الرجوع ما دامت في البحر .
مثال أخر : لو أعاره حائط ليضع عليه أطراف خشبه ، فليس له الرجوع في الحائط مادام عليه أطراف الخشب .
ما يجب على المستعير :
* يجب عليه المحافظة على العارية أشد مما يحافظ على ماله ، ليردها سليمة إلى صاحبها لقوله تعالي " إِنَّ اللَّهَ يَأْمُرُكُمْ أَنْ تُؤَدُّوا الْأَمَانَاتِ إِلَى أَهْلِهَا " ، ولقوله عليه الصلاة والسلام [ على اليد ما أخذت حتى تؤديه ] وقوله عليه الصلاة والسلام [ أد الأمانة إلى من ائتمنك ] فدلت النصوص على وجوب المحافظة على ما يؤتمن عليه الإنسان ، وردها إلى صاحبه سالماً .
* يجب على المستعير أن ينتفع بالعارية في حدود ما جرى به العرف ، فلا يجوز له أن يسرف في استعمالها حتى تتلف ، ولا أن يستعملها فيما لا يصلح استعمالها فيه ، لأن صاحبها لم يأذن له بذلك ، قال تعالي " هَلْ جَزَاءُ الْإِحْسَانِ إِلَّا الْإِحْسَانُ ".
* يجب على المستعير المحافظة على العارية والاهتمام بها والمسارعة إلى ردها إلى صاحبها إذا انتهت مهمته منها ، وأن لا يتساهل بشأنها ، أو يعرضها للتلف لأنها أمانة عنده ولأن صاحبها أحسن إليه قال تعالي " هَلْ جَزَاءُ الْإِحْسَانِ إِلَّا الْإِحْسَانُ ".
أحكام تلف العارية :
1- إذا تلفت العارية في استعمال غير ما استعيرت له ، وجب علي المستعير ضمانها ، لقوله عليه الصلاة والسلام [ على اليد ما أخذت حتى تؤديه ] ولا يبرأ المستعير حتى يصيرها إلى مالكها أو من يقوم مقامه وقد اختلف العلماء في ذلك على قولين :
القول الأول : ذهب جماعة إلى وجوب ضمانها عليه سواء تعدى أو لم يتعد مثل لو ماتت الدابة ، أو احترق الثوب أو سرقت العين المعارة .
القول الثاني : ذهب جماعة آخرون إلى عدم ضمانها إذا لم يتعد ، لأنها لم تضمن إلا بالتعدي عليها ، وهذا هو القول الراجح ، لأن المستعير قبضها بإذن مالكها ، فكانت أمانة عنده كالوديعة.
2- إذا تلفت في انتفاع بها بالمعروف ، لم يضمنها المستعير ، لأن المعير قد أذن في هذا الاستعمال ، وما ترتب على المأذون ، فهو غير مضمون ، لا يجوز للمستعير أن يعير العين المعارة لأن من أبيح له شيء لم يجز له أن يبيحه لغيره ، ولأن في ذلك تعريضاً لها للتلف .
باب في أحكام الغصب
الغصب لغة : هو أخذ الشيء ظلماً .
الغصب إصطلاحاً : هو الاستيلاء على حق غيره قهراً بغير حق .
حكم الغصب : محرم بإجماع المسلمين .
الدليل : قال تعالي " وَلَا تَأْكُلُوا أَمْوَالَكُمْ بَيْنَكُمْ بِالْبَاطِلِ" ، ولحديث [ إن دماءكم وأموالكم وأعراضكم عليكم حرام ] ، وحديث [ لا يحل مال امرئ مسلم إلا بطيب نفسه ] .
* المال المغصوب قد يكون عقاراً ، وقد يكون منقولاً ، لحديث [ من اقتطع شبراً من الأرض ظلماً ، طوقه من سبع أرضين ] .
ما يجب على الغاصب :
* يلزمه أن يتوب إلى الله " ويرد المغصوب إلى صاحبه ، ويطلب العفو منه عليه الصلاة والسلام [ من كانت له مظلمة لأحد من عرضه أو شيء فليتحلل منه اليوم قبل أن لا يكون دينار ولا درهم إن كان له عمل صالح أخذ منه بقدر مظلمته ، وإن لم تكن له حسنات اخذ من سيئات صاحبه فحمل عليه ] ، فأن كان المغصوب باقياً رده بحاله ، وإن كان تالفاً ، رد بدله .
* يلزم الغاصب رد المغصوب بزيادته ، سواء كانت متصلة أو منفصلة ، لأنها نماء المغصوب فهي لمالكه كالأصل .
* يلزم الغاصب إذا بني في أرض مغصوبة أو غرس فيها ، قلع البناء والغراس إذا طالبه المالك بذلك ، لحديث [ ليس لعرق ظالم حق ] .
* يلزم الغاصب غرامة نقص المغصوب .
* يلزم الغاصب إزالة الآثار من المغصوب مثل آثار الغراس أو البناء المتبقية ، حتى يسلم ما اغتصبه لمالكه سليماً .
* يلزمه دفع أجرتها منذ أن غصبها إلى أن سلمها ، أي : أجرة مثلها ، لأنه منع صاحبها ن الانتفاع بها في هذه المدة بغير حق .
حكم نقصان المغصوب لدى الغاصب :
إن غصب شيئاً وحبسه حتى رخص سعره ، ضمن نقصه على الصحيح .
حكم خلط المغصوب مع غيره :
إذا خلط المغصوب مع غيره مما يميزه ، كحنطة مع شعير ، يلزم الغاصب تخليصه مما خلطه به ورده .
إذا خلط المغصوب مع غيره بما لا يتميز ، كحنطة مع حنطة ، لزمه رد مثله كيلاً أو وزناً من غير المخلوط .
إ
ذا خلط المغصوب بدونه أو أحسن منه أو خلطه بغير جنسه مما لا يتميز ، بيع المخلوط ، وأعطي كل منهما قدر حصته من الثمن ، وإذا نقص المغصوب في هذه الصورة عن قيمته منفرداً ، ضمن الغاصب نقصه .
* قول ( الأيدي المترتبة على يد الغاصب كلها أيدي ضمان ) :
معناه : أن الأيدي التي ينتقل إليها المغصوب عن طريق الغاصب كلها تضمن المغصوب إذا تلف فيها ، وهذه الأيدي عشر :
1- يد المشتري وما في معناه .
2- يد المستأجر .
3- يد القابض تملكاً بلا عوض كيد المتهب .
4- يد القابض لمصلحة الدافع كالوكيل .
5- يد المستعير .
6- يد الغاصب .
7- يد المتصرف في المال كالمضارب .
8- يد المتزوج للمغصوبة .
9- يد القابض تعويضاً بغير بيع .
10- يد المتلف للمغصوب نيابة عن غاصبه .
* ففي هذه الصور يكون الضمان على حالتين :
الحالة الأولى : إذا علم الثاني بحقيقة الحال ، وأن الدافع إليه غاصب ، فقرار الضمان عليه لتعديه على ما يعلمه غير مأذون فيه من مالكه .
الحالة الثانية : إذا لم يعلم الثاني بحقيقة الحال وأن الدافع إليه غاصب ، فالضمان على الغاصب الأول .
حكم المغصوب الذي جرت العادة بتأجيره :
إذا كان المغصوب مما جرت العادة بتأجيره ، لزم الغاصب أجرة مثله مدة بقائه بيده ، لأن المنافع مال متقوم ، فوجب ضمانها كضمان العين .
أحكام تصرفات الغاصب :
* كل تصرفات الغاصب الحكمية باطلة ، لعدم إذن المالك .
* إن غصب شيئاً وجهل صاحبه ، ولم يتمكن من رده إليه ، سلمه إلى الحاكم الذي يضعه في موضعه الصحيح ، أو تصدق به عن صاحبه ، وإذا تصدق به ، صار ثوابه لصاحبه ، وتخلص منه الغاصب .
* ليس اغتصاب الأموال مقصورا على الاستيلاء عليها بالقوة ، بل ذلك يشمل الاستيلاء عليها بطريق الخصومة الباطلة والأيمان الفاجرة .
باب في أحكام الوديعة
الإيداع شرعاً : توكيل في الحفظ تبرعاً .
الوديعة لغة : من ودع الشيء إذا تركه .
سميت بذلك : لأنها متروكة عند المودع .
الوديعة شرعاً : هي اسم للمال المودع عند من يحفظه بلا عوض .
شروط صحة الإيداع :
يشترط لصحته ما يعتبر للتوكيل من البلوغ والعقل والرشد ، لأن الإيداع توكيل في الحفظ .
حكم قبول الوديعة :
1- مستحب قبولها لمن علم من نفسه أنه ثقة قادر على حفظها ، لأن في ذلك ثواباً جزيلاً ، لحديث النبي [ والله في عون العبد ما كان العبد في عون أخيه ] ولحاجة الناس لذلك .
2- يكره قبولها لمن لا يعلم من نفسه القدرة على حفظها .
أحكام الوديعة :
* إذا تلفت الوديعة عند المودع ولم يفرط ، فإنه لا يضمنها ، لأنها أمانة ، والأمين لا يضمن إذا لم يتعد ، لحديث [ من أودع وديعة ، فلا ضمان عليه ] وفيه ضعف ، وفي رواية [ لا ضمان على مؤتمن ] ، ولأن المستودع يحفظها تبرعاً ، فلو ضمن لا متنع الناس من قبول الودائع .
* إذا تلفت الوديعة بتعد أو تفريط في حفظها ، فإنه يضمنها إذا تلفت ، لأنه متلف لمال غيره .
* يجب على المودع حفظ الوديعة في حرز مثلها كما يحفظ ماله ، لأن الله تعالي أمر بأدائها في قوله " إِنَّ اللَّهَ يَأْمُرُكُمْ أَنْ تُؤَدُّوا الْأَمَانَاتِ إِلَى أَهْلِهَا " ، لأن المودع حينما قبل الوديعة ، فقد التزم بحفظها ، فيلزمه ما التزم به .
* إذا كانت الوديعة دابة ، لزم المودع أعلافها ، فلو قطع العلف عنها بغير أمر صاحبها ، فتلفت ضمنها ، لأن أعلاف الدابة مأمور به ، ومع كونه يضمنها ، فإنه يأثم بتركه إعلافها أو سقيها حتى ماتت ، لأنه يجب عليه علفها وسقيها لحق الله تعالي ، لأن لها حرمة .
* يجوز للمودع أن يدفع الوديعة إلى من يحفظ ماله عادة ، كزوجته وعبده وخازنه وخادمه ، وإن تلفت عند أحدهم من غير تعد منهم ولا تفريط ، لم يضمن ، لأن له أن يتولى حفظها بنفسه أو من يقوم مقامه .
* يجوز للمودع أن يدفع الوديعة لمن يحفظ مال صاحبها ، ويبرئ منها ، لجريان العادة بذلك .
* لو سلم المودع الوديعة إلى أجنبي منه ومن صاحبها ، فتلفت ، ضمنها المودع ، لأنه ليس له أن يودعها عند غيره من غير عذر ، إلا إذا كان إيداعها عند الأجنبي لعذر اضطره إلى ذلك كما لو حضره الموت أو أراد سفراً ويخاف عليها إذا أخذها معه ، فلا حرج عليه في ذلك ، ولا يضمن إذا تلفت .
* إذا حصل خوف ، أو أراد المودع أن يسافر ، فإنه يجب عليه رد الوديعة إلى صاحبها أو وكيله ، فإن لم يجد صاحبها ولا وكيله ، فإنه يحملها معه في السفر إذا كان ذلك أحفظ لها ، فإن لم يكن السفر أحفظ لها ، دفعها إلى الحاكم ، لأنه يقوم مقام صاحبها عند غيبته ، فإن لم يمكن إيداعها عند الحاكم ، أودعها عند ثقة ، لأن النبي لما أراد أن يهاج أودع الودائع التي كانت عنده لأم أيمن ، وأمر علياً أن يردها إلى أهلها ، وكذا من حضره الموت وعند ودائع للناس ، فإنه يجب عليه ردها إلى أصحابها ، فإن لم يجدهم ، أودعها عند الحاكم أو عند ثقة .
* التعدي على الوديعة يوجب ضمانها إذا تلفت ، كما لو أودع دابة فركبها لغير علفها أو سقيها ، أو أودع ثوباً فلبسه لغير خوف من عث ، وكما لو أودع دراهم في حرز فأخرجها من حرزها أو كانت مشدودة فأزال الشد عنها ، فإنه يضمن الوديعة إذا تلفت في هذه الحالات لأنه قد تعدى بتصرفه هذا .
* المودع أمين يقبل قوله إذا ادعى أنه ردها إلى صاحبها أو من يقوم مقامه ، ويقبل قوله إذا ادعى أنها تلفت من غير تفريطه مع يمينه ، لأنه أمين ، لأن الله تعالي قال " إِنَّ اللَّهَ يَأْمُرُكُمْ أَنْ تُؤَدُّوا الْأَمَانَاتِ إِلَى أَهْلِهَا " والأصل براءته إذا لم تقم قرينة على كذبه ، ولو أدعى تلفها بحادث ظاهر كالحريق ، فإنه لا يقبل قوله إلا إذا أقام بينة على وجود ذلك الحادث .
* لو طلب منه صاحب الوديعة ردها إليه ، فتأخر من غير عذر حتى تلفت ، ضمنها لأنه فعل محرما بإمساكها بعد طلب صاحبها لها .
باب في أحكام أحياء الموات
الموات – بفتح الميم والواو – هو ما لا روح فيه .
المراد به : الأرض التي لا مالك لها .
تعريف الفقهاء : هي الأرض المنفكة عن الاختصاصات وملك معصوم .
ما ليس موات ولا يملك بالإحياء :
1- ما جرى عليه ملك معصوم من مسلم وكافر بشراء أو عطية أو غيرها .
2- ما تعلقت به مصلحة ملك المعصوم ، كالطرق والأفنية ومسيل الماء .
3- ما تعلقت به مصالح العامر من البلد ، كدفن الموتى وموضع القمامة والبقاع المرصدة لصلاة العيدين والمحتطبات والمراعي .
دليل تملك الأرض الموات : إذا خلت الأرض عن ملك معصوم واختصاصه ، وأحياها شخص ملكها ، لحديث جابر مرفوعاً [ من أحيا أرضاً ميتة فهي له ] . * حكم موات الحرم وعرفات :
* عامة فقهاء الأمصار متفقون على أن الموات يملك بالأحياء ، وإن اختلفوا في الشروط ، إلا موات الحرم وعرفات ، فلا يملك بالأحياء ، لما فيه من التضييق في أداء المناسك ، واستيلائه على محل الناس فيه سواء .
كيفية أحياء الموات :
أولاً- إذا أحاطه بحائط منيع مما جرت العادة به ، فقد أحياه ، لقوله تعالى [ من أحاط حائطاً على أرض ، فهي له ] ، والمعتبر والمقدر ما يسمى في اللغة حائطاً ، فلو أدار حول الموات أحجاراً ونحوها كتراب أو جدار صغير لا يمنع ما وراءه أو حفر حولها خندقاً ، فإنه لا يملكه بذلك لكن يكون أحق بإحيائه من غيره ، ولا يجوز له بيعه إلا بإحيائها .
ثانياً – إذا حفر في الأرض الموات بئرا ، فوصل إلى مائها ، فقد أحياها ، فإن حفر البئر ولم يصل إلى الماء ، لم يملكها بذلك ، وإنما يكون أحق بإحيائها نم غيره ، لأنه شرع في الإحياء .
ثالثاً – إذا أوصل إلى الأرض الموات ماء أجراه من عين أو نهر فقد أحياها بذلك ، لأن نفع الماء للأرض أكثر من الحائط .
رابعاً : إذا حبس عن الأرض الموات الماء الذي كان يغمرها ولا تصلح معه للزراعة ، فحبسه عنها حتى أصبحت صالحة لذلك ، فقد أحياها ، لأن نفع الأرض بذلك أكثر من نفع الحائط الذي ورد في الدليل بإقامته عليها .
* بعض العلماء يرى إحياء الموات يرجع فيه إلى العرف فما عده الناس إحياء ، فإنه يملك به الأرض الموات .
* لإمام المسلمين إقطاع الأرض الموات لمن يحييها ، لأن النبي عليه الصلاة والسلام أقطع بلال بن الحارث العقيق ، وأقطع وائل بن حجر أرضاً بحضرموت ، وأقطع عمر وعثمان وجمعاً من الصحابة لكن لا يملكه حتى يحييه ، فإن عجز عن إحيائه ، فللإمام استرجاعه وإقطاعه لغيره ممن يقدر على أحيائه ، لأن عمر بن الخطاب استرجع الإقطاعات من الذين عجزوا عن إحيائها .
* من سبق إلى مباح غير الأرض الموات ، كالصيد ، والحطب ، فهو أحق به .
* إذا كان يمر بأملاك الناس ماء مباح ( غير مملوك ) كماء النهر وماء الوادي ، فللأعلى أن يسقي منه ويحبس الماء إلى الكعب ثم يرسله للأسفل ممن يليه ، ويفعل الذي يليه ثم يرسله لمن بعده وهكذا ، لقول النبي عليه الصلاة والسلام [ اسق يا زبير ثم احبس الماء حتى يصل إلى الجدر ] وذكر عبدالرزاق عم معمر عن الزهري قال : نظرنا إلى قول النبي فكان ذلك إلى الكعبين ، فجعلوا ذلك معيار لاستحقاق الأول فالأول ، وعن عمرو بن شعيب أنه قضى رسول الله عليه الصلاة والسلام في مهزور ( واد بالمدينة مشهور ) : [ أن يمسك الأعلى حتى يبلغ السيل الكعبين ، ثم يرسل الأعلى على الأسفل ] .
* إذا كان الماء مملوكاً ، فإنه يقسم بين الملاك بقدر أملاكهم ويتصرف كل واحد في حصته بما شاء .
* للإمام المسلمين أن يحمى مرعى لمواشي بيت مال المسلمين ، كخيل الجهاد ، وإبل الصدقة ، ما لم يضرهم بالتضييق عليهم ، روى ابن عمر " أن النبي عليه الصلاة والسلام حمى النقيع لخيل المسلمين " فيجوز للأمام أن يحمى العشب في أرض الموات لإبل الصدقة وخيل المجاهدين ، ونعم الجزية والضوال إذا احتاج إلى ذلك ، ولم يضيق على المسلمين .
باب في أحكام الجعالة
* تسمى الجعل والجعال والجعيلة ، وهي ما يعطاه الإنسان على أمر يفعله ، كأن يقول : من فعل كذا ، فله كذا من المال ، بأن يجعل شيئاً معلوماً من المال لمن يعمل له عملاً معلوماً كبناء حائط .
الدليل من القرآن : قال تعالي " وَلِمَنْ جَاءَ بِهِ حِمْلُ بَعِيرٍ وَأَنَا بِهِ زَعِيمٌ " أي : لمن دل على سارق صواع الملك حمل بعير وهذا جعل ، فدلت الآية على جواز الجعالة .
الدليل من السنة : حديث أبي سعيد ، أنهم نزلوا على حي من أحياء العرب ، فاستضافوهم فأبوا ، فلدغ سيد ذلك الحي ، فسعوا له بكل شيء ، فأتوهم ، فقالوا : هل عند أحد منكم من شيء ؟ قال بعضهم : إني والله لأرقي ، ولكن والله لقد استضفناكم فلم تضيفونا ، فما أنا براق لكم حتى تجعلوا لنا جعلاً ، فصالحوهم على قطيع من غنم ، فانطلق ينفث عليه ويقرأ : " الْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ" فكأنما نشط من عقال ، فأوفوهم جعلهم ، وقدموا على النبي عليه الصلاة والسلام فذكروا ذلك له ، فقال [ قد أصبتم ، اقسموا واضربوا لي معكم سهماً ] .
وقت استحقاق الجعل :
يستحق الجعل بعد عمل العمل الذي جعلت عليه الجعالة بعد علمه بها ، لأن العقد استقر بتمام العمل ، وإن قام بالعمل جماعة ، اقتسموا الجعل بالتساوي ، لأنهم اشتركوا في العمل الذي يستحق به العوض فاشتركوا في العوض .
حكم العمل قبل العلم بما جعل عليه :
من عمل العمل قبل علمه بما جعل عليه لم يستحق شيئاً ، لأنه عمل غير مأذون فيه ، فلم يستحق به عوضاً ، وإن علم بالجعل أثناء العمل ، أخذ من الجعل ما عمله بعد العلم .
حكم الجعالة :
الجعالة عقد جائز ، لكل من الطرفين فسخه :
- إن كان الفسخ من العامل ، لم يستحق شيئا من الجعل ، لأنه أسقط حق نفسه .
- إن كان الفسخ من الجاعل ، وكان قبل الشروع في العمل ، فللعامل أجرة مثل عمله ، لأنه عمله ، لأنه عمله بعوض لم يسلم له .
الفرق بين الجعالة ، والإجارة
الجعالة :
-لا يشترط لصحتها العلم بالعمل المجاعل عليه
-لا يشترط فيها معرفة مدة العمل .
- يجوز فيها الجمع بين العمل والمدة : كأن يقول من خاط هذا الثوب في يوم ، فله كذا فخاطه في اليوم ، فاستحق الجعل وإلا فلا .
- العامل فيها لم يلتزم العمل .
- لا يشترط فيها تعيين العامل .
- هي عقد جائز لكل من الطرفين فسخها بدون أذن الآخر .
الإجارة :
- يشترط فيها أن يكون العمل المؤاجر عليها معلوماً .
- يشترط فيها أن تكون مدة العمل معلومة .
- لا يصح فيها الجمع بين العمل والمدة .
- العامل فيها قد التزم بالعمل .
- يشترط تعيين العامل .
- هي عقد لازم ، لا يجوز لأحد الطرفين فسخها إلا برضى الآخر .
حكم من عمل عملاً لغيره بدون إذن من صاحبه :
ذكر الفقهاء أنه لا يستحق عليه شيئاً ، لأنه بذل منفعة من غير عوض ، فلم يستحقه ، ولأنه لا يلزم الإنسان شيء لم يلتزمه ، إلا أنه يستثنى من ذلك شيئان :
الأول : إذا كان العامل قد أعد نفسه للعمل بالأجرة ،، مثل : الدلال ، الحمال ونحوهما .
إذا عمل بإذن يستحق الأجرة ، لدلالة العرف على ذلك .
ومن لم يعد نفسه للعمل ، لم يستحق شيئاً ولو أذن له ، إلا بشرط .
الثاني : من قام بتخليص متاع غيره من هلكة .
مثل : إخراجه من البحر ، أو الحرق ، أو وجده في مهلكة يذهب لو تركه ، فله أجرة المثل ، وإن لم يأذن له ربه ، لأنه يخشى هلاكه وتلفه على صاحبه ، ولأن في دفع الأجرة ترغيباً في مثل هذا العلم ، وهو إنقاذ الأموال من الهلكة ، وهو ما ذهب إليه شيخ الإسلام ابن تيمية وتلميذه ابن القيم .
إلى هنا أنتهت المحاضرة الرابعه ،، بالتوفيق للجميع :)
|