ما أحلى رمضان
مع المسلسلات والأفلام والأغاني والمسرحيات
والفيديو كليب والرقص والطرب والخيمات الرمضانية
عنوان اخترته عن عمد، لأنه أصبح الحال الحقيقي لأمة تدعي الإسلام وتقول بإسلامها، وعندما تشن حرب على مدينة فلسطينية أو تدنس المقدسات الإسلامية، أو يقتل أطفال ورجال ونساء المسلمين، تثور هذه الأمة ثورتها الكاذبة، ثورة ما هي إلا كفقاعة الصابون التي تقوم لسويعات أو أقل ثم تكون (بح) أي لا شيء، وخير دليل على ذلك، تلك المقاطعة الدانماركية التي اضمحلت وكأن شيئاً ماكان، وتلك الثورة التي قامت من أجل سفينة الحرية، فلم تقدم ولم تؤخر شيء، وتلك المظاهرات التي خرجت عندما حل ما حل في غزة ثم كان بالمقابل بيع الغاز لإسرائيل بأسعار أقل من بيعه للمواطن المصري العربي. وتلك الأكاذيب التي تدعي بمقاطعة قطر لإسرائيل وبالمقابل لا يزال أبواب المكتب التجاري في الدوحة يعمل بشكل طبيعي بل وتضخ منتجاته للمدن القطرية ويشتريها المواطن القطري بلا تردد. وتلك التظاهرات التي خرجت مراراً بعد إحتلال العراق ثم كانت وكأن لم تكن وبقي الإحتلال جاثماً وبقي النفط العراقي يسرق وينهب ويباع بأبخس الأثمان بأيادٍ أمريكية. وغير ذلك الكثير الذي يثبت ويؤكد أننا مجرد فقاعات صابون لا يرتقِ لأن يكون صابون لوكس، بل صابون ذو الـ(6 حبات بثلاثة ريال).
إنها نظرة ليست بالتشاؤمية قطـ والتي قد يقال بأنني أنظر بها لحال أمتي العربية والإسلامية، بل هي نظرة تشخيصية لحال الأمة ولا استثنِ منها أحداً. وما أصعب قول الحقيقة.
فهذا هو حال رمضان الحديث، رمضان المتطور، رمضان المودرن، رمضان الحداثة والتقدم مع روتانا (سينما مش حتقدر تغمض عينيك) التي يملكها مسلم، وإم بي سي (وناسه وبس) التي يملكها مسلم، وميلودي والكويتية ودبي والمصرية والأردنية والسورية والسعودية والمغربية والقطرية و و و و و و الخ. وهذا ما جُهز لكم أيها المسلمون لـ(تنبسطوا، وتروقوا وتريحوا ظهوركم من قيام التراويح والتهجد، وتريحوا عيونكم من النظر إلى القرآن الكريم، وترتاحوا دوي قراءة كتاب الله) نستغفر الله تعالى ونتوب إليه. ثم ليكون صيامكم، صيام (مودرن) صيام الحداثة والتحضر، صيام مع (مسلسل أزمة سكر / مسلسل ألف لمبي ولمبي / مسلسل أهل الراية ج2 / مسلسل أيام الحب والشقاوة / مسلسل اغتيال شمس / مسلسل زهرة وأزواجها الخمسة / مسلسل العار / مسلسل باب الحارة ج5 / مسلسل 37 درجة مئوية ج2 / مسلسل أميمة في دار الأيتام / مسلسل أحلام سعيد / مسلسل العنيدة / مسلسل امرأة سيئة السمعة / مسلسل امرأة في ورطة / مسلسل تخت شرقي / مسلسل ريش نعام ......الخ) وأخرى (والله لم أستطع أن أحصيها من كثرتها، فذكرت لكم ما ذكرت على سبيل المثال وليس الحصر)، وكل ذلك من أجل راحتكم أيها المسلمون.
فبدلاً من القيام لله وإتعاب ظهرك وأقدامك من الوقوف في صلاة التراويح أو صلاة التهجد (طبعاً نحن نعني من يصلي وتصلي ذلك فعلياً، وليس من تذهب إلى المسجد بالـ(فل ميكب Full Makeup) جعلتها بالإنجليزي محاولة مني أن أكون متحضراً كما يقول البعض ولا يقال عني رجعي يااااااااااااي ... أوه سوري فريندز)، جعل لكم أهل التحضر والتمدن والتفلسف بالحديث باللغة الإنجليزية والذي اعتقدوا بأنهم بإلقائهم لغة القرآن ورظهورهم فغن ذلك هو التحدث والتحضر، ولا يعرفون أن ذلك هو الإمعية بعينها. كل تلك وغيرها بالعشرات، وكل المطلوب منك أيها المسلم بالإسم، أيتها المسلمة بالإسم، هو الإسترخاء على الأريكة، وجوارك كوب الشاهي أو القهوة أو الكابوتشينو، المعسل يقرقع إلى جوارك، وبيدك البي بي (BB) وباليد الأخرى ريموت الريسيفر، وأمامك شاشة التلفزيون البلازما 90 ألف بوصه، ثم مشاهدة ما لذ وطاب وصيغ بعجب عجاب من النساء والعري والقبلات والرقصات في مسلسلات لا حصر لها، والتمتع بمشاهدة (................. بين رجل وامرأة) ومشاهدة (............. النساء) كلمات حذفت عن عمد والمعنى في قلب الشاعر.
وبدلاً من أن تناجي نفسك رباً كريماً في شهر كريم، جعلك هؤلاء تناجي وتترنم مع كل هؤلاء النساء والرجال في تلك المسلسلات، وتلك الفيديوكليبات التي بات لا يسمع ضجيجها - بالذات - إلا عند مآذن الصلوات الخمس والتراويح والتهجد. بل وتتفاعل معهم وتنتظر قصتهم التي سيواصل روايتها لك في اليوم التالي، ولتجعل حواراتك مع من حولك بدلاً أن تكون (ماذا قال الله تعالى في كتابه، وماذا عنى حديث رسوله صلى الله عليه وسلم، وماذا قال الشافعي والحنبلي وغيرهم في الفقه، وماذا حدث في غزوة بدر، وماذا يستفاد من اية الكريمة، وماذا وماذا وماذا) جعلوه لك: ماذا قالت فلانه لفلان في مسلسل كذا وكذا؟ وماذا تتوقع من فلانه أن تفعل مع فلانه في مسلسل كذا وكذا؟ وماذا تعتقد أن يفعل فلان بفلان من أجل فلانه في مسلسل كذا وكذا؟ وغيرها الكثير.
ثم نقول بعد ذلك كله ... لماذا نحن مستضعفون؟ لماذا تسيطر علينا ستة ملايين يهودي إسرائيلي نجس ونحن ألف وخمسمائة مليون مسلم؟ لماذا لا يكف الغرب عن إنتهاك حرماتنا ومحاولة المساس بمقدساتنا؟ لماذا نعيش في حر وصلت حرارته إلى 60 درجة؟ لماذا لا نتطور ونتقدم، وبالطبع نلقي باللوم على الحكومات (((فقط))) ونبرأ أنفسنا من كل شيء؟ لماذا كثرت الرشاوى وتعقيد سير المعاملات في طريق كل مواطن؟ لماذا ارتفعت أسعار المواد الغذائية ولم تتدخل وزارة التجارة؟ لماذا ارتفعت أسعار الحديد والإسمنت ولم تتدخل الوزارة المختصة في ذلك؟ لماذا وصلت الخدمات الصحية إلى هذا التردي ولم تحرك وزارة الصحة ساكناً؟ لماذا لماذا لماذا؟ واللماذات كثير. وننسى - وينسى أصحاب القنوات وملاكها - قوله تعالى (وَلَا تَكُونُوا كَالَّذِينَ نَسُوا اللَّهَ فَأَنْسَاهُمْ أَنْفُسَهُمْ أُولَئِكَ هُمُ الْفَاسِقُونَ). وقوله تعالى جل في علاه (اتَّخَذُوا أَيْمَانَهُمْ جُنَّةً فَصَدُّوا عَنْ سَبِيلِ اللَّهِ فَلَهُمْ عَذَابٌ مُهِينٌ (-) لَنْ تُغْنِيَ عَنْهُمْ أَمْوَالُهُمْ وَلَا أَوْلَادُهُمْ مِنَ اللَّهِ شَيْئًا أُولَئِكَ أَصْحَابُ النَّارِ هُمْ فِيهَا خَالِدُونَ (-) يَوْمَ يَبْعَثُهُمُ اللَّهُ جَمِيعًا فَيَحْلِفُونَ لَهُ كَمَا يَحْلِفُونَ لَكُمْ وَيَحْسَبُونَ أَنَّهُمْ عَلَى شَيْءٍ أَلَا إِنَّهُمْ هُمُ الْكَاذِبُونَ (-) اسْتَحْوَذَ عَلَيْهِمُ الشَّيْطَانُ فَأَنْسَاهُمْ ذِكْرَ اللَّهِ أُولَئِكَ حِزْبُ الشَّيْطَانِ أَلَا إِنَّ حِزْبَ الشَّيْطَانِ هُمُ الْخَاسِرُونَ) صدق الله العظيم. ثم ننسى بيت الآخرة الذي لا ندري متى سنأوي إليه.
بالحق ذكرني حالنا بقول الشاعر الذي يستحق أن يصنع لهم تمثالاً من الماس، ويكتب اسمه مجسماً بالذهب، وتدرس قصائده في مراحل الدكتوراه، إذ قال: (يا أمة ضحكت من جهلها الأمم) ونقول: إلا من رحم الله منهم فعرف معنى أن يكون مسلماً ومعنى أن تكون مسلمة.
اللهم إليك نشكو أمة نست إسلامها، وادعت الإسلام وهي التي انسلخت منه عن عمد وقصد ثم صدت عن سبيلك. اللهم فاهد عبادك وأصلح شأنهم وردهم إليك رداً جميلاً، واجعل كيد من يريدهم بسوء في نحره وأعذنا وإياهم من شره. آمين.
حسان الطيار