رد: || لطالبات الإنتساب ~ تجمع للدورات التأهلية ، ونقل أخبارها للفصل الدراسي الثاني
بسم الله الرحمن الرحيم
~ المحاضرة الثانية ~ لمادة فقه المعاملات2 – مع الدكتور مازن بخاري ..
> تابع من كتاب الملخص الفقهي <
باب في أحكام شركة المضاربة
سبب التسمية :
* سميت بالمضاربة أخذا من الضرب في الأرض ، وهو السفر للتجارة .
* قال تعالي "وَآَخَرُونَ يَضْرِبُونَ فِي الْأَرْضِ يَبْتَغُونَ مِنْ فَضْلِ اللَّهِ ": أي يطلبون رزق الله في المتاجر والمكاسب .
تعريف المضاربة شرعاً : هي دفع مال معلوم لمن يتجر به ببعض ربحه .
حكم شركة المضاربة : جائز بالإجماع ، وكان موجوداً عصر النبي صلى الله عليه وسلم وأقره ، وروي عن عمر وعثمان وعلي وابن مسعود وغيرهم ، ولم يعرف لهم مخالف من الصحابة .
الحكمة من شركة المضاربة :
الناس بحاجة إليها لأن الدراهم والدنانير لا تنمو إلا بالتقليب والتجارة .
* مقدار نصيب العامل من الربح :
يرجع تقدير نصيب العامل من الربح إليهما : فلو قال رب المال للعامل : أتجر به والربح بيننا ، صار لكل منهما نصف الربح ، لأنه إضافة إليهما إضافة واحدة لا مرجح لأحدهما على الآخر فيها ، فاقتضى ذلك التسوية في الاستحقاق .
مثال : لو قال هذه الدار بيني وبينك ، فأنها تكون بينهما نصفين .
مثال أخر : لو قال رب المال للعامل : أتجر به ولي ثلاثة أرباع ربحه أو ثلثه ، أو قال له : اتجر به ولك ثلاثة أرباع ربحه أو ثلثه ، صح ذلك .
السبب الصحة : لأنه إذا علم نصيب أحدهما ، أخذه ، والباقي للأخر بمفهوم اللفظ .
* لو اشترط نصيب معين ولكن اختلفا لمن الجزء المشروط ، فهو للعامل ، قليلاً كان أو كثيراً لأنه يستحقه بالعمل ، وهو يقل ويكثر ، فقد يشترط له جزء قليل لسهولة العمل ، وقد يشترط له جزء كثير لصعوبة العمل .
* قد يختلف التقدير لاختلاف العاملين في الحذق وعدمه ، وإنما تقدر حصة العامل بالشرط ، بخلاف رب المال ، فإنه يستحقه بماله لا بالشرط .
حكم المال إذا فسدت المضاربة :
يكون الربح لرب المال ، لأنه نماء ماله ، ويكون للعامل أجرة مثله ، لأنه إنما يستحق بالشرط وقد فسد الشرط تبعاً لفساد المضاربة .
أحكام في شركة المضاربة :
* تصح المضاربة مؤقتة بوقت محدد ، بأن يقول رب المال : ضاربتك على هذه الدراهم لمدة سنة .
* تصح المضاربة معلقة بشرط ، كأن يقول صاحب المال : إذا جاء شهر كذا ، فضارب بهذا المال ، أو يقول : إذا قبضت مالي من زيد ، فهو معك مضاربة ، لأن المضاربة إذن في التصرف ، فيجوز تعليقه على شرط مستقبل .
* لا يجوز للعامل أن يأخذ مضاربة من شخص آخر إذا كان يضر بالمضارب الأول إلا بإذنه مثل : لو كان المال للثاني كثيرا يستوعب وقت العامل كله ، فيشغله عن التجارة بمال الأول أو يكون مال المضارب الأول كثيراً يستوعب وقته ، فأن أذن له الأول ، أو لم يكن عليه ضرر جاز للعامل أن يضارب للثاني .
* إن ضارب العامل لأخر وأضر بالأول بدون أذنه فالحكم كالتالي :
- يدفع لرب المضاربة الثانية نصيبه من الربح ، أما نصيب العامل يضم لربح المضاربة الأولى ويقسم بينه وبين صاحبها على ما شرطاه ، لأن منفعة العامل المبذولة في المضاربة الثانية قد استحقت في المضاربة الأولى .
* لا ينفق العامل من مال المضاربة لا لسفر ولا لغيره ، إلا إذا اشترط على صاحب المال ذلك لأنه يعمل في المال بجزء من ربحه ، فلا يستحق زيادة عليه إلا بشرط ، أو يكون هناك عادة في مثل هذا فيعمل به .
* لا يقسم الربح في المضاربة قبل إنهاء العقد بينهما إلا بتراضهما ، لأن الربح وقاية لرأس المال ، ولا يؤمن أن يقع خسارة في بعض المعاملة ، فتجبر من الربح .
* إذا قسم الربح مع بقاء عقد المضاربة ، لم يبق رصيد يجبر منه الخسران ، فالربح وقاية لرأس المال ، لا يستحق العامل منه شيئاً إلا بعد كمال رأس المال .
* الحكم في حالة تلف أو خسارة رأس المال :
- يقبل قول العامل فيما يدعيه من تلف أو خسران .
- يصدق فيما يذكر أنه اشتراه لنفسه لا للمضاربة أو أشتراه للمضاربة لا لنفسه .
* يجب على العامل أن يتقي الله فيما ولي عليه .
باب في شركات الوجوه والأبدان والمفاوضة
أولا – شركة الوجوه :
تعريفها : هي أن يشترك اثنان فأكثر فيما يشتريان بذمتهما ، وما ربحا فهو بينهما على ما شرطاه .
سبب التسمية : لأنها ليس لها رأس مال ، وإنما تبذل فيها الذمم والجاه وثقة التجار بهما فيشتريان ويبيعان بذلك ، ويقتسمان ما يحصل لهما من ربح على حسب الشرط لقوله صلى الله عليه وسلم [ المسلمون على شروطهم ] .
* حكم شركة الوجوه : هذا النوع يشبه شركة العنان ، فأعطي حكمها ، أي جائزة بالإجماع .
كيفية شركة الوجوه :
1- كل واحد من الشريكين وكيل عن صاحبه ، وكفيل عنه بالثمن ، لأن مثل هذا النوع من الشركة على الوكالة والكفالة .
2- مقدار ما يملكه كل واحد منهما من هذه الشركة على حسب الشرط ، من مناصفة أو أقل أو أكثر .
3- يتحمل كل واحد من الخسارة على قدر ما يملك في الشركة ، فمن له نصف الشركة ، فعليه نصف الخسارة ... وهكذا .
4- لكل واحد من الشركاء في شركة الوجوه من الصلاحيات مثل ما للشركاء في شركة العنان .
كيفية توزيع الربح على الشركاء :
يستحق كل من الشركاء من الربح على حسب الشرط من نصف أو ربع أو ثلث وذلك للأسباب الآتية :
1- قد يكون أحدهما قد يكون أوثق وأرغب عند التجار وأبصر بطرق التجارة من الأخر .
2- قد يختلف عمل كل منهما عن الآخر ، فيتطلع إلى زيادة نصيبه في مقابل ذلك ، فيرجع إلى الشرط الجاري بينهما .
ثانياًَ – شركة الأبدان :
تعريفها : هي أن يشترك اثنان فأكثر فيما يكتسبان بأبدانهما .
سميت بذلك : لأن الشركاء بذلوا أبدانهم في الأعمال لتحصل المكاسب ، واشتركوا فيما يحصلون عليه من كسب .
دليل جواز شركة الوجوه :
عن ابن مسعود رضي الله عنه ، قال : " اشتركت أنا وعمار وسعد فيما نصيب يوم بدر ، فجاء سعد بأسيرين ، ولم أجيء أنا وعمار بشيء " قال أحمد " أشرك بينهم النبي صلى الله عليه فدل هذا الحديث على صحة الشركة في مكاسب الأبدان " .
* إذا تم الاتفاق بينهم على ذلك ، فما تقبله أحدهم من عمل ، لزم بقية الشركاء فعله ، فيطالب كل واحد بما تقبله شريكه من أعمال ، لأن هذا هو مقتضاها .
* حكم الشركة إذا اختلفت صنائع المشتركين :
- تصح شركة الأبدان ولو اختلفت صنائع المشتركين ، مثل خياط مع حداد .. وهكذا .
- ولكل واحد منهم أن يطالب بأجرة العمل الذي تقبله هو أو صاحبه .
- يجوز للمستأجر من أحدهم دفع الأجرة إلى أي منهم ، لأن كل واحد منهم كالوكيل عن الآخر ، فما يحصل لهم من العمل أو الأجرة ، فهو مشترك بينهم .
* حكم شركة الأبدان في تملك المُباحات ، كالاحتطاب ، وجمع الثمار المأخوذة من الجبال واستخراج المعادن ( تصح ) .
حكم لو مرض أحد شركاء الأبدان :
1- يكون الكسب الذي يحصل عليه الأخر بينهما ، وذلك للدليل السابق المروي عن ابن مسعود لما جاء سعد بأسيرين وأخفق هو وعمار ، فشرك النبي صلى الله عليه وسلم بينهم .
2- لو طالب الصحيح المريض بأن يقيم مقامه من يعمل ، لزمه ذلك ، لأنهما دخلا على أن يعملا ، فإذا تعذر على أحدهما العمل بنفسه ، لزمه أن يقيم مقامه من يعمل بدلاً عنه ، لتوفيه العقد حقه .
3- لو طالب الصحيح المريض من يقيم مقامه ، فامتنع عن ذلك ، فأن لشريكه أن يفسخ عقد الشركة .
شركة أصحاب الدواب والسيارات :
- إن اشترك أصحاب الدواب أو سيارات على أن يحملوا عليها بالأجرة ، وما حصلوا عليه فهو بينهم ،( صح ذلك ) لأنه نوع من الاكتساب .
- ان دفع دابة أو سيارة لمن يعمل عليها ، وما تحصل من كسب فهو بينهما ( صح ذلك ) .
حكم الشركة باختلاف أدواتهم :
أن اشترك ثلاثة من أحدهم دابة ، ومن الآخر آلة ، ومن الثالث العمل على أن ما تحصل فهو بينهم ( صح ذلك ) .
حكم شركة الدلالين :
تصح شركة الدلالين بينهم إذا كانوا يقومون بالنداء على بيع السلع وعرضها وإحضار الزبون ، وما تحصل ، فهو بينهم .
ثالثا- شركة المفاوضة :
تعريفها : هي أن يفوض كل من الشركاء إلى صاحبه كل تصرف مالي وبدني من أنواع الشركة فهي الجمع بين شركة العنان والمضاربة والوجوه والأبدان ، أو يشتركون في كل ما يثبت لهم وعليهم .
* تصح شركة المفاوضة ، لأنه تجمع أنواع يصح كل منها منفردا ، فيصح إذا جمع مع غيره .
* الربح يوزع في هذه الشركة على ما شرطوا ، ويتحملون من الخسارة على قدر ملك كل واحد منهم من الشركة بالحساب .
باب في أحكام المزارعة والمساقاة
يحتاج الناس إلى المساقاة والمزارعة ، فقد تكون في ملك الإنسان شجر لا يستطيع القيام عليه واستثماره ، أو تكون له أرض زراعية لا يستطيع العمل عليها واستغلالها ، وعند غيره القدرة على العمل وليس في ملكه شجر أو لا يملك ارض ، ومن ثم أبيحت المزارعة والمساقاة لمصلحة الطرفين .
تعريف المساقاة عند الفقهاء :
هي دفع شجر مغروس أو شجر غير مغروس مع أرض إلى من يغرسه فيها ويقوم بسقيه وما يحتاج إليه حتى يثمر ، ويكون للعامل جزء مشاع من ثمر ذلك الشجر والباقي لمالكه .
تعريف المزارعة :
هي دفع أرض لمن يزرعها ، أو دفع أرض وحب لمن يزرعه فيها ويقوم عليه ، بجزء مشاع منه ، والباقي لمالك الأرض .
* قد يكون الجزء المشروط في المساقاة والمزارعة لمالك الأرض أو الشجر والباقي للعامل .
الدليل على جواز المساقاة والمزارعة :
عن ابن عمر رضي الله عنه " أن النبي صلى الله عليه وسلم عامل أهل خيبر بشطر ما يخرج منها من ثمر أو زرع " .
روى مسلم " أن النبي صلى الله عليه وسلم دفع إلى يهود خيبر نخلها وأرضها على أن يعملوها من أموالهم ولهم شطر ثمرها " أي نصفه .
روى الإمام أحمد " أن النبي صلى الله عليه وسلم دفع إلى أهل خيبر أرضها ونخلها مقاسمة على النصف " .
* شروط المساقاة والمزارعة :
1- يشترط لصحة المساقاة أن يكون الشجر المساقى عليه له ثمر يؤكل، فلا يصح على شجر لا ثمر له ، أو له ثمر لا يؤكل ، لأن ذلك غير منصوص عليه .
2- يشترط لصحة المساقاة تقدير نصيب العامل أو المالك بجزء معلوم مشاع من الثمرة ، كالثلث أو الربع ، سواء قل الجزء أو كثر .
شروط لا تصح في المساقاة :
1- لو شرط أحدهما كل الثمرة ، لاختصاصه بالغلة .
2- لو شرط احدهما آصعاً معلومة من الثمرة ، كعشرة آصع ، أو عشرين صاعاً ، لأنه قد لا يحصل إلا ذلك الجزء المشروط ، فيختص به من شرطه دون الآخر .
3- لو شرط له دراهم معينة ، لأنه قد لا يحصل من الغلة ما يساويها .
4- لو شرط أحدهما ثمرة شجرة معينة أو أشجار معينة ، لأنه قد لا يحصل من الشجر غير تلك المعينة ، فيختص بالغلة أحدهما دون الآخر ، أو لا تحمل تلك الشجرة أو الأشجار المعينة ، فيحرم المشروط له من الغلة ، ويحصل الضرر والغرر .
كيفية فسخ عقد المساقاه : الصحيح الذي عليه الجمهور أن المساقاة عقد لازم لا يجوز فسخها إلا برضي الأخر .
* يجب تحديد مدة المساقاة ، ولو طالت ، مع بقاء الشجر .
ما يجب على العامل :
يجب عليه كل ما فيه صلاح الثمرة ، من حرث ، وسقي ، وإزالة ما يضر الشجر والثمرة من الأغصان ، وتلقيح النخل ، وتجفيف الثمر ، وإصلاح مجاري الماء ، وتوزيعه على الشجر .
ما يلزم صاحب الشجر :
يلزم صاحب الشجر ما يحفظ الأصل ( الشجر ) كحفر البئر ، وبناء الحيطان ، وتوفير الماء في البئر ، وتحصيل المواد التي تقوي الأشجار كالسماد ونحو ذلك .
دفع الحب مع الأرض في المزارعة :
1- لا يعتبر دفع الحب مع الأرض شرطاً في صحة المزارعة .
2- لو دفع إلى العامل الأرض فقط ليزرعها ببذر من عنده صح ذلك .
مسميات المزارعة ، والعامل :
المزارعة مشتقة من الزرع ، وتسمى مخابرة ومواكرة ، والعامل يسمى : مزارعاً ومخابراً وموكراً .
دليل جواز المزارعة : الحديث السابق في المساقاه .
الحكمة من مشروعيتها :
أن من الناس من يملك أرضا زراعية ولا يستطيع العمل بفيها ، وفيهم من يستطيع العمل في الزراعة ولا يملك أرضا زراعية ، فاقتضت الحكمة جواز المزارعة ، لينتفع الطرفان .
* اعتبرها شيخ الإسلام ابن تيمية أصل من الإجارة ، لاشتراكهما في المغنم والمغرم ، ويرى ابن القيم أنه في المزارعة أن حصل الزرع ، اشتركا فيه ، وإلا اشتركا في الحرمان .
شرط صحة المزارعة :
بيان مقدار ما للعامل أو لصاحب الأرض من الغلة ، وأن يكون جزءاً مشاعاً منها ، كثلث ما يخرج من الأرض أو ربعه ونحو ذلك ، لأن النبي صلى الله عليه وسلم عامل أهل خيبر بشطر ما يخرج منها ، وإذا عرف نصيب أحدهما ، فالباقي يكون للأخر ، لأن الغلة لهما ، فإذا عين نصيب أحدهما تبين نصيب الأخر .
صور لا تصح فيها المزارعة :
1- لو شرط أحدهما آصع معلومة كعشرة آصع أو زرع ناحية معينة من الأرض والباقي للأخر.
2- لو اشترط صاحب الأرض أن يأخذ مثل بذره ويقتسمان الباقي ، لأنه قد لا يخرج من الأرض إلا ذلك ، فيختص به دون الآخر ، ولحديث رافع بن خديج رضي الله عنه قال : " كراء الأرض بالذهب والفضة لا بأس به ، كان الناس يؤاجرون على عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم على الماذيانات وإقبال الجداول وأشياء من الزرع ، فيهلك هذا ويسلم هذا ، ولم يكن للناس كراء إلا هذا فلذلك زجر عنه " . يعني : النبي صلى الله عليه وسلم نهى عنه لما فيه من الضرر المؤدى إلى التشاجر وأكل أموال الناس بالباطل .
حكم المزارعة المفضية إلى الضرر والجهالة والمشاجرة بين الناس : محرمه
إلى هنا أنتهت في المحاضرة الثانية :) .
|