5- الدكتور رأفت الوزنة : من انبغ الدكاترة واذكاهم وانبههم .درس ببريطانيا وهو ممن (وافق علمه شهادته وهم مجموعة لا بأس بها , ولولا ضيق الوقت لأفردت لهم بابا للثناء عليهم) .مع انه لايبصر وربما عرف الطالب بصوته وميزه من ثاني يوم في الدورة التأهيلية , كما حدث معي, وكنت جالسا في المقدمة واتجاوب معه يوميا , فتأخرت قليلا مرة فدخلت مسلما فرد السلام , وقال تأخرت علينا اليوم .
الرجل حسب علمي يستحق لقب دكتور, ولغته سليمة وعالية , ومفراداته مختارة منتقاة , واسلوبه حسن , ويحسن الانجليزية بطلاقة واضحة .ومنهجه في التدريس قوي يعمد الى شرح فكرة , ثم يدلل عليها ,او يمثل لها ,ثم يسأل الطلاب عنها :
هل فهمتم ياشباب ؟ ام أعيد ؟ هل اترجم بالعربية ؟ وهكذا يشجع الطلاب حتى نطمع فيه , فيظل يترجم بالعربية (وهو فيها فصيح ايضا ) كلما طلبنا ذلك , ثم ينتقل الى موضوع اخر وهكذا .
ونسبة حضور الدورة مفيدة جدا : لأنه لايخرج في الغالب عن الدورة فجميع مايذكره فيها فهو مهم .درست عنده مقدمة في الترجمة قبل عامين وامتعنا بها حقيقة. ومادة الكتابة 216 وهو مبدع في كل مايدرسه .
اما اختباراته وطريقته فيها : ففيها غموض احيانا, بحيث تقرأ السؤال وتقول صح , ثم تقرأه وتقول خطأ !! لكنها جميعا (اختيارات وصح وخطأ) لأنها تناسبه في التصحيح وتسهل عليه لأنه أعمى .
والرجل يعطي ايضا مواد البيسك, خاصة الكتابة , واذا وعد بشي فهو رجل ولا يخلف , لمح لنا ذات يوم بأن البريطانيين يعتمدون على النوع الخامس من المقال essay)) وهو argumentative )) وقال اللبيب بالاشارة يفهم, وفعلا اتى به في الاختبار : هكذا (اكتب مقال بأحد النوعين التاليين وكان من ضمنها ذاك النوع) .
والاسئلة عموما في متناول اليد بشرط المذاكرة والتركيز وحضور الدورة .
وليس الرجل بمخيف او مرعب, كما يذكر عنه وانما الحذر منه واجب ,نوعا ما
ومشكلته انه احيانا مزاجي, فيأتيك باسئلة تافهة جدا, فترى الناس حازوا مائة وكأنهم عباقرة وماهم بعباقرة ولكن الاختبار يسير, ومرة يأتيك باسئلة متوسطة , وفي القليل منها مايستعصي ويلتوي فهمه على الممتحن فيظن من لا علم عنده , أن هذا طبع الدكتور الدائم, وليس الأمر كذلك, فهو محبوب ولطيف جدا (وعنده رأفة وعنده وزن للأمور تماما كاسمه ) . حفظه الله ورعاه .
عندما نزل المطر سمحت الجامعة بعدم الحضور والانصراف وغاب جميع الدكاترة وتفاجأنا بحضور الدكتور فقال له البعض اليوم لم ياتي احد .فقال والله اني من الصباح في الجامعة لانه ياتي من مكة وقرر ان يذهب .
فاستأذنوه في البقاء لشرح الدرس, فما كان منه الا ان استجاب وصعد معهم الى إلى الأعلى , وانا انظر اليه والى سائقه الاندنوسي وهو يقوده , فله منا الشكر والثناء .