::] جُـلَّـنـار [::
/
- قرأتها فـ أبدلتْ الهدوء فيني ضَجيجاً. سرتُ عَلى غير هدى ، اصطدمتُ بما حَولي مِن جدران وَ أثاثٍ قَديم. وَعند حنجرة السقف ثمة مشنقة تَتدلى تنير مَا قد بدا لي مظلماً. اتكأت على الطاولة ، من الكتبِ مَا سقط وَ من الدمع مَا انتثر. وَ كيف يَكون كَلامها ؟ العنصر الخَفي ، ادعوه لطافة ، جاذبية ، ضحكة وَ خفة دم. إن كنتم غير مريدين ، حديثها يؤلف أشياءَ شتى ، سيّالُ اللباقة المتدفق مِن شفتيها. وَكيف يَكون صَوتها ؟ النغم المتماوج فِي حِدة الصوت ، خَاماتُ متفاوتة تأذن لكَ السفر إلى شطِّ الطمأنينة. وَكيف يَكون قوامها ؟ سحر الحَركة وَ وسم الإمتياز ، خفة الخصر وَ رشق الإشتهاء. وَ كيف تَكون عينيها ؟ جلال الهيبة وَ قداسة الجمال ، هي المقياس السري الذي يربك الخُطى. وَ كيف يَكون عَقلها ؟ هو الشَرارة التي توقد نَار الفكر ، تضرم النور الذي يجعل الحياة شَفافة. وَكيف يَكون قَلمها ؟ حرفٌ شَائق ، علويْ يحلّ لسان البلاغة.
،
- مَا حَاجتي إلى التعثر ، إلى الكتابة عنها ؟! ، إنني لو أردت لـ انزويت صامتاً. وَلكن من الكلام ما لا ينتهي ، ومن الحرف مَا يوقظ عَاطفة قديمة دون غيرها ، إن له من القدرة مَا يكفي لـ رسم القلب وَ شكل نبضه ، الشفاه وَحدود ثناياها ، الآفاق وَ اتساعها ، الليل وَ مجراته ، النَفس وَ عجائب خَفاياها. يـ إلهي كَيف تنبثق فِي الحروف المجردة الجامدة حَيوات سَريعة متقدة ثائرة بـ هيجان الماضي وَ كل الآت ، أنين الشجن وَ رنين السعادة وَ الظفر ؟! هل عَلى الألفاظِ أن تَهتز كـَ الأوتار كلما تلاقت بي ، تولول غضباً ، وَ تهمس حيناً همساً عجيباً كأنما هو شيءٌ مَا من سحيق الذراري وَ مبهم الآمآل القصوى ؟!
،
- نَهضت. تَوانى الضجيج. ذَهب الليلُ يغطي الأطراف ، وَ بدوتُ أنا رَجُلاً من جديد. أنتِ ، نَعم أنتِ. قلّبتُ شَطر الذكرى وَ غيرت منها كي أنصفك. يـَ غيمة الجو ، مَا ذنبي مَا ذنبي إذا أبطأ الرسول إليك ؟! لعلّ في طريقه ليلى تُسامره ؟! وَ ما ذنبكِ مَا ذنبكِ إذ كنتُ بكِ شَاعراً لا يسجع إلا على نحوٍ حزين ؟! هب أنّ غيمة أخرى تَفجرت مطراً ، مَا ذنب الجو مَا ذنب الجو حينئذ ؟َ! ، هَزتني طرب المَواجع ، وَهل من المواجع مَا يُطرِب ؟! بين هَاتيْكَ الشبابيك ، نورٌ أخذ يتعالى ظليلاً يعكس لمحات وجهكِ الفتان على جدران السورِ الشاهقات. ألم أقل لكِ أني سرتُ بلا هدى أتشارك مَع الأطياف الهاتفات ظلمة غرفتي بـِ أريجِ ذكراكِ الأيّار. أنتِ وَ أنا مَعالي الفراق وَ سمو البعاد وَ بيننا زَهرة جلنار.
::

التعديل الأخير تم بواسطة رغد محمد ; 12-02-2012 الساعة 09:14 PM.
سبب التعديل: }}~ الحُرُوف الآسِرَة للرُّوح كـ أحرُفُك النَّادِرَة تستحِقُّ أكثرُ مِنْ هَذا الوِسَام البَسيط ..~
|