رئيسة العمري: رحل الجسد وبقي العطاء
(إنا لله وإنا إليه راجعون)، لله ما أخذ ولله ما أعطى وكل شيء عنده بأجل مسمى.. إن العين لتدمع وإن القلب ليحزن ولا نقول إلا ما يرضي ربنا..) كلمات تفيض بمعاني الصبر وأحاسيس الاحتساب وصريح الرضى بالمقدور نظل نرددها ونحن نواسي بها مكلوماً فجع بفقد عزيز عليه فنسارع بسكبها على مسامعه لجبر كسر فراقه، ولتخفيف ألم مصابه، لكنها باتت الآن تحمل معاني أخرى، فنحن من يرددها لأننا المكلومون بفقد عزيز، فلكل جملة منها وقعها الذي ندركه ونحن نرددها وكأننا نقولها لأول مرة. كيف لا! ونحن نرددها استسلاماً لأمر الله وقضائه، وإيماناً بقدره وحكمته، وتطييباً لقلوبنا المفجوعة في فقد أخت عزيزة ومعلمة غالية هي: د. رئيسة أحمد العمري، الأستاذ المساعد بقسم الدراسات الإسلامية - تخصص أصول الفقه بكلية التربية للبنات التابعة لجامعة الملك عبدالعزيز بجدة رحمها الله رحمة واسعة. شرفت بأن درستني رحمها الله مادة السيرة النبوية فكانت متميزة بكل معنى الكلمة. واستمر شغفنا للقاءاتها ودروسها حتى بعد انتهاء دراسة المادة من خلال لقاءات كانت تعقدها على فترات متلاحقة في مصلى الكلية تسارع خطواتنا كلما قرأنا إعلاناً عن محاضرة لها.. نشق صفوف زحام حضورها لنكون بقربها. كانت رحمها الله ولا زالت محافطة بحب ومودة طالباتها، واحترامهن وتقديرهن لشخصها لما غرسته في قلوبهن من مواقف وأحداث سقتها بتميز معاملتها لهن ورقي أخلاقها معهن طيلة مسيرتها العملية في مدة تربو على سبعة عشر عاماً في رحاب الكلية. هكذا كانت قبل أن أشاطرها الانتماء لذات القسم.. فلما أكرمني الله بشرف ذلك ازداد إجلالي لها.. فقد حملت رحمها لله قدراً عظيماً من نبل الصفات ومكارم الأخلاق، وتحلت بحسن سمت يحكي ما كانت عليه من أدب جم، وتميزت بجليل هدوء يُشعر بما اكرمها الله بن من الحكمة، واكتست بعظيم تواضع ينبئ بما كانت عليه من علو ورفعة.. رحلت رحمها الله بعد أن تركت من العلم النافع -بإذن الله-: بحثاً في تحقيق ودراسة جزء من كتاب (شرح مختصر ابن الحاجب في أصول الفقه) من تصنيف: بهرام بن عبدالله الدميري وهو أطروحتها لمرحلة الدكتوراه، وبحثاً آخر بعنوان: (اجتهاد الصحابة رضي الله عنهم) كان رسالتها لمرحلة الماجستير، كما كان لها من الأبحاث أيضاً: بحث علمي في (قاعدة سد الذرائع)، وآخر في (بعض آيات الأحكام في سورة النور)، يضاف إلى ما تقدم مئات المحاضرات في عدد من المقررات الدراسية في قسم الدراسات الإسلامية، وعشرات المحاضرات في مصلى الكلية وسكن الطالبات، وبعض المحاضرات التوعوية ببعض مستشفيات مدينة جدة، وكما لا يستهان به من المشاركات في جملة من الأنشطة. اسأل الله تعالى أن يرحمها وأن يسبل عليها من فضله وكرمه وجوده وإحسان.
د. أسماء بنت داود العلواني