تاريخ التسجيل: Nov 2010
التخصص: ؛؛ علــــوــــوم إداريــــــــــــــه ؛؛
نوع الدراسة: إنتساب
المستوى: الثالث
الجنس: أنثى
المشاركات: 5,768
|
رد: يتدارسونـــه بينهم ،،،
ثم قال تعالى: { 222 - 223 } { وَيَسْأَلُونَكَ عَنِ الْمَحِيضِ قُلْ هُوَ أَذًى فَاعْتَزِلُوا النِّسَاءَ فِي الْمَحِيضِ وَلَا تَقْرَبُوهُنَّ حَتَّى يَطْهُرْنَ فَإِذَا تَطَهَّرْنَ فَأْتُوهُنَّ مِنْ حَيْثُ أَمَرَكُمُ اللَّهُ إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ التَّوَّابِينَ وَيُحِبُّ الْمُتَطَهِّرِينَ * نِسَاؤُكُمْ حَرْثٌ لَكُمْ فَأْتُوا حَرْثَكُمْ أَنَّى شِئْتُمْ وَقَدِّمُوا لِأَنْفُسِكُمْ وَاتَّقُوا اللَّهَ وَاعْلَمُوا أَنَّكُمْ مُلَاقُوهُ وَبَشِّرِ الْمُؤْمِنِينَ }
يخبر تعالى عن سؤالهم عن المحيض, وهل تكون المرأة بحالها بعد الحيض, كما كانت قبل ذلك, أم تجتنب مطلقا كما يفعله اليهود؟.
فأخبر تعالى أن الحيض أذى, وإذا كان أذى, فمن الحكمة أن يمنع الله تعالى عباده عن الأذى وحده, ولهذا قال: { فَاعْتَزِلُوا النِّسَاءَ فِي الْمَحِيضِ } أي: مكان الحيض, وهو الوطء في الفرج خاصة, فهذا هو المحرم إجماعا، وتخصيص الاعتزال في المحيض, يدل على أن مباشرة الحائض وملامستها, في غير الوطء في الفرج جائز.
لكن قوله: { وَلَا تَقْرَبُوهُنَّ حَتَّى يَطْهُرْنَ } يدل على أن المباشرة فيما قرب من الفرج, وذلك فيما بين السرة والركبة, ينبغي تركه كما كان النبي صلى الله عليه وسلم إذا أراد أن يباشر امرأته وهي حائض, أمرها أن تتزر, فيباشرها.
وحد هذا الاعتزال وعدم القربان للحُيَّض { حَتَّى يَطْهُرْنَ } أي: ينقطع دمهن, فإذا انقطع الدم, زال المنع الموجود وقت جريانه, الذي كان لحله شرطان, انقطاع الدم, والاغتسال منه.
فلما انقطع الدم, زال الشرط الأول وبقي الثاني, فلهذا قال: { فَإِذَا تَطَهَّرْنَ } أي: اغتسلن { فَأْتُوهُنَّ مِنْ حَيْثُ أَمَرَكُمُ اللَّهُ } أي: في القبل لا في الدبر, لأنه محل الحرث.
وفيه دليل على وجوب الاغتسال للحائض, وأن انقطاع الدم, شرط لصحته.
ولما كان هذا المنع لطفا منه تعالى بعباده, وصيانة عن الأذى قال تعالى: { إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ التَّوَّابِينَ } أي: من ذنوبهم على الدوام { وَيُحِبُّ الْمُتَطَهِّرِينَ } أي: المتنزهين عن الآثام وهذا يشمل التطهر الحسي من الأنجاس والأحداث.
ففيه مشروعية الطهارة مطلقا, لأن الله يحب المتصف بها, ولهذا كانت الطهارة مطلقا, شرطا لصحة الصلاة والطواف, وجواز مس المصحف، ويشمل التطهر المعنوي عن الأخلاق الرذيلة, والصفات القبيحة, والأفعال الخسيسة.
{ نِسَاؤُكُمْ حَرْثٌ لَكُمْ فَأْتُوا حَرْثَكُمْ أَنَّى شِئْتُمْ } مقبلة ومدبرة غير أنه لا يكون إلا في القبل, لكونه موضع الحرث, وهو الموضع الذي يكون منه الولد.
وفيه دليل على تحريم الوطء في الدبر, لأن الله لم يبح إتيان المرأة إلا في الموضع الذي منه الحرث، وقد تكاثرت الأحاديث عن النبي صلى الله عليه وسلم في تحريم ذلك, ولعن فاعله.
{ وَقَدِّمُوا لِأَنْفُسِكُمْ } أي: من التقرب إلى الله بفعل الخيرات, ومن ذلك أن يباشر الرجل امرأته, ويجامعها على وجه القربة والاحتساب, وعلى رجاء تحصيل الذرية الذين ينفع الله بهم.
{ وَاتَّقُوا اللَّهَ } أي: في جميع أحوالكم, كونوا ملازمين لتقوى الله, مستعينين بذلك لعلمكم، { أَنَّكُمْ مُلَاقُوهُ } ومجازيكم على أعمالكم الصالحة وغيرها.
ثم قال: { وَبَشِّرِ الْمُؤْمِنِينَ } لم يذكر المبشر به ليدل على العموم, وأن لهم البشرى في الحياة الدنيا وفي الآخرة، وكل خير واندفاع كل ضير, رتب على الإيمان فهو داخل في هذه البشارة.
وفيها محبة الله للمؤمنين, ومحبة ما يسرهم, واستحباب تنشيطهم وتشويقهم بما أعد الله لهم من الجزاء الدنيوي والأخروي.
{ 224 } { وَلَا تَجْعَلُوا اللَّهَ عُرْضَةً لِأَيْمَانِكُمْ أَنْ تَبَرُّوا وَتَتَّقُوا وَتُصْلِحُوا بَيْنَ النَّاسِ وَاللَّهُ سَمِيعٌ عَلِيمٌ }
المقصود من اليمين، والقسم تعظيم المقسم به, وتأكيد المقسم عليه، وكان الله تعالى قد أمر بحفظ الأيمان, وكان مقتضى ذلك حفظها في كل شيء، ولكن الله تعالى استثنى من ذلك إذا كان البر باليمين, يتضمن ترك ما هو أحب إليه، فنهى عباده أن يجعلوا أيمانهم عرضة, أي: مانعة وحائلة عن أن يبروا: أن يفعلوا خيرا, أو يتقوا شرا, أو يصلحوا بين الناس، فمن حلف على ترك واجب وجب حنثه, وحرم إقامته على يمينه، ومن حلف على ترك مستحب, استحب له الحنث، ومن حلف على فعل محرم, وجب الحنث, أو على فعل مكروه استحب الحنث، وأما المباح فينبغي فيه حفظ اليمين عن الحنث.
ويستدل بهذه الآية على القاعدة المشهورة, أنه " إذا تزاحمت المصالح, قدم أهمها " فهنا تتميم اليمين مصلحة, وامتثال أوامر الله في هذه الأشياء, مصلحة أكبر من ذلك, فقدمت لذلك.
ثم ختم الآية بهذين الاسمين الكريمين فقال: { وَاللَّهُ سَمِيعٌ } أي: لجميع الأصوات { عَلِيمٌ } بالمقاصد والنيات, ومنه سماعه لأقوال الحالفين, وعلمه بمقاصدهم هل هي خير أم شر، وفي ضمن ذلك التحذير من مجازاته, وأن أعمالكم ونياتكم, قد استقر علمها عنده.
{ 225 } ثم قال تعالى: { لَا يُؤَاخِذُكُمُ اللَّهُ بِاللَّغْوِ فِي أَيْمَانِكُمْ وَلَكِنْ يُؤَاخِذُكُمْ بِمَا كَسَبَتْ قُلُوبُكُمْ وَاللَّهُ غَفُورٌ حَلِيمٌ }
أي: لا يؤاخذكم بما يجري على ألسنتكم من الأيمان اللاغية, التي يتكلم بها العبد, من غير قصد منه ولا كسب قلب, ولكنها جرت على لسانه كقول الرجل في عرض كلامه: " لا والله " و " بلى والله " وكحلفه على أمر ماض, يظن صدق نفسه، وإنما المؤاخذة على ما قصده القلب.
وفي هذا دليل على اعتبار المقاصد في الأقوال, كما هي معتبرة في الأفعال.
{ والله غفور } لمن تاب إليه, { حليم } بمن عصاه, حيث لم يعاجله بالعقوبة, بل حلم عنه وستر, وصفح مع قدرته عليه, وكونه بين يديه.
{ 226 - 227 } { لِلَّذِينَ يُؤْلُونَ مِنْ نِسَائِهِمْ تَرَبُّصُ أَرْبَعَةِ أَشْهُرٍ فَإِنْ فَاءُوا فَإِنَّ اللَّهَ غَفُورٌ رَحِيمٌ * وَإِنْ عَزَمُوا الطَّلَاقَ فَإِنَّ اللَّهَ سَمِيعٌ عَلِيمٌ }
وهذا من الأيمان الخاصة بالزوجة, في أمر خاص وهو حلف الزوج على ترك وطء زوجته مطلقا، أو مقيدا، بأقل من أربعة أشهر أو أكثر.
فمن آلى من زوجته خاصة، فإن كان لدون أربعة أشهر, فهذا مثل سائر الأيمان, إن حنث كفر, وإن أتم يمينه, فلا شيء عليه, وليس لزوجته عليه سبيل, لأنه ملكه أربعة أشهر.
وإن كان أبدا, أو مدة تزيد على أربعة أشهر, ضربت له مدة أربعة أشهر من يمينه, إذا طلبت زوجته ذلك, لأنه حق لها، فإذا تمت أمر بالفيئة وهو الوطء، فإن وطئ, فلا شيء عليه إلا كفارة اليمين، وإن امتنع, أجبر على الطلاق, فإن امتنع, طلق عليه الحاكم.
ولكن الفيئة والرجوع إلى زوجته, أحب إلى الله تعالى, ولهذا قال: { فَإِنْ فَاءُوا } أي: رجعوا إلى ما حلفوا على تركه, وهو الوطء. { فَإِنَّ اللَّهَ غَفُورٌ } يغفر لهم ما حصل منهم من الحلف, بسبب رجوعهم. { رَحِيمٌ } حيث جعل لأيمانهم كفارة وتحلة, ولم يجعلها لازمة لهم غير قابلة للانفكاك, ورحيم بهم أيضا, حيث فاءوا إلى زوجاتهم, وحنوا عليهن ورحموهن.
{ وَإِنْ عَزَمُوا الطَّلَاقَ } أي: امتنعوا من الفيئة, فكان ذلك دليلا على رغبتهم عنهن, وعدم إرادتهم لأزواجهم, وهذا لا يكون إلا عزما على الطلاق، فإن حصل هذا الحق الواجب منه مباشرة, وإلا أجبره الحاكم عليه أو قام به.
{ فَإِنَّ اللَّهَ سَمِيعٌ عَلِيمٌ } فيه وعيد وتهديد, لمن يحلف هذا الحلف, ويقصد بذلك المضارة والمشاقة.
ويستدل بهذه الآية على أن الإيلاء, خاص بالزوجة, لقوله: { من نسائهم } وعلى وجوب الوطء في كل أربعة أشهر مرة, لأنه بعد الأربعة, يجبر إما على الوطء, أو على الطلاق, ولا يكون ذلك إلا لتركه واجبا.
|