إن كل عمل من شأنه أن يعطل إقامة الحدود فهو تعطيل لأحكام الله ومحاربة له لأن ذلك من شأنه إقرار المنكر وإشاعة الشر. إنه يُحرم أن يشفع أحدٌ أو يعمل على تعطيل حدٍّ من حدود الله، لأن في ذلك تفويتاً لمصلحة محققة، وإغراء بارتكاب الجنايات، ورضاً بإفلات المجرم من تَبِعات جُرمه. إنه لا يجوز أن يصل الأمر للقاضي، ثم يأتي من يريد أن يشفع في القضية، لأن هذا يصرف القاضي عن وظيفته الأولى ويفتح الباب لتعطيل الحدود. كم من الظلم يحصل بسبب تدخل بعض الجهات في وظائف القضاة. روى الإمام أحمد وأهل السنن من حديث صفوان بن أمية أن النبي قال لما أراد أن يقـطع الذي سرق رداءه فشفع فيه فقال: ((هلا كان قبل أن تأتيني به)).
إن شمول دين الله جل وعلا، وكماله وعدالته، أنه يأمر بالستر على العصاة والمجرمين أحياناً، والإسلام لا يقيم الحدود إلا إذا ثبتت وظهر أمرها واستفحل خطرها، لكن ما دام في القضية شبهة، فإن الحدود تُدرأ بالشبهات وما دام الأمر لم يصل للسلطان أو القاضي، فإن الستر والتوبة ممكنة.