بالأمس واليوم كنت في رابغ لأجل التقديم على وظايف جامعة الملك هناك .. حقيقة فاجأتني رابغ وهي أقرب مدن المملكة تقريبا لجدة ( بعد مكة ) ، فاجأتني بتواضعها وبساطتها . بيد أن هذا التواضع لم يقصر على ملامح المدينة المادية بل تجسد واقعاً ملموساً في أشخاص أحتلوا مناصب ذات شأن في هذه المدينة ، فلقد وجدت قلباً نابضاً بالحب وخشية الله يحتل جسداً يحمل طاقة عالية يرافق عقل ينظر بعين واعية ورؤية ثاقبة .. أنها د.رحمة العلياني وكيلة الجامعة هناك .
كثيرون ممن حضروا لمقر الجامعة لا يعلمون أنها الوكيلة ولو اخبرتي احداهن بذلك لصعب عليه تصديق هذه الحقيقة ..
وكيف تصدق ونحن اعتدنا على رؤية الاشخاص بهذا المنصب يقبعون خلف مكاتب فارهة ، يفصلها عن المواطنين والمراجعين أبواب عديدة مؤصدة ..
انها رحمة العلياني تلك المسئولة التي تقف عند بوابة الخروج جنباً إلى جنب مع حارسات الأمن تودع وتستقبل الجميع بابتسامة تملوها المحبة ، تجول في الممرات لتتأكد من ان الجميع في افضل حال ..
لا يخلو موعد لمراجعة أو مفاضلة من وجود نقص في الاوراق لدى بعض المتقدمين ، وفي هذه الجامعة كان الجميع ممن وضعوا في هذا الموقف يتوجه إليها يبحث عن حل لمشكلته فلا تلبث ان تبادرة بمجموعة من المقترحات التي تسهم قبل كل شيء في طمئنته وإراحته .
هذا مختصر لما رأيته بأم عيني فكيف إذا استمعتم إلى ما حدثتني به إحدى الموظفات المستجدات في هذا المكان والتي لم يمضي على وجودها أكثر من 3 أسابيع فقط !!؟؟
تقول : ( بحياتي لم يمر علي مثل هذه الانسانة تعامل الجميع بحب بالغ واحترام شديد ، فعندما تم قبولي هنا بادرتني بالتحية والمباركة ولم اتكلف حتى بالوقوف حينها فلم يخطر ببالي للحظة ان هذه البساطة ولين العبارة والبعد عن الرسمية يصدر من " وكيلة الكلية " ، قبل مجيئكم كانت توصينا بالرفق واللين معكن ملتمسة لكن العذر في كل ما قد يصدر عنكن نتيجة لضغط الاختبار ...) واخذت هذه الموظفة تتذكر كيف انه في احد الايام منعن حارسات الامن فتاتين من الدخول ثم اكتشفوا بعد ذلك انهن بنات الدكتورة ، فتوجهوا لها معتذرات فما كان منها غير أن قالت :( هذا عمل ولا عتب فيه ) .
إذا كانت شعوب العالم تتطالب بإسقط انظمة واقامة انظمة اخرى فنحن لا نريد سوى ان يستمر القادة الذين هم من نموذج ( رحمة العلياني ) في مناصبهم وان يكونوا قدوة لغيرهم ..
لا املك في الختام سوى الدعاء لها ولكل من هم بشاكلتها ان ييسر الله لهم امورهم ويرزقهم برفيع الدرجات في الاخرة ، كما ارجو من كل من حضرت الى مقر الجامعة واستطاعت ان تتعرف على هذه الشخصية ان تدون رايها دعماً هنا لهذا النموذج القيادي الانساني ودعوة لانتشاره .