| 
				 خلف الطاولة 
 
 
خلف الطاولة 
 
 
 
 خلف طاولة بمقهى الحي أخذت أتأمل عمود البخار المنبعث من فنجان قهوة الصباح .
 
 يتصاعد متمايلا يتحايل قصد بلوغ المرام .
 
 خاطبته بتحية رقيقة وابتسامة المجاملة . فلم يأبه بما فعلت .
 
 حاولت اعتراض سبيله ، فانحنى وراوغ وعاد لاستئناف طريقه
 
 عبر المسام .
 
 كتمت أنفاسه بإحكام إغلاق الفنجان .
 
 فتروى وتمهل لينطلق بعدها بعزيمة وإصرار .
 
 مزمجرا مخترقا عنان الفضاء .
 
 إنه عنيد صبور .
 مادام يسمعني فلا أبالي .
 
 أيدري أنه أثار إعجابي بصموده وعزيمته ؟
 
 رسم لنفسه خطا فالتزمه ، وقصد هدفا فآلى على نفسه بلوغه .
 
 ليتني أستفيد من نهجه ، وأحدو حدو مثابرته وجلده وصموده .
 
 أراني مجرد متخبط بلا تصور محدد للحياة .
 
 أجوب سبيلي تائها مستسلما للحظات ضعفي .
 
 أصوغ بقولي وفعلي نمطا يجعل العصيان واقعا مبررا ،
 
 والعصاة أبطالا بررة ، والمروق لذة مستصاغة مألوفة .
 
 لا أخفي بأن رؤيتي للكون كادت تصطبغ بالسواد ،
 
 ورفقتي لعترتي مهددة بالهجر والانفصام والبعاد .
 
 بعد هنيهة اختفى بخار الفنجان وتوارى ،
 
 وكأنه استوعب مقالتي .
 
 وحملها بحرص وأمانة نحو أكوان السماء .
 
 أو استثقل بثي فآثر الوجوم والاختفاء .
 
 أو لعله مجرد رمز يحاكي أشجان روحي ،
 
 وتجربة وجدان امتطت أبخرة شلال من الشوق الخالص
 
 إلى التحرر والانعتاق .
 
 
 تصاعدت أعلامها وانبعثت من قلب مكلوم
 
 لتنشر في فضاء الكون آهات الصباح وتأوهات المساء .
 
			
			
			
			
				  |