
لغة ( الصمت ) هي اللغة التي توحّدت داخلي وهي التي أخرجتني من عالم الواقع
إلى عالم التأمّل والخيال الدائم
هي التي جعلتني أقاوم رغباتي ونزواتي
وهي التي علّمتني أن لكل شي نهاية
قيّدتني كالمسجون بين آلاف السجناء
وحرّرتني من واقع الألم والحزن والعناء
هي التي أستنجد بها في أزماتي و آلامي
هي من تساندني لأقف مرّة أخرى على قدمي
التي أُهلكت من كثر وقوعها
تصفعني لكي أستيقظ من غفلتي
و هي التي تجعلني أستوعب صدماتي
سلاحي و درعي في جميع حالاتي
صمتي هو من ينقذني دوما حينما أكون غريقا
عائما بين أنياب القروش المفترسة
هو من يسعفني عندما أكون مخنوقا و مذعورا
يكون عندها الهواء لي والحضن الآمن لجسدي
لولا الله ثم أنت أيها الصمت
لكنت الآن هالك القوى ضعيف الحيلة
أشكو إلى الناس ذلّي وهواني
إنّي أعزفك أنغام حارت موسيقاها
أنت ضميري الحي حينما أرتكب خطئا فادحا
تصحو لتوقظني من غفلتي الساذجة
لتنير ظلامي وترشدني إلى الطريق الصحيح
أنت القلب الحنون الذي لطالما سهر على راحتي
وأنت الحضن الدافئ الذي يسعى ويكدّ لأجلي
وأنت عصافير قلبي التي تشدو كل صباح
لتجعل صبحي في أجمل ساعاته
و تطرب كل من حولي بلحنك الشجّي
يا دولة لا عيش بها سوى ( الصامتون )
الذين لا يسأمون ترداد هذه الكلمة
لكنّي لا أملكه الآن لأنّه وبكل بساطة
سُلب منّي ( أٌخذ ) غصب عنّي
حكم القدر في روحي المرهونة
سئمت الجلوس ها هنا صبح مساء
لقد أفرغت شحناتي الصامتة هنا الليلة
ولكّني لم أزل أحمل بعض من المشاعر التي
مشاعر لا أستطيع أن أبوح بها لأي كان
يتسلل الخوف إلى قلبي مرة أخرى
و يسدل الليل ستاره على أوتار قلبي
و يُسمع صوت نبض أهلكه السهر وأضناه
و عيناي تورّمتا من الشاشة
هذا الكمّ الهائل من المشاعر المتدفّقة
التي تسير عكس التيّار وتأخذ كل من يحاول الاقتراب منها
وتلك النيران التي تتوقّد داخلي
لقد شعرت بلهيب حرارتها وسعيرها الحارق
لقد أخمد الفكر وجفّت الصحف
وسالت الدماء كما يسيل الماء من على سفح الجبل
إنني ضحيّة زمن لا يعرف الرحمة
رفعت الأقلام أيها ( الصامتون )
كونوا صامتين حتى يكون العالم لكم ( حزين )
أدمنوا لغتي لكي تصبحوا في ( عداد الموتى )
/
