[* تركي *]

( الوَرقة النادرة )

،

/

قِطارٌ بِلا رُكاب ، يُزاحم الجِبال ،’
يشرد بـِ صَفيرهِ أسرابُ الحَمام ،’
يَشقُ بـِ دخانهِ أَعالِي الغمام ،’
طَريقهُ بِلا انتهاء ، فِي دائِرةٍ صَمّاء ،’
يَتبنى صَوتُه صَدى الوديان ،’
هَذيانٌ بِلا كَلام ،’
صَداهُ نَذيرَ شؤومٍ يَهز الأقدام ،’
فـَ تغدو أَقدامٌ بِلا خَطوات ،’
مِن ذاكَ القِطار ، تَهادت ورقةٌ ،’
وَ سَقطت بـِ عنفوان ،’
مُبعثرةً بـِ ذلك جَدائِلُ المَاء وَ غديرُ الوديان ،’
ضَربٌ مِن الفسطاط قُربَ مَنزلةِ الأنهار ،’
خَرجت فَتاة بَسيطةُ الحال مهترئة الثياب ،’
حَملت الوَرقة بـِ شَغبِ الأطفال ،’
لَونتها ، رَسمت عَليها نَجماتٌ ضَاحكات ،’
وَ تَمتمت بـِ أمنيةٍ مِن دُنيا الأحلام ،’
ضَآعت حروف الورقة وَ اندثرت بينَ أمآني البؤساء ،’
رَمتها على الأطلال ، قُربَ رغيفٍ أَيبسته الأيام ،’

،

نَجماتٌ ضَآحكات تومضُ بـِ استمرار ،’
وَ كَلماتٌ مَدفونة ، لآ تُمحى بـِ اندثار ،’
ذاتَ يومٍ هَدرَ الرعد بـِ قوةٍ وَ اقتدار ،’
وَ السماءُ خَلفَ السحابِ بَدت فِي استتآر ،’
تَعضُ عَلى شفاهِ النجمات قَطراتُ الأمطار ،’
تَوقفَ المَطرُ بَعد سَاعاتٍ مِن الإنسكاب ،’
السماءُ صَآفيةٌ باسمة بـِ ألوانٍ آخذآت ،’
وَ النباتُ أَينعَ بـِ لُبِ الثِمار ،’
أما ورقةُ القطار المشؤوم ،’
بَدت بـِ حلةٍ أبهى مِن العقدِ فِي العنقاءِ ،’
وَ أحلى مِن الحِسانِ فِي الأعياد ،’
تَجلت حروفها مِن خلفِ نَجماتٍ ضآحكآت ،’
فـَ كان قَد كُتبِ عَليها :

( فِي يومٍ مِن الأزمان ،’
وَ مكانٍ مِن أقاصِي الجنان ،’
ذات صَباحٍ جميلُ الإشراق ،’
وَ وردٌ عَذراءُ البَتلات ،’
تَجسدت روحٌ فِي ديرِ الجمان ،’
بـِ مَلامحٍ يَآسمينية كـَ ملكِ الزمان ،’
فَضت مَسيرةُ الظَلام ، الظلمِ وَ الهوان ،’
وَبعثت بـِ ضوءٍ يَشقُ الديار ،’
حَكمت بينَ الناسِ عَدلاً وَ قِسطاً ،’
وَ سَآرت فيهم بـِ أخلاقٍ تُذهل الألباب ،’
وَ تُبهر القلوب القاسيات ،’
طافت بـِ جذورِ أمنِ يعم الأجواء ،’
وَ غَرستها فِي تربةِ العابسين الأشقياء ،’
تَجلت عَلاماتٌ خيرٍ وَ استحسان ،’
أخرست بينَ الناس الأكاذيب الهوجاء ،’
وَغَردت إليهم لحنٍ الصدقِ الرقراق ،’
نَفضت عَنهم رآئِحةُ الخبث المُقيت ،’
وَ عَبقت حَولهم بـِ أريجٍ طيبٍ يبعثُ الحيآة ،’
تَجلت عَلاماتٌ خيرٍ وَ استحسان ،’
دَعت إِلى كُلِ فَضيلةٍ عَلياء ،’
وَ نَهت عَن كلِ رَذيلةٍ حَمقاء ،’
عَرجت بـِ الرُقي عَنان السَماء ،’
وَ أخذت بـِ الإنحطاط نحو غورِ البحار ،’
تَهادت بـِ الحُسنى حَقاً وَ رِفعاً ،’
أَهدت ديارُ الأشقياء مَكارمُ الأتقياء ،’
تَجلت عَلاماتٌ خيرٍ وَ استحسان ،’
ذَهبت روح الجنان ،’
بَعد أن أَصَّلت فينا حُبَ العلياء ،’
وَ عَلمتنا مَكرمةُ الشرفاء وَ فضائِلُ الأخلاق ،’
ذَهبت وَ لكنها لآ زآلت توحي إلينا بـِ خِصلةُ الخير ،’
البَسماتٌ حِينَ الصَباحِ وَ المساء ،’
وَ الصدقُ حِينَ السراءِ وَ الضراء ،’
وَ الأمانةُ حِينَ السٍّرِ وَ العلانية ،’
وَ الإحسان فِي كل شيء ، وَ كل شيء ،’
فـَ مَن يَبتغي عَظمة الشأن وَ صَفاءِ القلب ،’
فـَ لُيجدد جوانحه بـِ غذاءِ الأرواح ،’
صِفاتٌ حِسان وَ أخلاقٌ كِرام )

،

يُقال أن تِلكَ الروح النَقية الطآهرة ،’
اختفت فِي إِحدى بَساتينِ تلك الديار ،’
صُفدت الأقفال ، وَ أُغلقت الأبواب ،’
فـَ أَصبحَ مكانٌ مَهجور وَ لكن بـِ عمقه ،’
حياةٌ نابضة وَ روحٍ كامنة ،’
إنها روح التعامل الراقي ، عُملة نادرة ،’
وَ سط زمنٍ شاب مِن سيئاتِ الناس ،’
مَتى ما سَكنتنا مَتى ما جَمعنا الأضداد ،’
ضُعف وَ لكن بـِ قوة ،’
تواضعٌ وَ لكن بـِ شموخ ،’
وَ مِن القليلِ تَجني الكَثير ،’



\




::